يختصرُ اسم المُدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الكثير من العناوين، ويرتبطُ بأدقِ الملفات تفصيلاً على الساحة اللبنانية وإلى ما يتعدّاها إقليمياً ودولياً.
أصبح يُشكّل نُقطة تلاقٍ بين المُتخاصمين، فيعمل على تفكيك الألغام وابطال مفعول صواعقها، وهو ما خَبره في المُؤسسة العسكرية، واكتسبه ميدانياً، وفي تجارُب الحياة.
مُجرد ذكر اسم اللواء عباس إبراهيم، يشعرُ المُواطنين بالطمأنينة، وأن بوادر خير ستكون لها نتائج إيجابية مرجوّة، بعدما شكّل مصدر ثقةٍ بين مُختلف الأطراف اللبنانية، وبمكانةٍ إقليمية ودولية، فأضحى رجل دولة للمهمات الصعبة في الأمن، كما السياسة والقضايا كافة، عابرٌ للطوائف والمذاهب والبلدان.
يسيرُ بالملفاتِ، غير آبهٍ بالمخاطر المُحدقة، وإلى القصف والقنص والطعن، لأنه يضع نصب عينيه الهدف الذي يُريد تحقيقه، فيُقدم على ذلك بجُرأة وشجاعة، ورجولة وصدق، ومُثابرة، مُتحلّياً بدماثة الأخلاق، وحُب الآخرين، وعمل الخير وتقديم كل معونة لمن يستطيع.
وهو ما تربّى عليه في منزل يعود بنسبه إلى بيت الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، من والديه الراحلين السيدين الحاج كاظم إبراهيم والمرحومة الحاجة شفيقه سليمان مكه، اللذين رحلا بعد أن اطمأنا إلى فلذة كبدهما، وشاهداه في مراكز مرموقة، مُحقّقاً النجاحات والإنجازات.
من يعرف اللواء إبراهيم عن كثب، يكون على يقين، بأن استقامته هي كخط القطار، لا يُحيدُ، لا ألوان رمادية لديه، بل أسود وأبيض.
يتمتعُ بثقة الفارس الشُجاع، المقدام، والفراسة، ويمتاز بتدوير الزوايا، وإيجاد الحلول والمخارج للأزمات، لكن مع ثابتة أساسية، لا تفريط بها، أن المصلحة هي للبنان والوطن والمُواطن.
يُقابل أي من المُهمات بابتسامةٍ، يبثّها لتزرع آملاً لدى المُواطنين، على الرغم من الألم والحسرة، اللذين يعتصران قلبه على ما وصل به الحال بلبنان، بفعل بعض المسؤولين، الذين يُغلّبون المصلحة الشخصية على العامة.
دائماً ينظر إلى النصف المُمتلئ من الكوب، ويُضيء شمعة بدلاً من لعن الظلام.
هكذا، استطاع تأمين مليون برميل من النفط الخام، بعلاقته الشخصية برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وبتسهيلاتٍ خاصة للبنان.
وعندما انتهت مُدّة الاتفاقية في السنة الأولى، جُدّدت، وكانت بكمية مُضاعفة وصلت إلى مليوني برميل.
كل الإنجازات التي حققها اللواء إبراهيم، تُؤكد مدى المهام الجسام التي تُلقى على كاهليه، والجُهد المُضني الذي يحتاجه للإنجاز، واصلاً الليل بالنهار، مُتجولاً من مكان إلى آخر، ومنطقة وأخرى، بل بلدٍ وآخر.
هو في جُهدٍ دؤوب بإيجاد حلول للأزمات المعيشية والحياتية وما يتعلق بحُقوق المُواطنين والنقابات والجمعيات.
أيضاً، في مُواجهة العدو الإسرائيلي وشبكاته التجسُسية، و«الإرهاب» وخلاياه، وقد نجا من مُحاولات اغتيالٍ عدّة، فيها بصمات الوجهان لعملة واحدة: العدو و«الإرهاب».
استطاع أن يُثبت نظرية جديدة، وهي تنفيذ «الأمن الإستباقي»، بدايةً باعتماد «القوة الناعمة» بعمل أمني نظيف، أنقذ من خلاله قيادات بارزة والمُواطنين والبلاد، وأوقف مطلوبين كبار للعدالة.
