LRN News جريدة الكترونية شاملة
مقالات مشابهة
يوسف فارس – الأخبار
غزة | على رغم الحالة المعنوية المتردّية للقوات البرية في جيش الاحتلال، والتي خلّفتها المباغتة الكبرى في خلال عملية «طوفان الأقصى»، مظهرةً هشاشة الأداء القتالي للجنود والضباط الإسرائيليين، أمام مئات من مقاتلي قوات النخبة في «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، فإن ثمة إدراكاً في أوساط الجيش، بأن الطريق إلى استعادة هيبته المحطّمة، لن تكون عبر الطائرات الحربية وحدها؛ إذ تعتقد قيادة الأركان بأنه لا بدّ من معركة مماثلة على البرّ، يتواجه فيها مقاتلو المقاومة في غزة، مع جنود جيش الاحتلال، على أن يتمكّن الأخير، بحسب ما تشتهي تلك القيادة، من تقديم أداء قتالي يعكس «صورة الانتصار».
وفي سياق ما تَقدّم، يمكن التقدير أن القصف الجوي المكثّف، وتحديداً على الأحياء الحدودية لقطاع غزة، من مثل الأميركية والعامودي والتوام في المناطق الغربية من شمال غزة، والسكة وزمو وشعشاعة وصلاح الدين في المناطق الشرقية من الشمال، وأيضاً الحدود الشرقية لأحياء الشجاعية والتفاح، والحدود الغربية كذلك على طول القطاع، حيث تم تدمير شارع الرشيد الذي يربط شمال غزة بجنوبها من جهة البحر الغربية، يأتي في سياق التمهيد الناري لدخول القوات البرّية، من جهتَي البحر والحدود الشرقية. يُضاف إلى ما تَقدّم، أن الطائرات الإسرائيلية استخدمت قنابل جديدة، تؤدي مهمّة تدمير المباني من فوق الأرض، وصناعة موجة ارتجاجية شديدة في ما تحتها، بهدف هدم الأنفاق وإتلاف مرابض الصواريخ ومكامن المقاومين.
*لا يمتلك أحد إحاطة كاملة بمستوى تجهيز المقاومة للحرب البرّية*
على أن هذا السيناريو – الحلم بالنسبة إلى الإسرائيليين، دونه عقبتان، الأولى هي معنويات الجنود المحطّمة على تخوم غزة، حيث أذلّ المقاومون بالصوت والصورة، ليس فقط جنود وحدات «غفعاتي» و«غولاني»، وإنما أيضاً قادة وجنرالات جيش الاحتلال، الذين اقتيدوا إلى مأسرهم بالملابس الداخلية. أما العقبة الثانية، فهي استمرار تدفّق المقاومين إلى داخل المواقع المحاذية للحدود، حيث يخوضون يومياً اشتباكات ملحمية، وينفّذون عمليات هجوم مظلية. هذه الحالة من عدم اليقين، تجبر أي جيش نظامي، يمتلك أدنى مستويات المعرفة العسكرية، على الإحجام عن التقدّم بالقوات بينما ظهْرُه متروك للمفاجآت، إذ من الممكن ببساطة، أن تقع قوات الجيش البرية بين فكَّي كماشة المقاومين، عوضاً عن أن تضع هي المقاومين بين فكَّي كماشتها بين غرب القطاع وشرقه.
حتى اللحظة، لا يمتلك أحد إحاطة بمستوى تجهيز المقاومة لهذا السيناريو، إذ إن ذلك التجهيز لن يظهر إلا عند التجريب، أو المحكّ الفعلي. لكن ما أُعدّ للدخول والعمل في داخل مستوطنات العمق، بكل ما حمل من احترافية ودقة، وقدرة على تحصيل مستوى عالٍ لجهة إيقاع الخسائر البشرية، يعطي إشارة إلى أن ما جُهّز في داخل حواضن المقاومة، وبيئاتها، والمحاور التي تدرّبت للعمل فيها طوال سنوات، لن يكون أقل ممّا ظهر في مستوطنات «غلاف غزة». لكنّ البعض يميل إلى سيناريو أكثر خطورة، يثير موجة من التشاؤم، هو أن تتدخّل الوحدات الخاصة الإسرائيلية بالشراكة المباشرة مع وحدات تحرير الرهائن الأميركية، من خلال استخدام الغواصات الأميركية وسفن الإنزال الكبرى، لاختراق عمق القطاع، والانطلاق منه للعمل على تطهير الأطراف. وفي المقابل، ثمّة متفائلون يتوقّعون حضوراً من الجبهات الخارجية الرديفة للمقاومة، وتحديداً من لبنان وسوريا وإيران واليمن والعراق، لن يسمح للمشهد الميداني بالتدحرج إلى الحدّ الذي تبدأ فيه الحرب البرية أصلاً
