يبدو رئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل شبه متفرّغ في هذه الأيّام للاستعداد للانتخابات.
هو قام في الفترة الأخيرة بسلسلة خطوات تنظيميّة وجمع مرشّحيه المحتملين في مجموعة “واتساب” واحدة، بهدف التنسيق. لكنّ الأهمّ يبقى في التحالفات.
تراجع الحضور الشعبي لـ “التيّار” بين العامين ٢٠١٨ و٢٠٢٢، تماماً كما تراجع انتخابيّاً منذ العام ٢٠٠٥، سنة الـ “تسونامي” الانتخابي الكبير.
وهو تراجعٌ أصاب الكثير من القوى السياسيّة، ولو أنّ حصة فريق العهد منه كانت أكبر، بمجرّد أنّه في السلطة، من دون أن نغفل عن عبء التحالف مع حزب الله، شعبيّاً.
من هنا، لن يكون تراجع عدد أعضاء تكتل “لبنان القوي” مفاجأة، إلا أنّ حسابات بعض “جماعة الإحصاءات” قد تكون خاطئة، أو، على الأقل، سيجعلها باسيل خاطئة.
إذ أنّ قوّة “التيّار” في المواجهة الانتخابيّة المسيحيّة مع القوات اللبنانيّة تكمن في وجود حليفٍ قويٍّ له، هو حزب الله، بينما حصل تباعدٌ بلغ حدّ الطلاق بين “القوات” وحليفه تيّار المستقبل.
ما سينعكس سلباً على عدد الأصوات التي سينالها مرشّحو “القوات” في عددٍ من الدوائر.
في المقابل، قطع التحالف بين “التيّار” والثنائي الشيعي، ومن ضمنه “حركة أمل”، شوطاً كبيراً، وهو وإن كان يشكّل إدانةً لخطاب “التيّار” الذي سيتحالف مع “رأس منظومة الفساد” كما كان يسمّي الرئيس نبيه بري.
إلا أنّه يشكّل مدخلاً لاحتفاظ “الوطني الحر” بعددٍ من نوّابه، بل إمكانيّة كسب مقاعد ليست له حاليّاً، كمثل المقعد الكاثوليكي في بعلبك – الهرمل.
وقد تكون متطلّبات الانتخابات، بنظر “التيّار”، تستوجب بعض التناقض بين القول والفعل، كمثل تنظيم مؤتمر عن الدولة المدنيّة ثمّ التحالف مع حزبين دينيّين، هما حزب الله والجماعة الإسلاميّة.
لكنّ هذا التناقض لن يتوقّف عنده كثيرون، ليل ١٥ – ١٦ أيّار المقبل، حين تنكشف نتائج الانتخابات النيابيّة ويُظهر “تيّار العهد”، في أشهره الأخيرة، أنّه ما يزال يملك الكتلة المسيحيّة الأكبر.
فباسيل يسعى للتعويض عن بعض المقاعد التي سيخسرها عبر كسب مقاعد في بعض الدوائر غير الممثّل فيها، مثل البقاع الغربي وبعلبك الهرمل، وتثبيت بعض المقاعد بأصواتٍ شيعيّة، مثل مقعد الأقليات في بيروت الثانية، والمقعد الكاثوليكي في جزين، والمقعد الماروني في زحلة…
حينها، سيكون باسيل قد أصاب الهدف، وأدخل الطابة البرتقاليّة بقوّة في نفق الاستحقاق الرئاسي، المظلم حتى الآن.
سيحصل الأمر، بالتأكيد، بفضل دعم “الثنائي”، وقد ينتج عنه قرارٌ بالتصويت لبري في انتخابات رئاسة مجلس النواب.
هذه تفاصيل بالنسبة الى كثيرين. المهمّ بالنسبة الى جمهور الأحزاب في الانتخابات هو هويّة من سيحتفل في النهاية…