وإذا ما اضطُر، فإن التضحية والفداء من أجل الوطن، هو ما أقسم عليه لدى اختياره الانخراط إلى المُؤسسة العسكرية، مُلتحقاً بها بتاريخ 4 أيلول/سبتمبر 1980، تمسُّكاً بمكانتها وما تُمثله من انصهار وطني، على الرغم من التحذيرات بأن شقيقه محمد استُشهد في الجيش اللبناني دفاعاً عن الوطن.
حتى تخرّج، بتاريخ 1 آب/أغسطس 1982، برُتبة مُلازم اختصاص مُشاة، وكانت المُواجهة الأولى ضد العدو الإسرائيلي، الذي احتل أرض الجنوب، قبل احتلال مدينة بيروت، لتكون أول عاصمة عربية يحتلها بعد مدينة القدس.
تطوير الأمن العام
مُنذ أن أُختير لمنصب مُدير عام الأمن العام في جلسة مجلس الوزراء، التي عُقدت برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، بتاريخ 18 تموز/يوليو 2011، وتسلّم مهامه (20 منه)، انطلق في المُديرية، لينتقل بها إلى مصاف العالمية، تنظيماً وإدارة ودوراً ومهام وإنجازات.
لم يكُن تعيين اللواء إبراهيم في ظروف عادية، بل كانت في ظل ما عُرف بعاصفة «الربيع العربي» وببروز الخلايا الإرهابية، لتُضيف ملفاً جديداً إلى ملفات التعامُل مع العدو وعُملائه.
مُنذ البداية، تعامل في المُديرية مع الإنسان بانتمائه إلى الوطن، من دون النظر إلى طائفته أو مذهبه أو منطقته، طالما أنه يلتزم الأنظمة والقوانين.
وأن العميل أو «الإرهابي»، لا جنسية ولا طائفة ولا خيمة تحميه.
ولأن مهام المُديرية ومجالاتها مُتشعبة، تعامل بهذا المبدأ مع حاملي الجنسيات الأخرى، المُتواجدين على الأراضي اللبنانية، من دون النظر إلى الجنسية والطائفة.
رسمَ اللواء إبراهيم خارطة طريق واضحة، بتحديد الثوابت والأولويات، وأن الوقت هو للعمل، بالتعاون مع الجميع، لأن لبنان بحاجة إلى جميع أبنائه، مُنطلقاً من نقاط التلاقي، ومُتجنّباً نقاط الخلاف.
نجحَ في عقد المُصالحات والوساطات، لبنانياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، فكان موضع حفاوة تكريم، بما يتجاوز لبنان إلى المُستويات العربية والدولية.
وفي مُديرية الأمن العام، عمل اللواء إبراهيم على تطويرها واستحداث فروعٍ وأقسامٍ جديدة، من مبدأ التسهيل على المُواطن بالوصول لإنجاز مُعاملته، فجرى استحداث عشرات المراكز الجديدة مع معهد تدريب خاص للأمن العام في الدامور.
تتعدد مهام الأمن العام، لتشمل مُختلف الميادين: أمنياً، سياسياً، اجتماعياً، اقتصادياً وإعلامياً، ولا تقتصر فقط على اللبنانيين، بل تُعنى بكل المُقيمين على الأراضي اللبنانية.
لعلَ من أكثر الأزمات التي عانى منها الأمن العام، كانت إصدار جوازات سفر «البيومتري»، بعد تدفُق المُواطنين اللبنانيين بكثافة غير مسبوقة، من أجل الحُصول على جواز السفر، ما أدّى إلى تقليص المخزون الاحتياطي لما هو مطبوع.
مرد ذلك، إلى أن المُواطن باتَ يخشى استمرار انهيار مُؤسسات الدولة واحدةً تلوَ الأخرى، وعلى اعتبار أن جواز السفر هو المُستند الأساسي للانتقال، وأيضاً للإقامة في أي دولة.
