الرئيسية / صحة ورياضة / *الخنّاق الصدري المُستقرّ: كيفية إختيار طُرق العلاج والوقاية الأوّلية والثانوية*    امراض القلب والشرايين في لبنان والعالم في العام 2022  (الجزء الثالث عشر)

*الخنّاق الصدري المُستقرّ: كيفية إختيار طُرق العلاج والوقاية الأوّلية والثانوية*    امراض القلب والشرايين في لبنان والعالم في العام 2022  (الجزء الثالث عشر)

*الخنّاق الصدري المُستقرّ: كيفية إختيار طُرق العلاج والوقاية الأوّلية والثانوية*

امراض القلب والشرايين في لبنان والعالم في العام 2022

(الجزء الثالث عشر)

 

بعد أن عرضنا في الأجزاء السابقة من هذا الملف تعريف الخنّاق الصدري المُستقرّ، اسبابه، اعراضه، طرق تشخيصه والتعرّف عليه، طُرق وكيفية علاجه وما هي السُبل المتوفرّة أمامنا في سبيل تحقيق افضل نوعية حياة للمريض ولإطالة امد بقائه على قيد الحياة، نستكمل في هذا الجزء الحديث عن كيفية إختيار نوع العلاج المُناسب للمريض الذي يُعاني من مرض الخنّاق الصدري المُستقرّ، ونغوص تفصيلياً في عرض طُرق الوقاية الأوّلية والثانوية المُتاحة لمنع تطوّره ومعاودة تكرار اعراضه.

 

١- *كيفية إختيار نوع العلاج* :

كما سنشرح لاحقاً في هذه السلسلة من المقالات المُخصّصة للحديث عن واقع امراض القلب والشرايين في لبنان والعالم في العام 2023، فإنّ العلاج بواسطة التقنيات التدخّلية للقلب هو الخيار الأمثل عند المرضى الذين يعانون من أزمة أو حادث تاجي حادّ (Acute coronary syndrome), بحيث أن ذلك يفتح الشريان مُباشرة ويسمح بإنقاذ حياة خلايا العضلة القلبية المُهدّدة بالموت في حال استمرار الإنسداد الشرياني لفترة طويلة. في المُقابل، وفي حالة الخنّاق الصدري المُستقرّ تختلف النتائج بين الجراحة والتقنيات التدخّلية حسب خصائص الإنسدادات الموجودة عند المريض وحسب عوامل الخطورة والعمر ووجود مرض السكري أو لا، وذلك بحسب دراسات كثيرة في هذا المجال من أهمها دراسة (Syntax) ودراسة (BARI 2 D). وفي البداية لا بدّ لنا من الإشارة كما ذكرنا في الجزء السابق من هذا الملف الى انّ الأمور آخذة في التغيير في هذا المجال على ضوء دراستين اساسيتين. الأولى هي دراسة (Courage)، التي نُشرت

في العام 2007-2008، والتي اظهرت ان العلاج التدخّلي بواسطة تقنيات البالون والروسور لا يُودّي الى إطالة عمر المريض والى نتائج افضل على المدى البعيد، بالمقارنة مع العلاج الدوائي المُناسب والمتشدّد، بحيث ان اللجوء الى العلاج التدخّلي بالإضافة الى العلاج الدوائي المناسب لا يغيّر كثيراً من مُستبقل المرضى الذين إعتُمدوا هذا العلاج الإضافي عند وجود إنسدادات مُهمّة في الشرايين التاجية للقلب.

أما الدراسة الثانية المُهمّة والتي اكّدت ما كانت الدراسة الأولى قد اظهرته، هي دراسة (ISCHEMIA)، التي نُشرت في العام 2019، والتي اظهرت ان العلاج التدخّلي و/ او الجراحي عند المرضى الذين يُعانون من مرض تصلّب الشرايين التاجية المُزمن مع وجود خنّاق صدري مُستقرّ، لا يُعطي نتائج افضل من العلاج الدوائي المُتشدّد الأمثل لهؤلاء المرضى. ولذلك فقد تنقلب التوصيات رأساً على عقب في ضوء نتائج هاتين الدراستين بحيث ان الأمور قد تتجه نحو التوصية بإعتماد العلاج الدوائي المُتشدّد والمُناسب لحالة المريض في البداية (إلا في حالة وجود إنسداد مُهم على الشريان الكبير الأيسر حتى اليوم)، وبحيث يُصار لاحقاً الى إعتماد العلاج التدخّلي او الجراحي، فقط في حال فشل العلاج الدوائي في مُراقبة ومنع حصول الأعراض المرضية عند المريض (إستمرار حصول نوبات الم صدري بشكلٍ مُتكرّر ومُزعج للمريض).

