على بعد شهر ونصف الشهر من انتخابات “الكنيست”، يحاول رئيس حكومة الاحتلال الحالي يائير لابيد الظهور بصورة رجل اليسار “القوي” وأن الحكومة اليسارية ليست بالضعيفة أمام اليمين. ويخوض، كما كل رؤساء الاحتلال المرشحين للمنصب، الانتخابات بالتحريض ضد الاتفاق النووي بين الجمهورية الإسلامية ودول الأطراف، وبمحاولة تحصيل المكاسب من ترسيم الحدود البحرية مع لبنان.
وفي هذا السياق، أجرى سافر لابيد الى فرنسا وثمّ الى ألمانيا، لكنّ الزيارتين بحسب الكاتب آنا براسكي في مقاله في صحيفة “معاريف” العبرية كانتا مخيبة للآمال وبعيدة عن التوقعات. وأشار الكاتب الى أن لابيد “وجد ألمانيا جديدة منغمسة في عمق التغيرات الدراماتيكية التي تحدث في أنحاء أوروبا” وإن الدولتين ليستا على استعداد للاعتراف بـ “التهديد الإيراني على إسرائيل”.
النص المترجم:
قام رئيس الوزراء يائير لابيد بزيارة عاصمتين أوروبيتين، باريس وبرلين، بفاصل شهرين فقط. تمت كلتا الزيارتين تحت نفس العنوان الرئيسي – “محادثات نووية مع إيران” – لكن المحتوى في باريس وبرلين كان مختلفًا تمامًا. القاسم المشترك بين الرحلات هو أن تنبؤات المعلقين فشلت تمامًا بالنسبة لكليهما.
كانت الرحلة إلى باريس في بداية تموز / يوليو هي أول رحلة لبيد كرئيس لوزراء إسرائيل، كان من المفترض أن تكون مثيرة للدهشة خاصة في ضوء علاقته الشخصية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن نتيجتها جاءت مخيبة للآمال.
في الواقع، تلك الساعات القليلة في جدول مزدحم، التي قضاها لابيد في باريس لم تشكّل مفاجأة. قال لابيد تحدثنا عن إيران وقليلًا عن الفلسطينيين، وأدلينا بتصريحات وافترقنا كأصدقاء.
خلال زيارة أوروبية أخرى بدت في البداية سهلة ويمكن التنبؤ بها ومملة إلى حد كبير. كما ذكرنا، فشلت التوقعات أيضًا حول السلاح النووي الإيراني والجهود الإسرائيلية لوقف اندفاع الغرب نحو الاتفاق، والمفاوضات حول الحدود البحرية مع لبنان.
هذه المرة، في العاصمة الألمانية، كانت المهمة الفريدة الأخرى التي أثرت بشكل مباشر على الوجهات الأخرى للزيارة هي بناء العلاقات. كان من الممكن أن يكون نتنياهو أو بينيت أو حتى غانتس (إذا كانت الشبكة السياسية قد عملت بشكل مختلف قبل عامين)، لكن المهمة وُضعت فعليًا على أكتاف لابيد: بناء جسر جديد للقائد الجديد، الذي يختلف تمامًا عن سلفه، انجيلا ميركل.
كان لبيد ينتظر قصة تبدو مختلفة في ظاهرها لكنه عثر على مستشارها الجديد أولاف شولتز خائفا باردا ومتحفظا ورسميا، حتى أن لابيد لم ينجح في إذابة الجليد بينهما، مع وجود ابتسامات وعناق في لقائهما، دون أن تؤثر على موقف ألمانيا من إيران.
رافقت عدسات الكاميرا الاثنين منذ لحظة المصافحة الأولى عند مدخل مكتب المستشار حتى فراقهما بعد بضع ساعات عند مدخل فيلا فانزا التي لم يتذكرها أحد. وبينما عزفت الفرقة العسكرية الألمانية “هاتكفا” تحت سماء برلين، ابتلعت أصوات النشيد الوطني الإسرائيلي هتافات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين رفعوا أعلام منظمة التحرير الفلسطينية عبر سياج مكتب المستشار.
في سبتمبر 2022، تعرف لبيد على ألمانيا الجديدة، التي تقع تحت تأثير عميق للتغييرات الدراماتيكية التي تحدث في جميع أنحاء أوروبا. دخل مكتب شولتز وبيده البطاقة الإيرانية، والتقى بزعيم دولة منغمس تمامًا في الحرب في أوكرانيا. ذات يوم في شتاء عام 2022، استيقظ الأوروبيون الراضين عن حقيقة الحرب في أوكرانيا، وأدركوا أن العالم المألوف والصالح قد انهار، ويجب الاعتراف بواقع جديد وصعب.
وبينما جاء لابيد إلى برلين وقبلها باريس للحديث عن إيران، فقد عاد إلى إسرائيل بفهم واضح، مخيب لآمال الإسرائيليين، ومفاده بأن أوروبا بشكل عام، وألمانيا وفرنسا بشكل خاص، ليستا على استعداد للاعتراف بالمنطق الإسرائيلي بالتشابه الواضح بين التهديد الإيراني من وجهة نظرها، والتهديد الروسي لأوروبا.
المصدر: معاريف