كتبت النهار
لم يسجَّل بعد أي تطور جديد على صعيد الخطوة التي ستلي موافقة مجلس القضاء الأعلى على تعيين محقق عدلي للنظر في الأمور الملحّة والضرورية. فالمجلس لم يتلقَّ اي اقتراح بتسمية القاضي الجديد، بحسب مصادره، وهو لم يجتمع أمس. وأرجئت هذه المسألة الى مطلع الأسبوع المقبل لحسمها. وتفسر مصادر متابعة لهذا الموضوع ان التمهل في اقتراح وزير العدل قد يكون للتشاور في الإسم والتوافق عليه بعد استمزاج صاحبه. وفي السياق، تردد ان ثمة من رفض حمل هذه التسمية في هذه المرحلة الصعبة والمتأرجحة بين قبول مبدأ التعيين وتنامي الإعتراض عليه، أو للعدول عن هذا القرار في الأساس بسبب تعاظم موجة إنتقاد عدم قانونية هذا القرار دخل قضاة على خطها عبر بيان عالي السقف لنادي قضاة لبنان الذي اعتبر أنه “ليس هكذا تصان الحقوق وتتحقق العدالة. وليس هكذا يتصرف من يفاوض ويناقش للإستحصال على قانون يكرس استقلالية السلطة القضائية”، ليضيف: “أياً تكن الأسباب التي دفعت بكم الى الإقتراح والموافقة على الطرح، فكان من الأجدى تعيين بديل من وزير المال ليفرج عن مشروع مرسوم التشكيلات القضائية فيعاود التحقيق مساره الطبيعي بشكل قانوني، بدل اللجوء الى حل أجمع أهل القانون والقضاء على عدم قانونيته فلا رديف عند وجود الأصيل”، مطالبا “بالتراجع عن قراركم، فإن الرجوع عن الخطأ فضيلة”، فضلا عن موقف مجلس نقابة المحامين برئاسة النقيب ناضر كسبار الذي شدد على “ضرورة احترام القوانين والأصول التي ترعى المحاكمات”، وعلى ان التحقيق “لا يتم بمحققين مختلفين”، ليهيب بالمسؤولين المعنيين “الحفاظ على هيبة السلطة القضائية ومراعاة القوانين والأصول الجوهرية”.
ويقابل ذلك رأيٌ يذهب الى أن القرار قد ينفّذ للمضي في هذه المهمة. وفي هذه الحال سيصطدم تنفيذ هذا القرار لا محالة بعقبات قانونية تستدعي المراوحة وزيادة التعقيدات وفي مقدمها طلب الرد لتعود الأمور الى النقطة ذاتها التي أدت الى عدم بت الطلبات العالقة التي جمّدت عمل قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار، وهي عدم اكتمال أعضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييز بسب عدم إقرار مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية حيث تمسّك مجلس القضاء الأعلى بموقفه السابق وهو عدم تلبية طلب وزير المال يوسف خليل بزيادة الغرفة الرقم 11 في غرف محكمة التمييز لأن من شأن ذلك الإخلال بالتوازن في توزيع المراكز القضائية .
الى ذلك، وصل تصعيد ذوي الضحايا الى وزارة العدل لنقل احتجاجهم على اقتراح قاضي تحقيق عدلي ثان، فيما تناقل مطلعون على مضمونه انه لم يحدد مهمة الأخير وربطها بالأمور الضرورية والملحّة. ويقول وليم نون شقيق الشهيد جو نون لـ”النهار” إن “من الأجدى إقرار التشكيلات القضائية الجزئية بدل اللجوء الى حل جزئي يتصل بالموقوفين، والحل الأنسب ان يمضي التحقيق بكامله”. وأضاف نون الذي لم يشارك في الإعتصام امام وزارة العدل ان “ثمة إجماعا من نقابة المحامين في بيروت ومن القانونيين والدستوريين على ان هذا الإقتراح غير قانوني”، معتبرا ان هذا الإقتراح “سياسي وتزامن مع زيارة نواب من تكتل لبنان القوي لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود”، مبديا ثقته به “وهو رجل قانون ومع الحق، وكل ما نطلبه هو حل يشمل الجميع وليس حلاً جزئيا للموقوفين. فنحن ضد الظلم إن كان ثمة موقوف في السجن يشكو من ظلامة”. وتوجه الى الرئيس الأول عبود: “ندرك مدى الضغوط التي تواجهها ولا نطلب سوى تطبيق القانون ووضع التشكيلات موضع التنفيذ بإحالة المرسوم المتعلق بها الى الوزراء المختصين بعد رفضها من المجلس، عندها نضغط نحن عليهم لإقرارها وفق الأصول والدستور”.
ووفق المعطيات، ان مجلس القضاء سيجتمع الثلثاء في شأن هذا الإقتراح. وفي الغضون جرى التداول الإعلامي بعدد من الأسماء ناهز العشرة، بينهم مقربون من “التيار الوطني الحر”. وأفادت مصادر قضائية بان هذا العدد مبالغ به، فيما ذكرت مصادر المجلس ان القاضي عبود لن يرضى إلا باختيار إسم محايد. وتتحدث المعلومات الأولية عن ثلاثة أسماء جديين هم: القضاة بسام الحاج وفادي العنيسي وسامر ليشع .
ويشار الى ان تسمية قاض عدلي ثان يسجل سابقة يشهدها القضاء للمرة الأولى. وفي السياق كرر القاضي جهاد الوادي في اتصال مع “النهار” نفيه ان يكون قد عُيّن محققا عدليا ثانيا في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقال: “لو عُرض عليّ الأمر حينذاك لرفضته، وأحدٌ لم يطرحه عليّ”.