وبإنتظار صدور توصيات علمية جديدة في هذا المجال وبالعودة الى كيفية إختيار العلاج المناسب للمريض، فإننا سنورد فيما يلي ما هو واقع الأمور حالياً. وعلى سبيل المثال لا الحصر مثلاً، فإن عناصر القرار المُهمة التي ستجعلنا نختار هذه الطريقة العلاجية او تلك، هي نوع ومكان الإنسدادات مثلاً، بحيث أنه إذا كان المريض يُعاني فقط من إنسدادات على الشرايين الأخرى للقلب دون إصابة في الشريان الأمامي (Left anterior descending artery)، وهو الشريان الذي يُغذّي القسم الأكبر من عضلة القلب الأيسر، فإن العلاج التدخّلي يكون أفضل من الجراحة. أما إذا كانت الإنسدادات تطال الشرايين التاجية الثلاثة بما فيها الشريان الأمامي النازل، فإن كلا الطريقتين مُمكنتين. لكن الجراحة أفضل بكثير من العلاج التدخّلي في حال كان هناك إنسدادات كاملة مُزمنة في الشرايين (Chronic total occlusion)، أو إذا كانت الإنسدادات مُعقّدة (Complex lesions)، أو إذا كان هناك كسل او قصور في عمل عضلة القلب. أما إذا كان هناك إنسداد في الشريان الكبير الايسر (Left main artery) فإن الجراحة هي العلاج الأفضل, ولكن هناك إمكانية أيضاً للعلاج بواسطة الروسورات المطلية، خاصة إذا كان نوع الإنسداد يسهل علاجه بالروسور، وإذا كان لا يُصاحبه إنسدادات أخرى مُعقّدة العلاج.

أما العوامل الأخرى التي تدخل في الحساب فهي العمر، بحيث أننا نُفضّل العلاج التدخّلي عند المرضى البالغين أقل من 55 سنة، ونُفضّل الجراحة بعد هذا العمر. ولكن الجراحة والعلاج التدخّلي يُعطيان نتائج مُماثلة تقريباً عند المرضى غير المُصابين بمرض السكري، عند المرضى المُتقدمين جداً بالسنّ (فوق ال80 سنة). ومن المُمكن أن نُفضّل العلاج التدخّلي إذا كان المريض يُعاني من مشاكل صحية أخرى مثل مشاكل الرئتين أو الكلى أو الكبد. اخيراً, عند المرضى المصابين بالسكري فإن الجراحة تُحقّق نتائج أفضل على المدى البعيد، كما ظهر من خلال عدّة دراسات من أهمها دراسة (BARI 2 D). ولكن دراسات جديدة مثل دراسة (ARTS II) مع الروسورات المطلية تُعطي نتائج مُتقاربة بين الجراحة والعلاج التدخّلي.

