كتبت ” الشرق الاوسط”: احتوى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أزمة ترتبت على قرار أصدرته هيئة التبليغ الديني، وقضى بنزع الأهلية عن 15 من مشايخ الطائفة الشيعية، مما أثار جدلاً واسعاً، كونه يطاول بعض المشايخ الذين يتميزون بمواقف سياسية متباينة مع مواقف ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل»، وأبرزهم الشيخ ياسر عودة.
وأصدرت الهيئة قراراً، الأربعاء، قضى باعتبار 15 شخصاً «غير مؤهلين للقيام بالإرشاد والتوجيه الديني والتصدي لسائر الشؤون الدينية والأحوال الشخصية المتعلقة بأبناء الطائفة الإسلامية الشيعية، إما للانحراف العقائدي وإما للانحراف السلوكي وإما للجهل بالمعارف الدينية وادعاء الانتماء للحوزة العلمية».
وبعد أقل من ساعة، أشار «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى»، في بيان، إلى أن «البيان الصادر عن هيئة التبليغ الديني لا يعبّر عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ولم يطّلع عليه رئيس الهيئة العليا للتبليغ الديني نائب رئيس المجلس سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب، بغض النظر عن مضمونه، واعتباره كأنه لم يصدر، وينبغي التذكير بعدم نشر أي بيان باسم المجلس الشيعي ما لم يكن موقعاً من رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حصراً».
وتحدثت معلومات عن أن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري كان غير راضٍ عن قرار هيئة التبليغ الديني، حسب ما قال الشيخ ياسر عودة في تصريح تلفزيوني، وقال عودة: «الرئيس نبيه بري غير راضٍ عن القرار الصادر بحقي، وقام بالاتصال بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لإصلاح ما قاموا به».
وكتب طوني عطية في” نداء الوطن”:أثار القرار استغراب المعنيين في الأوساط الشيعيّة، وأوضح مصدر مطّلع «أن الزيّ الديني لا يختصر قيمة ومكانة رجل الدين. إذ يؤمن الشيعة بالاجتهاد وتعدّد المراجع، وهذا يتعارض مع فكرة المأسسة أو الرئاسة الدينية». وأشار إلى أنّ «المُجتَهِد لا يُنَصَّب بل يُعلن ذاته»، يكفي أن يقول إنّه «في مستوى الاجتهاد وأتفضّى لهذا الأمر». هذا ما صرّح به الشيخ عودة: «أنا من المجتهدين ولي رأيي». وشدّد المصدر على «أنه شخص ذو قيمة دينيّة ولا يستطيع أحد التشكيك بعلمه ومكانته. كما قدّم لفترة معينة برنامجاً دينيّاً على إحدى الإذاعات التابعة لمؤسسات العلّامة السيّد محمد حسين فضل الله، وتمّ توقيف برنامجه بضغط سياسيّ حزبيّ، مع العلم أن برنامجه تمحور حول شرح نظريّات وأفكار وآراء فضل الله».
والخطير في الأمر، حسب المصدر، أنّ «الصّفة العامّة التي اتّصف بها رجال الدّين الشيعة تاريخيّاً كانت الإستقلاليّة، فالعديد منهم لم يدخلوا المؤسّسة أي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. أمّا اليوم فصدور القرار والتراجع عنه، كشفا هشاشة وتهشيم المجلس الذي تحوّل من مؤسسة مستقلّة إلى أداة تعكس صدى المواقف السياسيّة والحزبيّة».
وكتب ابراهيم بيرم في” النهار”: إن كان ثمة من يرى أن قرار نائب رئيس المجلس الشيعي “إبطال” مفاعيل تعميم هيئة التبليغ واعتباره كأنه لم يكن، أفضى على نحو ما الى التخفيف من مفاعيل الحدث، فإن “التعميم وإبطاله” قد أدّى الأغراض والمقاصد المضمرة ومنها:
– أن ثمة “فوضى” أفكار بدأت تذر بقرنها في البيت الديني الشيعي صار مطلوباً ضبطها لأنها تتعدّى الانتقاد الى حدّ المساس بجوهر العقيدة وثوابتها.
– ولذا بات لزاماً إعادة النظر في واقع التعليم الديني وطريقة التدريس فيه ومنح الإجازات والشهادات.
وسواء كان صحيحاً أن تعميم الهيئة قد أبطل ووئد في لحظة ولادته فإنه أتى كجرس إنذار مؤدّاه أنه يتعيّن الالتفات الى واقع هذا الحيّز وجعله تحت مجهر الرصد.
وسواء صحت مقولة البعض بأن هذا التعميم الموحى به من جماعة التوجّه الإيراني أم لا فالثابت أن خصوم الثنائي والتوجّه الإيراني الطاغي على ما عداه يعتبرون الأمر خطوة أولى على طريق تدجين الساحة الشيعية، الدينية منها وغير الدينية، على غرار واقع الحال المماثل في بعض العراق.