الجريدة الكويتية
في ظل تجديد الوساطات الدولية، بحثاً عن خفض التصعيد بجنوب لبنان، طرأ انقسام جديد على القوى المعارضة لـ «حزب الله» وللمواجهة التي يخوضها ضد إسرائيل تضامناً مع غزّة. وأصبحت الجهات المعترضة على أداء الحزب تحتاج الى وسطاء للعمل فيما بينها لإصلاح العلاقات وإعادة التنسيق والانسجام، إذ بعدما وجّهت القوات اللبنانية دعوة للمؤتمر الذي عقد أمس في معراب بعنوان «القرار 1701 دفاعاً عن لبنان»، قاطعه عدد كبير من القوى السياسية المعارضة لمجموعة أسباب، أبرزها اعتبار أن القرار 1701 يتركز على وقف الأعمال القتالية في الجنوب بعد حرب عام 2006، واليوم هناك حاجة الى الدعوة لتطبيق القرار 1559، أي نزع سلاح الميليشيات. خلاف آخر يتصل باتهامات وجّهها المعارضون الى «القوات» بأنها لم تنسق معهم حول المؤتمر، بل اكتفت بتوجيه الدعوات، إضافة إلى خلافات سياسية حول عدم موافقة «القوات» سابقاً على إعداد وثيقة سياسية شاملة للأزمة في لبنان تتضمن الالتزام بتطبيق اتفاق الطائف. هذه الخلافات دفعت أحد قادة المعارضة للتعبير عن أسفه لما وصلت اليه الأمور بين أفرقائها، معتبراً أن مقاطعة المؤتمر، بغضّ النظر عن الأسباب والخلفيات أو الاختلافات في وجهات النظر مع «القوات»، أسدت أكبر خدمة الى «حزب الله». وفي كل الأحوال وبعيداً عن هذه الزاوية، إلا أن الهدف من المؤتمر كان، بحسب ما تقول مصادر «القوات»، هو رفع الصوت عالياً أمام المخاطر التي قد تنجم عن المواجهة المفتوحة بين حزب الله وإسرائيل، وسط استمرار التهديدات الإسرائيلية مع تصاعد وتيرة المعارك، وهذا ما أبدى زعيم «القوات» سمير جعجع تخوفاً بشأنه في كلمته أمس. كما أن الهدف هو إظهار وجود قوة سياسية في البلد ترفض منطق هيمنة حزب الله على الدولة. ويشير مصدر قريب من «القوات» الى أن هناك تحركات دولية وإقليمية تضغط في سبيل منع تمدد النار الى لبنان واتساع رقعة المواجهة لتتطور الى حرب إسرائيلية شاملة، وأن لبنان لايزال يتلقى المزيد من رسائل التهديد، لذلك لابدّ من ملاقاة هذه التحركات الخارجية داخلية بتشكيل عناصر ضاغطة على حزب الله لإجباره على الفصل بين جبهتَي لبنان وغزة، على اعتبار أن كل المواجهة التي تدور منذ 8 أكتوبر 2023 في الجنوب اللبناني لم تؤدّ الى تغيير مسار المعركة في غزة، وأن حزب الله لم ينجح في تقديم أي خدمة حقيقية أو جدية لـ «حماس»، وبالتالي لا يمكن تعريض لبنان للخطر، وهذا ما أشار إليه جعجع كذلك في كلمته. يأتي ذلك في ظل زيارة يجريها وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، الى بيروت حاملاً معه ورقة معدّلة عن المبادرة الفرنسية الأولى، ووفق ما تؤكد مصادر دبلوماسية، فإن التعديلات تنسجم مع المقترح الأميركي، وقد حصل هناك تنسيق بين الجانبين حولها، فضلا عن أنها تأخذ في عين الاعتبار الملاحظات اللبنانية. ومن المنتظر أن ينقل سيجورنيه رسالة واضحة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري حول المخاطر الجدية لاندلاع حرب إسرائيلية واسعة على لبنان في حال لم يتم الوصول الى حل دبلوماسي. في السياق، وصل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى إسرائيل، والتقى عدداً من المسؤولين هناك للبحث في مسألة خفض التصعيد مع لبنان، وأوصل رسائل للبنانيين بضرورة التفكير في فصل المسار اللبناني عن مسار الحرب على غزة. وكان هوكشتاين على اتصال مع المسؤولين اللبنانيين من دون حسم مسألة زيارته الى بيروت، علماً بأن بعض المعطيات اللبنانية تفيد بأنه ينوي المرور على بيروت لإعادة التركيز على خفض التصعيد بانتظار بلورة حل أشمل