ونشير اخيراً إلى أنه في هذا المجال الذي يُقارن ما بين هذين العلاجين ظهرت حديثاً نتائج دراسة (Synthax) التي شملت 1800 مريض وسمحت بإستخلاص نتائج مُهمّة في هذا المجال، غيّرت كثيراً من الإستراتجيات العلاجية التي كانت مُعتمدة سابقاً في علاج إنسدادات الشريان الكبير الأيسر والإنسدادات التي تطال 3 شرايين، والتي كانت في السابق من حُصّة الجراحة بحسب أكثر المعطيات العلمية. وقد أكّدت هذه الدراسة المُهمّة أن العلاج التدخّلي من المُمكن أن يُعالج هذا النوع من المرضى بشرط أن لا تكون الإنسدادات الشريانية مُعقّدة جداً. وقد سمحت هذه الدراسة لأول مرة بإقرار نوع من المُؤشّرات او المعطيات التي تساعد الطبيب وجرّاح القلب على إتخاذ القرار بصورة موضوعية ومحايدة حول أي نوع من العلاجات يجب إستعماله عند هذا المريض أو غيره . وقد أطلق على هذا المُؤشّر أسم (Synthax score). وهو مُؤشّر نحصل عليه من خلال دراسة فيلم التمييل (القسطرة) التي خضع لها المريض، وحيث يتمّ دراسة عدد من المُعطيات المُهمّة ومنها : عدد ومكان الإنسدادات وما إذا كان القطب الجانب الأيسر أو القطب الجانب الأيمن من الأوعية الدموية هو الغالب (Left dominant or right dominant)، وجود التكلّسات على الشرايين, وجود جلطات في داخل الشرايين, وجود إنسدادات على مفارق الشرايين, وجود إعوجاجات، وجود إنسدادات مُزمنة كاملة وعددها، وجود إنسداد على الثلاث شرايين الأساسية للقلب، حالة الشريان الكبير الأيسر. وفي نهاية الدراسة وبعد إدخال كل هذه المعلومات نحصل على مُؤشّر مهم او حاصل او نتيجة (Score)، وهو عبارة عن رقم مُعيّن. فإذا كان هذا المُؤشّر أقل من 22، فإن العلاج بواسطة العلاج التدخّلي هو الأفضل. وإذا تراوح بين 23 و32، فالجراحة والعلاج التدخّلي مُتساويان تقريباً. أما إذا كان المُؤشّر أكثر من 33، فإن العمل الجراحي يُصبح هو الأفضل لعلاج المريض، لأن الإنسدادات تكون مُعقّدة جداً في هذه الحالة، ولا يُمكن الحصول على نتائج مُهمّة بالطرق التدخّلية. وعلى سبيل المثال فإذا كنا امام مريض يُعاني من إنسدادات موضعية صغيرة على أكثر من شريان، فإنه لا يُمكن مُقارنة حالته التي تتحسّن جداً بعد العلاج التدخّلي مع حالة مريض لديه إنسدادات قديمة كاملة على شريان أو أكثر، أو يُعاني من إنسدادات مُعقّدة العلاج لوجودها على مفارق شريانية، أو لإحتوائها تكلّسات كثيرة وحيث تكون هنا الأفضلية للجراحة بفارق كبير.

نشير اخيراً, إلى أن مُؤشّر (Synthax score) ليس كافياً ومثالياً مئة في المئة لإختيار نوع العلاج المطلوب إستعماله عند جميع المرضى، لأنه لا يأخذ بعين الإعتبار المُعطيات الأخرى السريرية مثل العمر والجنس والأمراض المُرافقة مثل القصور الكلوي، أو الرئوي ووجود مرض السكري وقوّة عضلة القلب وقدرة المريض على القيام بالجهد وكفاءة الفريق الطبي والفريق الجراحي القلبي العامل في المستشفى، وعدد العمليات التي يجريها المركز المُتخصّص او المستشفى سنوياً، وكذلك رغبة المريض في أن يخضع لهذا العلاج أو لغيره وكلفة هذين العلاجين وغيرها من العوامل الأخرى. ولذلك عمل الخبراء في هذا المجال على تطوير مُؤشّرات أخرى تأخذ بالحسبان أكبر عدد مُمكن من المُعطيات لكي تُساعد الطبيب موضعياً اي في مركز عمله على إختيار هذا العلاج أو غيره، بحيث يكون قراره مُرتكز على قواعد علمية صلبة ومُؤكّدة. ومن هذه المُؤشّرات المُهمّة التي تمّ تطويرها مُؤشّر (Synthax score II) مثلاً الذي يأخذ بالإعتبار العمر ووظيفة الكلى (Creatinine) ووجود السكري وهو قيد التقييم في دراسات مُتعدّدة حالياً وهو الأكثر إستعمالاً في الوقت الحاضر.

