صـحـيـفـة الـديـار
في مثل هذا اليوم منذ 16 عاماً، تمّ توقيع ورقة تفاهم في 6 شباط من العام 2006 سُميت بإسم كنيسة مار مخايل في الشياح، بين “التيار الوطني الحر” برئاسة العماد ميشال عون، والامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله.
وحينها تلقى الطرفان ردود فعل ايجابية من الحلفاء، واخرى سلبية من الخصوم، تحت عنوان” ما الذي يجمع الاضداد؟، ويسير من خط اليمين الى خط اليسار وبالعكس؟.
خصوصاً انّ الشعارات لا تجمع الطرفين، لكن بالتأكيد وككل ورقة تفاهم او اتفاق او معاهدة صلح، لا بدّ ان تشهد لاحقاً تباينات وخلافات، خصوصاً في لبنان في ظل التقلبات السياسية اليومية التي يعيشها.
فكيف اذا كان ذلك التفاهم قد عاش 16 عاماً ؟، حيث لم تكن دروب الطرفين سالكة ومفتوحة على مصراعيها في كل الاوقات.
خصوصاً في الاعوام القليلة الماضية، لكنها في البداية حافظت على الثوابت بحسب ما تنقل اوساط الطرفين.
مع الاشارة الى ان الفريقين بحاجة الى بعضهما في الاطار السياسي، فالتيار الوطني الحر كان بأمّس الحاجة الى حزب الله، لإيصال زعيمه الى الرئاسة.
وحزب الله بدوره كان بحاجة الى غطاء مسيحي قوي، امام المجتمع الدولي وجده في ” التيار”.
الى ذلك حوى التفاهم بنوداً حول الحوار الوطني، والديموقراطية التوافقية، وقانون الانتخاب، وبناء الدولة العصرية، والمفقودين خلال الحرب والمعتقلين في سوريا، وحل مشكلة اللبنانيين المبعدين الى اسرائيل في العام 2000، وإجراء المصالحة الوطنية، وإقامة علاقات لبنانية – سورية.
وإتخاذ الخطوات والاجراءات القانونية المتعلقة، بتثبيت لبنانية مزارع شبعا، وترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، ومعالجة ملف السلاح خارج المخيمات الفلسطينية.
وحماية لبنان وصيانة استقلاله، مع إعتبار سلاح الحزب من ضمن مقاربة شاملة تقع بين حدّين:
الاستناد الى المبرّرات التي تلقى الإجماع الوطني، وتشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الإبقاء على السلاح، مع الظروف التي تؤدي الى انتفاء أسباب ومبررات حمله.
وضرورة إجراء حوار وطني، يؤدي الى صياغة استراتيجية دفاع يتوافق عليها اللبنانيون.
هذا بإختصار ابرز ما جاء في بنود ورقة التفاهم، التي لم تنفذ بمجملها، ولربما كان ذلك من اسباب ظهور التناحر بين الحزب والتيار، وتحديداً منذ تشكيل حكومة العهد الاولى.
حين ظهر صراع النفوذ منذ ذلك الحين، بعد محاولة كل منهما فرض نفسه في المعادلة اللبنانية، عبر إصرار حزب الله على سحب الثلث المعطّل من “التيار الوطني الحر”، في مقابل تمسّك الأخير في التحكّم بمسار الحكومة.
هذه الازمة تفاقمت مع رئيس ” التيار” جبران باسيل، الذي بدأ ” لطشاته ” في كل الاتجاهات، وتبعه بذلك النائب زياد اسود حين حمّل حزب الله وسلاحه مسؤولية الواقع الاقتصادي الحالي في لبنان.
إضافة الى موقف النائب آلان عون الذي دعا الى إقرار استراتيجية دفاعية يتولاها الجيش اللبناني، وليس فريقاً معيناً، ما إعتبر مسّاً بالصيغة السياسية المتفق عليها بين الحزب والتيار.
في غضون ذلك، رأت مصادر سياسية مطلعة على ما يجري من خلاف علني بين الطرفين في الفترة الاخيرة، بأن “الموس” وصل الى ذقن باسيل.
بعد ان تبّلغ رسالة واضحة من الاميركيين، بأن العقوبات ستطاله لذا قام بتلك الخطوات، خصوصاً مع اعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بأن العقوبات المالية ستطال حلفاء الحزب ومن ضمنهم باسيل.
لكنها اعتبرت في الوقت عينه بأن هذه الخلافات لن توقع بـ ” تفاهم مار مخايل” بل ستكتفي بهزّه ليس اكثر، مذكّرة بمواقف الرئيس ميشال عون على المنابر الدولية بخصوص حزب الله، وبمواقف باسيل عندما كان وزيراً للخارجية على منبر الجامعة العربية.
حين تحدث عن حق لبنان بأن يكون لديه مقاومة تدافع عن أرضه بكل الوسائل، وذلك انطلاقاً من بنود التفاهم.
واشارت هذه المصادر الى ان حزب الله حريص على تلك الورقة، لكنه مستاء من مواقف بعض نواب التيار.
كما ان اللقاء الذي جرى اخيراً بين باسيل واحد المسؤولين في حزب الله، عمل على تنظيم هذه الخلافات وتطويقها، وعلى وقف السجالات الإعلامية والردود، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري الفريقين.
من دون ان تستبعد حصول لقاء مماثل قريب لكن على مستوى رفيع جداً.
ورأت بأنّ تطوير هذا التفاهم هو شرط لبقاء جدواه، كغيره من الاتفاقات التي لا بدّ ان تمّر من وقت الى آخر بنزلات سياسية، لان دروب الموقعين عليه لن تكون بالتأكيد سالكة بل وعرة في بعض الاحيان.
فالسياسة تحمل دائماً المفاجآت، من دون ان ننكر بأنّ كلا الطرفين حافظا على بعض الثوابت ولمدة طويلة.
ونقلت المصادر المذكورة بأنّ تجديد صياغة بعض البنود هو قيد التحضير، لانّ المستجدات السياسية والتباينات في بعض الملفات تستدعي ذلك.
مع التشديد على التحالف الانتخابي الذي سينجز قريباً وفي كل الدوائر التي تعني الطرفين، مع الاستعانة بمقولة غيمة صيف… لكنها لم تعبر بسرعة بل إستلزمت بعض الوقت.
واشارت الى انّ عشاق السياسية تفرّقوا كلهم في لبنان، بإستثناء الحزب والتيار، الذي بات وحيداً وفي عزلة مسيحية، فلا حلفاء لديه سوى حزب الله.
وبالتالي فالتحالف الانتخابي الذي يُدرس اليوم اتى في الوقت المناسب، ليزيل كل الخلافات، بحيث جرى اتفاق بين الفريقين مفاده “ممنوع الخلاف بيننا “.
لذا يُخطئ مَن يعتقد بأنّ الخلافات السياسية التي كانت سائدة، ستؤدي الى إلغاء ” تفاهم مار مخايل”، فهو الاتفاق الوحيد الذي لا يزال صامداً وقائماً بين طرفين سياسيين، بالمقارنة مع تفاهمات اخرى لم تعد موجودة.
غامزة من قناة ” تفاهم معراب” التي رأت بأنه سقط بين “التيار” و”القوات” ولن يعود.