خسر الحزب الشيوعي اللبناني وجماهير شعبنا بطلاً من أبطاله وقائداً بارزاً من قادته المقاومين الشجعان، الرفيق عبد الكريم عبود المعروف ب (مازن عبود)، مطلق الرصاصات الأولى لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الصهيوني في عملية بسترس في ليل ٢٠/٢١ ايلول عام 1982.
رحل الرفيق مازن هذا اليوم جسداً تمكّن منه مرض عضال، لكنه بقى تاريخاً مكتوباً بأحرف من نار ونور.
انتسب الرفيق مازن إلى صفوف الحزب الشيوعي اللبناني عام 1974 من خلال منظمة الحزب في عين المريسة في بيروت. في بداية الحرب الأهلية اللبنانية شارك في التصدي للقوى الفاشية والطائفية دفاعاً عن شعب لبنان ووحدته وعن تطوره الديمقراطي ودفاعاً عن الثوره الفلسطينية. خضع لعدة دورات عسكرية وأمنية وسياسية داخل لبنان وفي الخارج، ومنها دورة أركان في الاتحاد السوفياتي.
اضطلع بمهمات قيادية عدة في منطقية بيروت وفي القوات المركزية ومنها قيادة قوات الطوارئ المركزية في الحزب. كلّف بمهمات كثيرة في العاصمة بيروت وحماية الرفاق ومراكز الحزب وخاصة المركز الرئيسي في بيروت من شتى الاعتداءات وهجمات القوى الطائفية.
خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وعند وصول قوات الاحتلال إلى بيروت، تصدى ببسالة للعدوان على رأس قوه حزبية مقاتلة، حيث أنزلوا خسائر فادحة في صفوف العدو وتمكنوا من إعاقة تقدمه خاصةً على محور المتحف والجامعة العربية.
عُرف عن مازن أنه كان أحد الذين نفذوا أول عملية للمقاومة الوطنية اللبنانية في بيروت وهي عملية بسترس ضد جيش الاحتلال تلبية لنداء جبهة المقاومة “جمول” في أيلول من العام 1982، وكان شريكاً في معظم العمليات التي نفذت بعدها في عملية محطة أيوب وعملية منظمة التحرير وسلسلة عمليات الجبهة ضد الاحتلال الصهيوني.
مازن عبود بطل تحرير بيروت من الاحتلال الصهيوني وأحد الأبطال المميزين الذين لاحقوا العدو على امتداد الأراضي اللبنانية وسدّدوا له الضربات التي أجبرته على الانسحاب من بيروت والجبل والإقليم وصيدا والبقاع الغربي والجنوب وصولاً إلى الشريط الحدودي.
كان له دور هام في التخطيط والتنفيذ لعدد من عمليات المقاومة في ضواحي بيروت وفي الجبل، التي لم يعلن عنها، منها عمليات أمنية وعسكرية في الحدث وفرن الشباك وشانيه وداريا….، تكبّد فيها العدو عدداً من القتلى في صفوف ضباطه وعناصره.
وكان مازن عبود المنفّذ الفعلي للعملية الأولى ضد العدو الصهيوني في مدينة صيدا عندما اصطاد عنصرين صهيونييّن في جيب عسكري في وسط مدينة صيدا في وضح النهار، حيث كانت باكورة العمليات النوعية في المدينة التي أدت إلى تحريرها لاحقاً.
قاوم مازن عبود قوات المارينز وتصدى للقواعد العسكرية الأميركية التي كانت متواجدة في لبنان في تلك الفترة، وبعد أن تمكّن العدو من كشف هويته، قاموا بمحاولة اغتيال فاشلة، ومن ثمّ قاموا عبر عملائهم في الداخل بتفجير منزله في عين المريسة.
كما تولى الرفيق مازن، إلى جانب رفاق آخرين، تدريب الرفيقات والرفاق وتحضيرهم لتنفيذ أهم عمليات المقاومة الأمنيّة ضد أخطر قادة عملاء الاحتلال .
هذا غيض من فيض هذا التاريخ المشرّف الذي كتبه بكفاحه طوال حياته الرفيق مازن عبود، وما خفي كان أكبر من هذه المهمات سواء تلك المتعلقة بالمقاومة ضد العدو وعملائه، أو بحماية الحزب والدفاع عنه عندما كان يتعرض للخطر، أو عندما كان الشعب اللبناني يتعرض للتنكيل والتعذيب من قبل عملاء العدو شارك الرفيق مازن في المؤتمر الوطني الثاني عشر اللحزب بصفة مندوب مراقب، وانتخب خلاله وبالاجماع عضوًا فخرياً في لجنته المركزية.
إن الحزب الشيوعي اللبناني وجماهير شعبنا إذ تودّع هذا القائد البطل تعاهده على المضي قدما على الطريق الذي قدّم حياته من اجلها، انها طريق الأحرار، طريق المقاومين الوطنيين من اجل التحرير والتغيير طريق بناء وطن حر وشعب سعيد. كل التعازي لعائلته ورفاقه ومحبيه ولكل المقاومين ولأبناء بلدته عنقون التي قدمت لهذا الوطن ابناً من أبنائها الأبرار.
الحزب الشيوعي اللبناني