 

٢- الوقاية من مرض تصلب الشرايين:

وفي هذا السياق لا بدّ لنا اولاً من تعريف الوقاية ثم الدخول تفصيلياً في شرح انواع الوقاية المُمكنة من هذا المرض وكيفية تطبيقها، مع الإشارة ايضاً الى ان الدلائل الإرشادية الحالية إلى تستند حدّ كبير على رأي الخبراء والإجماع بدلاً من إستنادها الى التجارب عالية الجودة ذات الشواهد (وهي نوع من التجارب العلمية الدقيقة التي تقسم المرضى الى قسمين عشوائيين لتقييم مفعول علاج ما):

أ-تعريف الوقاية وانواعها: عَرّفت منظمة الصحة العالمية (WHO) في عام 1948، الوقاية من الأمراض بأنها مجموعة الإجراءات والمواقف والسلوكيات التي تهدف إلى تجنّب أو تقليل عدد وشدة الأمراض والحوادث والإعاقات.

ونميّيز عادة بين ثلاثة أنواع من الوقاية:

– الوقاية الأولية وهي مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى الحدّ من حدوث المرض بين المواطنين في بلد ما، وبالتالي الحدّ قدر الإمكان من مخاطر ظهور حالات جديدة منه. وفي هذه المرحلة من الوقاية، يتمّ أخذ السلوكيات المحفوفة بالمخاطر الفردية في الإعتبار، وكذلك المخاطر من الناحية البيئية أو المجتمعية.

– الوقاية الثانوية وهي تهدف للحدّ من إنتشار المرض بعد حدوثه عند المواطنين. وتُغطّي هذه المرحلة الأعمال التي تهدف إلى العمل في بداية ظهور الإضطراب أو العِلم بوجود المرض من أجل منع تطوّره أو حتى القضاء على عوامل الخطورة التي تتسبّب به.

-الوقاية من الدرجة الثالثة وهي التي تتدخّل في مرحلة يكون فيها من المهم الحدّ من إنتشار الإعاقات المُزمنة أو تكرارها بين السكان وتقليل المُضاعفات أو الإعاقات أو الانتكاسات الناتجة عن المرض.

 

ب-الوقاية الأوّلية من مرض تصلّب الشرايين والخنّاق الصدري المستقرّ:

وهي تشمل اولاً تغيير نمط الحياة، وعلاج ومراقبة كل عوامل الخطورة التي تزيد من خطر مرض تصلّب الشرايين التاجية وبعض العلاجات الأخرى الإلزامية في هذه الحالة:

وهي تشمل:

-الإقلاع أو الامتناع عن التدخين: فهو يُقلّل من خطر الوفاة بأمراض القلب والشرايين بنسبة 50٪ في سنة واحدة. وبعد 5 الى 15 سنة ينخفض تدريجياً خطر الوفيات الناجمة عن مشاكل الشرايين التاجية للقلب ليصل الى مستوى غير المُدخّنين. وبالإضافة إلى تقليل مُعدّلات الوفيات والأمراض القلبية الوعائية، فإن التوقف عن التدخين لدى مرضى تصلّب الشرايين يزيد أيضاً من أداء التمارين الرياضية والقدرة على القيام بالمجهود، وله فؤائد اخرى مُتعدّدة على معظم اعضاء الجسم التي تتأثّر سلباً بالتدخين، ولذلك فهذا يُحسّن كثيراً من نوعية الحياة عند المريض.

-القيام بالتمارين الرياضية: على الرغم من إستنادها إلى دراسات رصدية صغيرة، فقد ظهر أن التدريب على التمارين الرياضية يُحقّق نتائج إيجابية جداً عند المرضى الذين يُعانون من الخنّاق الصدري المُستقرّ.

ومن هنا تأتي اهمية القيام المُنتظم بالتمارين الرياضية الهوائية (مشي سريع، ركض، سباحة، دراجة هوائية تزلّج، العاب جماعية الخ..) لمدة 30 الى 45 دقيقة في اليوم، وثلاث مرات في الأسبوع على الأقل إذا امكن، لما لذلك من فؤائد مُهمّة في مُراقبة وعلاج كل عوامل الخطورة المُسبّبة لهذا المرض.

-إتّباع نظام غذائي مُتوسّطي:

اذ انّ “إعتماد نظام غذائي صحي وسليم” قائم على تشجيع تناول الخضار والفواكة الطازجة والأسماك وزيت الزيتون، وتخفيف الدهون الحيوانية خاصة تلك التي تحتوي على الحوامض الدهنية المُشبّعة، له دور كبير في منع حدوث هذا المرض. كذلك نوصي عادةً بتخفيف تناول الكحول والسعي إلى الوصول إلى وزن مثالي في حال كان المريض يُعاني من البدانة المُفرطة او من زيادة الوزن.

