صحيفة الأخبار
ما لم تحصل مفاجأة ما، تنعقد غداً جلسة نيابية لن تنتهي بانتخاب رئيس للجمهورية. فيما طرأ جديد أمس، تمثّل باتصالات بدأت بين قوى محلية وعواصم خارجية تهدف إلى «وقف التوتر» عبر تأجيل الجلسة إلى موعد لاحق، بغطاء من البطريركية المارونية ودعم فرنسي.
وأبلغ الرئيس نبيه بري زواره (راجع مقالة الزميل نقولا ناصيف) أن تأجيل الجلسة لا يمكن أن يحدث إلا في حال طلبت بكركي ذلك ومعها أطراف أخرى، ما فتح الباب أمام اتصالات لمنع الانفجار السياسي الكبير، كما بدأ النائب السابق وليد جنبلاط اتصالات غير معلنة لإقناع عدد من المعنيين بعدم التصعيد ربطاً بجلسة الغد.
مع ذلك بقيت علامات الاستفهام تحيط بالسيناريوهات التي سيجري تظهيرها في جلسة الغد. فقد أنجزَ بري، كرئيس لمجلس النواب، ما له وما عليه دستورياً بالدعوة إلى جولة جديدة لانتخاب رئيس، متفرّغاً هو وغيره من الأحزاب والتيارات وقوى التغيير والمستقلّين إلى المناورات السياسية التي يُمكن أن تنتُج عنها مفاجآت. إلا أن الثابت هو أن الجلسة لن تسفر عن انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً أن قوى المعارضة التي تقاطعت مع التيار الوطني الحر على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لا تهدف لإيصاله إلى بعبدا، إذ لا يبدو بالنسبة إليها أكثر من كرة بلياردو تصيب بها ترشيح زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، للتفاوض حول خيار ثالث. الأمر الثابت الثاني أن لا دورة ثانية للجلسة التي يُمكن أن يستخدم فيها الفريق الداعم لفرنجية حق تطيير النصاب. وما بينَ الثابتتين، تبقى اللعبة محصورة بالنقاط التي سيحصدها المرشحان، وهي لعبة يخوضها طرفا الصراع بكل الأسلحة السياسية بغية ترسيم الأحجام التي ستحدد مرحلة ما بعد «نِزال» الأربعاء، ربطاً بما سيطرأ من تطورات خارجية لدى الدول المعنية بالملف الرئاسي.
ومع بدء العدّ العكسي للجلسة، تتسارع وتيرة الاتصالات في اتجاه الكتلة النيابية الرمادية التي لم تُعلِن موقفها بعد. وبدا أمس أن محاولات الفريق الداعم لأزعور نجح في استقطاب بعض نواب «التغيير» ممن تربطهم مصالح كبيرة مع الفريق نفسه. وتتولّى النائبة بولا يعقوبيان طرح أزعور والتفاوض حول اسمه، وهي عرضت الأمر على زملائها في اجتماع قبل يومين ضمّ النواب فراس حمدان، إبراهيم منيمنة، ياسين ياسين، نجاة صليبا، ملحم خلف وسينتيا زرارير، إلا أنهم رفضوا السير فيه مع زميلتهم النائبة حليمة قعقور التي تتغيّب عن الجلسات بداعي السفر. وقالت مصادر هؤلاء إنهم «يرفضون أن يكونوا ضمن أي مشروع رئاسي قريب من الأحزاب»، و«يدرسون فكرة التصويت بورقة بيضاء أو طرح اسم ثالث، وقد يعلنون موقفاً قبيل الجلسة». غير أن يعقوبيان نقلت إلى معنيين في فريق أزعور أنها نجحت في استمالة خلف وحمدان.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن «عدد الأوراق البيض هو بيضة القبان في الجلسة المقبلة وسيخفض الفارق بين أزعور وفرنجية، ما يثير انزعاج داعمي أزعور الذين بدأوا حملة شرسة ضد هؤلاء واتهامهم بأنهم «يخدمون مرشح حزب الله». ووفقَ المعلومات، فإن «معظم النواب السنة في المجلس قرّروا البقاء على الحياد والاقتراع بورقة بيضاء، بمن فيهم الأعضاء السنة في كتلة الاعتدال الذين أبلغ بعضهم رئيس مجلس النواب بأنهم خارج الاصطفافات».
وأشار مطّلعون على عملية «البوانتاج» الأخيرة إلى «معلومات تنسف مزاعم فريق أزعور عن نيل الأخير 61 صوتاً حتى الآن، لأنهم يحتسبون عدداً من نواب التغيير والمستقلين معهم». وفيما بات مؤكداً أن عدداً من نواب تكتل «لبنان القوي» لن يلتزموا بقرار التيار الوطني الحر التصويت لأزعور، أكّدت مصادر مطّلعة أن «كتلة الطاشناق حسمت أمرها، وهي إن لم تصوّت لفرنجية فالأكيد أنها لن تسير بأزعور».
ترويج لمفاجآت بين إرجاء الجلسة وتقدّم أصحاب الأوراق البيض
وقبل 48 ساعة من الجلسة، خرج أزعور عن صمته للمرّة الأولى بعد إعلان ترشيحه من قبل المعارضة والتيار الوطني الحر، شاكراً في بيان له «كل القوى التي سمّته ورشّحته، ومادّاً يده إلى القوى الأخرى، مؤكداً أنه ليس مرشح تحدٍّ».
في غضون ذلك، لوحظ تجدّد حركة الاتصالات الخارجية بشأن الملف اللبناني. وقالت مصادر دبلوماسية إن كل الدول المعنية بالملف اللبناني تترقّب الجلسة، وتنتظر ما سيصدر عنها للبناء عليه، مشيرة إلى أن الموفد الفرنسي جان إيف لودريان سيبدأ مهامه في بيروت فور انتهاء الجلسة، وهو ما أبلغته السفيرة الفرنسية آن غريو لمن التقتهم أمس. كما لوحظ أن السفيرة الأميركية دوروثي شيا غادرت بيروت وقد لا تعود قبل جلسة الأربعاء، وهو ما حرصت مصادر على تواصل مع السفارة على الإشارة إليه، رداً على كلام نقله أكثر من نائب عن أن مسؤولين في السفارة الأميركية بدأوا منذ يومين تواصلاً مباشراً مع بعض النواب لإقناعهم بانتخاب أزعور.