هذه الأزمة تفاقمت بعد تعمُّد تأخير تحويل الاعتمادات اللازمة إلى فرنسا من أجل طباعة الجوازات.
ونجحت اتصالات اللواء إبراهيم، بعلاقاته الشخصية في ألمانيا، إلى الإسراع بتأمين الأوراق التي تُستخدم في الطباعة وإرسالها إلى فرنسا.
حل أزمة جوازات السفر
وفي هذا المجال، يُؤكد اللواء إبراهيم لـ«اللواء» «أن حل مُشكلة أزمة جوازات السفر قد وُضعَ على السكة، والأزمة ستتلاشى مُنذ الآن حتى نهاية العام 2022».
تميّزت علاقاته بكبار المسؤولين، في طليعتهم بابا الفاتيكان فرنسيس، فحظي بمكانةٍ خاصة لدى قداسته، ترسّخت بلقائه الأول، بتاريخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 2015.
أيضاً، بالمُساعدة على حل القضايا المُتعلقة بالرهائن والمخطوفين والمُحتجزين من جنسياتٍ لبنانية وعربية وأجنبية.
كذلك، استطاع اللواء إبراهيم أن يصل إلى أكبر دولة في العالم، التي عمدت إلى تكريمه، ليزورها بدعوةٍ رسمية من البيت الأبيض، مرتين خلال أقل من عامين، بعدما أُوفدت طائرة أميركية خاصة لتنقله من لبنان، وتكليف الرئيس الأميركي جو بايدن له الوساطة حول المفقودين الأميركيين في سوريا.
واحدة من الملفات الهامة، التي يتولى اللواء إبراهيم دوراً رئيسياً بارزاً فيها، هو موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الإسرائيلي المُحتل للأراضي الفلسطينية، فكان له موقفٌ واضحٌ وجريء بالتأكيد «نحنُ على يقين أننا سنُعيد فلسطين إلى أصحابها الحقيقيين، ونحنُ من سيُعيدُ فلسطين، وهذه المياه هي فلسطينية، وليست إسرائيلية، وأدعو الإخوة الفلسطينيون أن يُعلنوا موقفاً سياسياً من هذا الموضوع، من أن ما يُفاوض عليه لبنان مع العدو الإسرائيلي، ليس حقاً للعدو، بل هو حق لنا، وأتمنى أن يسمع الإخوة الفلسطينيين وأن يستجيبوا، وهذا الأمر يُساعدنا جداً على المُستوى السياسي».
وهو ما ترك ارتياحاً لدى مُختلف الأطراف الفلسطينية، التي تشهدُ للواء إبراهيم حرصهُ وتفانيه بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين في لبنان، وفي كل المحافل، والعمل الدؤوب على تقريب وجهات النظر فيما بين الأطراف الفلسطينية، وأيضاً توضيح الصورة لدى الجهات المعنية.
اللواء إبراهيم يُؤكد «أن الظروف الدولية والإقليمية ستفرض علينا أن نصل إلى تسوية، فحقنا ليس الخط 29 ولا 23، بل حقنا هو فلسطين كلها».
لا شك أن دوراً كبيراً وهاماً سيكون على عاتق اللواء إبراهيم، بشأن الاستحقاق الرئاسي، في ظل ضبابية الصورة، وعدم تمكُّن أي من التكتُلات داخل المجلس النيابي بتأمين أكثرية تضمن وصول مُرشحه إلى الرئاسة.
لا يسعى اللواء إبراهيم إلى أي من المراكز والأدوار، بل أن المراكز والمناصب التي تعرض مُتعددة، وكذلك المهام التي تُوكل إليه، وفي كل منها يترك بصمة.
ولا غرابة أن تُستحدث مُسميات جديدة لتتلاءم مع مهام تُوكل إلى من تُعلّق عليه الآمال الجسام.
يحل العيد الـ77 للأمن العام، بتاريخ 27 آب/أغسطس، في ظل ظروفٍ دقيقة يمرُّ بها لبنان، حيث يُوجّه اللواء إبراهيم أمر اليوم، يتحدث فيه بصراحته المعهودة عن مُختلف القضايا المُتعلقة بالواقع اللبناني على مُستوياتٍ عدّة.