 

-علاج مرض ارتفاع ضغط الدم ومُراقبته بشكلٍ مُتشدّد: وهنا ايضاً لا توجد تجارب مُحدّدة حول فؤائد الأدوية الخافضة للضغط الشرياني عند المرضى الذين يُعانون من الخنّاق الصدري المُستقرّ، والذين يعانون أيضاً من ارتفاع ضغط الدم. ولكن بالنّظر إلى الآثار المُفيدة المُوثّقة للتحكّم في ضغط الدم على الإختلاطات الخطيرة لهذا المرض، وخاصّة السكتة الدماغية وفشل القلب، تُوصي الجمعية الأوروبية لأمراض القلب بالتحكّم الأمثل بمرض ضغط الدم لدى المرضى الذين يُعانون من الخنّاب الصدري المُستقرّ لتقليل حدوث السكتة الدماغية وإحتشاء عضلة القلب. ويجب ان يكون هدف ضغط الدم هو أقل من 140 ملم زئبقي للضغط الإنقباضي. لكن البيانات الحديثة تُشير إلى أن خفض ضغط الدم الإنقباضي إلى 120 ملم زئبقي قد يكون خياراً مرغوباً إذا تحمّله المريض.

 

-علاج وإدارة مرض السكري والتشدّد في مُراقبته:حيث ان مرض السكري موجود بشكلٍ شائع عند هؤلاء المرضى. وتُقلّل السيطرة المُثلى على مرض السكري من مُضاعفات الأوعية الدموية الدقيقة، وكذلك الأوعية الدموية الكبيرة. وإستناداً إلى الدارسة التي أُجريت للسيطرة على مخاطر القلب والأوعية الدموية في تجربة داء السكري من النوع الثاني (Accord) فإن مستوى تخزين السكر في الدمّ او الهيموجلوبين الجلوكوز (HbA1c) يجب ان يكون اقرب ما يُمكن من 7%.

ويُوصي الخبراء بالإستخدام الروتيني لمُثبّطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، أو حاصرات مُستقبلات الأنجيوتنسين (ARB)، عند المرضى الذين يِعانون من الخنّاق الصدري المستقر المصابين بداء السكري.

 

-العلاج بمُضادّات صفائح الدم او مضادّات التخثّر (المُميّعات): حيث اننا ننصح عادةً بالإستخدام اليومي لجرعة مُنخفضة من الأسبرين (75 الى 100 ملغ)، عند المرضى الذين يكون لديهم عوامل خطورة شديدة للإصابة بمرض تصلّب الشرايين، وعند الذين لا يكون لديهم مخاطر كبيرة للتعرّض لحالات نزيف مع تناول هكذا ادوية. لأنه ثبت أن الأسبيرين يُقلّل من حدوث احتشاء عضلي حادّ ومن الوفاة المُفاجئة عند المرضى الذين يُعانون من أمراض القلب التاجية المعروفة. وقد ثبت في دراسة صغيرة أن هذا الدواء فعّال عند المرضى الذين يعانون من الخنّاق الصدري المُستقر. لكن استخدام الأسبرين عند المرضى الذين يُعانون من الخنّاق الصدري المُستقرّ في غياب مرض تصلّب الشرايين غير مُؤكّد. وعند المرضى الذين لديهم حساسية من الأسبرين من المُمكن إستعمال الأدوية الجديدة مثل ال(Clopidogrel) وغيره من الأدوية الجديدة الأخرى من ذات العائلة، ولكن ذلك لا يستند إلى أدلّة علمية قوية.

 

-علاج إرتفاع مُستوى الدهنيات في الدم: لا تُوجد تجارب مُحدّدة على ادوية علاج الدهنيات التي تُسمّى ال الستاتينات (Statins)، عند المرضى الذين يُعانون من الخنّاق الصدري المُستقرّ، ولكن هذه الفئة من الأدوية تُقلّل من الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب، وأحداث الشريان التاجي الحادة ، والحاجة إلى إعادة توسيع الأوعية الدموية عند المرضى الذين يُعانون من مرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب والمرضى المُعرّضين لخطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.

