عند كل عودة للرئيس سعد الحريري الى لبنان بعد غياب تظهر علامات التعب والارهاق على الرجل، اذ يبدو أكثر نحافة من قبل.
في صورة تعكس تعثر رئيس تيار المستقبل بعد دخوله “جنة” الحكم في لبنان ومعاناته الكبيرة من ارهاصاتها.
حزم الرجل أمتعته وعاد الى بيروت ليقول كلمته الانتخابية، حيث تنتظره القاعدة الشعبية وقيادة التيار اضافة الى قائمة مرشحين تريد ركوب موجة المستقبل علَّها تتمكن من الوصول الى الندوة البرلمانية.
لكن في جعبة رئيس الحكومة السابق الكثير من المفاجآت، تبدأ بالتيار وتمر برؤساء الحكومات السابقين الذين أعلن أول عضو من النادي النائب تمام سلام عزوفه عن الترشح ببيان اعتقد البعض للوهلة الاولى أنه من صياغة أحد “ثوار ساحة الشهداء”، نظراً لما تضمنه من كلام يُحاكي مرادفات الثورة.
الحريري الذي أبلغ الدائرة القريبة جداً منه في بيروت بموعد وصوله ولقاءاته المرتقبة، وضع نوابه في حيرة من أمرهم فهم لا يعلمون بعد التوجه العام الذي سيسلكه رئيس كتلتهم.
وما إذا كان يتجه فعلاً الى العزوف عن الترشح وإبقاء الباب مفتوحاً لهم في خوض الانتخابات.
المعلومات التي أشاعها بيت الوسط في الساعات الماضية تشير الى أن الحريري حسم أمر العزوف عن الترشح، وهو لن يدخل كتيار مستقبل استحقاق الـ 2022.
إذ سيترك لنوابه والمرشحين القرار بالترشح وفق تحالفاتهم في المناطق، وهذه المرة هي الاولى لتيار رفيق الحريري التي يقرر فيها رئيسه العزوف عن الترشح بعد أن كان “زعيم” الساحة السُنية على مدى سنوات ما بعد اتفاق الطائف.
وإذا صحت الاخبار عن قرار رؤساء الحكومات السابقين بالعزوف أيضاً عن الترشح فهذا يعني ان هناك “خضَّة” داخل الساحة السُنية.
حيث سيترك فراغ الحريري في بيروت على سبيل المثال الباب واسعاً لتمدّد حزب الله في لوائح ملغومة، وسيخوض بعض المرشحين المستقلين معركتهم في مواجهة الثنائي وكل من يدور في فلكه.
يسري ذلك على مناطق أخرى كطرابلس وعكار والبقاع وصولاً الى صيدا، وموقف الحريري المرتقب قد يُغير في المشهد الانتخابي إن لم يكن الرجل على دراية بما قد يحصل ووضع خطة بديلة عن ترشحه لمواجهة الفراغ الذي سيتركه على الساحة.
بعض السيناريوهات تتحدث عن توغل الحريري داخل البيئة المعارضة عبر مرشحيه.
اذ اختار الرجل خوض الانتخابات معتمداً على مرشحين أقوياء يرتدون ثوب التيار في الشارع السُني ولكنهم غير ملزمين بمواقفهم بالقرار الحزبي، وهذا الامر يُعطيهم هامشاً أوسع للحركة والحديث مع المواطنين بحرية قد تصل الى انتقاد الحريري أو اتهامه في بعض الامور التي راهن عليها.
وهذا الاحتمال وارد لأن الحريري يريد أن يقطف العنب لا أن يقتل الناطور وركوب موجة الثورة التي طردته.
في المقابل يشير البعض الآخر الى امكانية لقاء الشقيقين “بهاء وسعد” في الرابع عشر من شباط في ذكرى اغتيال والدهما.
وقد ألمحت أوساط قريبة من بهاء عن امكانية زيارة الرجل بيروت في هذا التوقيت للاطلاع عن كثب على مجريات الحملة الانتخابية التي يقودها مع عدد من المرشحين.
ولكن اللقاء لا يعني اِلتقاء الشقيقين سياسياً والاتحاد أو التحالف، بل قد يؤشر الى امكانية انسحاب سعد لصالح شقيقه على مراحل، وهذا الأمر مرهون أيضاً بالانتخابات النيابية ونتائجها.
ليس سهلاً على سعد الحريري التراجع سياسياً وترك شارع سنّي آمن بتيار المستقبل وبرفيق الحريري يُقارع أبواب التسويات أو تكبيله بتحالفات بعيدة عن نسيجه السياسي.
من هنا فضَّل الرجل وبنصيحة غربية التراجع خطوة الى الوراء ريثما يتضح المشهد اللبناني والفرز الانتخابي بعد 25 أيار، وعلى أساسه يقرر سعد الحريري إما أن يكون رئيس تيار سياسي فاعل في الدخل أو رجل أعمال من أصل لبناني يدير شركاته في الخارج.