وتُوصي الجمعية الأوروبية لأمراض القلب (ESC) بإستخدام الستاتينات لتحقيق الهدف المِثالي للبروتين الدهني مُنخفض الكثافة

(Low Density Lipoprotrein : LDL-(cholesterol وهو الوصول الى

مستوى اقل من 0.55 غرام في الليتر عند المرضى الذين يُعانون من مرض مُؤكّد بالشرايين التاجية للقلب او بمرض السكري المُزمن.

ج-الوقاية الأوّلية في بعض الحالات الخاصة:

لا توجد تجارب ذات شواهد درست المرضى الذين يعانون من الخنّاق الصدري المُستقرّ وفشل القلب مع إنخفاض الكسر القذفي. ولكن استناداً إلى تجارب النتائج المُتاحة في مجال قصور القلب والتي تُظهر فائدة البقاء على قيد الحياة ، يُوصَى بإستخدام مُثبّطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، أو حاصرات مُستقبلات الأنجيوتنسين (ARB)، عند المرضى الذين يُعانون من إنخفاض الكسر القذفي البطيني الأيسر لمستويات اقل من 40٪ في حال وجود خنّاق صدري مُستقرّ مُصاحب.

وفي حال كان الخنّاق الصدري المُستقرّ موجود عند مرضى لديهم “شرايين تاجية كبيرة عادية” و”إصابات في الشرايبن الصغيرة او الدقيقة” فإنه لا توجد أدلة حالية كافية للإستخدام الروتيني للأسبرين أو ادوية علاج الدهنيات من عائلة الستاتين في في هذه الحالة.

اخيراً وفي حالة وجود شك كبير بوجود مرض في الشريان التاجي الأيسر الأساسي (اي الشريان الأيسر الأساسي) أو إصابات تُصيب كل الأوعية التاجية الأساسية اي اصابات ثلاثية شديدة، فإن الجمعيات العلمية المُتخصّصة توصي بإستخدام تصوير الأوعية التاجية القلبية بواسطة التصوير الطبيقي المحوري للقلب لإجراء تحقيق أولي لجميع المرضى الذين يُعانون من اعراض الخنّاق الصدري النموذجي (الإعتيادي) او غير النمطي لتحديد التشريح التاجي الموجود عبر عدم إعتماد اساليب غازية مثل القسطرة، حتى لو كان المرضى كذلك استفادوا بشكلٍ مُناسب مع العلاج الدوائي. وتعتمد هذه التوصية على البيانات المُتاحة حتى اليوم والتي تُظهر أن جراحة مجازة الشريان التاجي (اي زرع الجسور الأبهرية-التاجية) تتفوّق بشكلٍ كبير على العلاج الدوائي في هذه المجموعة من المرضى.

 

د-الوقاية الثانوية ما بعد التأكّد من وجود مرض تصلًب الشرايين التاجية للقلب:

وهي التدابير التي يجب ان نلجئ اليها بعد التأكّد من وجود مرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب، خاصة اذا خضع المريض لعملية توسيع بالبالون والروسور لأحدى الشرايين التاجية، او لعملية زرع جسور ابهرية-تاجية،

او عندما يتأكّد الطبيب من وجود مرض تصلّب الشرايين بواسطة القسطرة، او بواسطة الطرق الأخرى التي تدّل على وجود ترسّبات معيّنة في شرايين في شرايين القلب مثل التصوير الطبيقي المحوري للقلب. وتهدف الوقاية الثانوية لمنع تطوّر المرض وتفاقم اعراضه. وعي يجب ان تعتمد على كل السُبل والوسائل التي شرحناها في معرض الحديث عن الوقاية الأوّلية خاصة لجهة تغيير نمط الحياة ومراقبة وعلاج كل عوامل الخطورة، بالإضافة الى تناول كل العلاجات التي تحدّ من تكرار نوبات الألم الصدري، وتمنع تخثّر الدم وحصول ازمات قلبية حادّة. كذلك يجب منع تطوّر المرض وتمدّده الى الشرايين الأخرى. وقد تناولنا موضوع العلاجات الدوائية التي يجب على المريض تناولها في الجزء السابق (ومن المُمكن الرجوع اليه) مع التركيز على الدور الأساسي في هذا المضمار لإستخدام جرعة مُنخفضة من الأسبرين والعلاج بأدوية تخفيض الدهنيات (الستاتين) بكمّيات مُرتفعة للوصول لأقل مستوى مُمكن من ال (Low Density Lipoprotrein : LDL-(cholesterol. وهذا له ما يبرره بشكلٍ قاطع بناءً على البيانات والدراسات المُتاحة حتى اليوم. ويبقى علاج المرضى الذين يعانون من خنّاق صدري مُستقرّ مع وجود مرض في الأوعية الدموية الدقيقة وشرايين تاجية كبيرة طبيعية وغير مُصابة غير مُؤكّد ومنهجي، خاصة في غياب التجارب المعشاة ذات الشواهد. وتعتمد توصيات المبادئ التوجيهية لعلاج هؤلاء المرضى في الغالب على الإفتراضات والإستقراءات وآراء الخبراء بناءً على البيانات المُتاحة فيما يتعلق بمرضى تصلّب الشرايين التاجية الإنسدادي.

ه- الوقاية من الدرجة الثالثة من امراض تصلّب الشرايين: وهي تهدف كما ذكرنا الى الحدّ من إنتشار الإعاقات المُزمنة أو تكرارها وتقليل المُضاعفات أو الإعاقات أو الانتكاسات الناتجة عن المرض. وهي إجراءات تمّ تقييم فعاليتها خاصةً وبشكل واسع عند المرضى الذين نجوا من حالة احتشاء عضلة القلب أو من متلازمة الشريان التاجي الحادة، الذين يعاني 20٪ منهم من حدث قلبي وعائي ثانٍ خلال السنة الاولى. ولذلك يقول الخبراء ان الوقاية من خلال التمارين البدنية تُعتبر أمراً بالغ الأهمية لتقليل مخاطر التكرار وتحسين نوعية الحياة. وتستند هذه الملاحظة إلى قاعدة من المعرفة الفسيولوجية المرضية المُوثّقة جيداً والأدلّة الثابتة والتوصيات الدقيقة. وبالتالي، بعد الإصابة بمتلازمة الشريان التاجي الحادّة وعند المرضى المُعرّضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، تُوصي الجمعيات العلمية بمُمارسة النشاط البدني بشكلٍ ثابت لا إلتباس حوله. وهي توصيات ثابتة وبدرجة اقل نسبياً بعد جراحة الشرايين التاجية للقلب وفي حالة الخنّاق الصدري المُستقرّ.

وتُظهر التحليلات القائمة على جمع عدة دراسات مُتتالية أن برنامج إعادة التأهيل القلبي القائم على النشاط البدني يُؤدّي إلى إنخفاض بنسبة 30٪ في معدل الوفيات القلبية والأوعية الدموية، وإنخفاض بنسبة 26٪ في إجمالي الوفيات، وخفض بنسبة 31٪ في خطر إعادة الدخول إلى المستشفى.

بالإضافة إلى ذلك يُوفّر التدريب على التمارين الرياضية وكما شرحنا سابقاً، فوائد فسيولوجية لا يُمكن إنكارها للصحة: ​​تحسين وظيفة البطانة الدخالية للشرايين وهي التي تساهم في تجديد الأوعية الدموية وتكوين الأوعية (من الأسبوع الرابع من تدريبات التحمّل)، تحسين التوازن بين الجهازين العصبيين اللا إراديين الودي واللا ودي، انخفاض النشاط الالتهابي في الجسم، تحسين وإختفاء اعراص القلق والاكتئاب والتوتر وتحسين الوظائف المعرفية والحالة الذهنية عند المريض. كما يسمح بالتحكّم في عوامل الخطورة القلبية الوعائية (زيادة الوزن، السيطرة على مرض السكري، إرتفاع الشحوم، ارتفاع ضغط الدم).

 

د. طلال حمود- طبيب قلب وشرايين، مُتخصّص في الطبّ التدخّلي للقلب وفي امراض القلب عند المُصابين بمرض السكري وعند الرياضيين.

مُنسّق مُلتقى حوار وعطاء بلا حدود

شاهد أيضاً

أيّام صعبة جداً بإنتظارنا… إنتبهوا الكوليرا تدقّ أبواب 40 منطقة!

يبدو القلق مشروعاً اليوم من إنتشار وباء الكوليرا الذي بات يدقّ أكثر من 40 منطقة …

الاشترك بخدمة الخبر العاجل