الرئيسية / ابرز اخبار لبنان / سياسة / هل تهاجمنا “اسرائيل” خلال شهر ؟ حوافز الإقدام وكوابح الإحجام د. عصام نعمان

هل تهاجمنا “اسرائيل” خلال شهر ؟ حوافز الإقدام وكوابح الإحجام د. عصام نعمان

هل تهاجمنا “اسرائيل” خلال شهر ؟
حوافز الإقدام وكوابح الإحجام
د. عصام نعمان

ظاهرُ المشهد السياسي بين “اسرائيل” من جهة ولبنان وسوريا وايران من جهة اخرى ليس كما باطنه. ظاهره في لبنان يشير الى تقدّم المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن ترسيم الحدود البحرية . باطنه في الكيان الصهيوني يتكشّف عن مؤشرات مغايرة .
صحيح ان “اسرائيل” أوحت بتأجيلها إستخراج الغاز من حقل كاريش من شهر ايلول/سبتمبر الى تشرين الاول/اكتوبر المقبل بأنها باتت مستعدة لتقديم تنازلات لتسوية النزاع مع لبنان على مناطق متنازع عليها على حدوده البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة ، لكن ما ظهر ويظهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية يُشير الى عدّة امور بدلالات لافتة :
– موقف أطلقه عاموس يادلين ، الرئيس السابق لشعبة الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية مطلعَ الشهر الجاري ، أكد فيه أنه “من المهم في هذه الظروف التحضير لعمليات تزعزع ثقة حسن نصرالله بقدرته على توقع القرارات والخطوات الإسرائيلية ” (موقع “N12” ، 3/9/2022) .
– موقف أطلقه رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية الحالي اهارون حاليفا داعياً فيه قائد المقاومة في لبنان السيد حسن نصرالله الى “عدم الإستهانة بالردّ الإسرائيلي اذا قرر إتخاذ خطوة لأن قوة “اسرائيل” عظيمة (…) كما ان شعب لبنان يفهم أيضاً ما ستكون عليه نتيجة الحرب” (صحيفة “يديعوت احرونوت “، 2022/9/4).
– رئيس قسم ايران في الجيش الإسرائيلي لاحظ : “اذا كان لدى الإيرانيين اليوم عدّة مئات من الصواريخ والمسيّرات التي تستطيع الوصول الى هنا من ايران، ففي سنة 2025 ، سيكون لديهم الآلاف ، وجميعها دقيقة”.
– إنكشاف المقترح الشفهي الذي حمله الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين في زيارته الاخيرة لبيروت الذي تضمّن طلباً من “إسرائيل” بأن يوافق لبنان على إعطائها “منطقة امنية عازلة” بين بداية خط 1 ونقطة رأس الناقورة بعمق نحو 6 كيلومترات ووضعها تحت سيطرة “اليونيفيل” (قوات الطوارىء الدولية) مقابل منحه كامل “حقل قانا” الامر الذي يتعارض مع خط الحدود المتعارف عليه دولياً بإتفاقية بوليه–نيو كامب سنة 1923 واتفاقية الهدنة سنة 1949 والقرار 1701 الصادر عن مجلس الامن الدولي سنة 2006.
– إتضاح الغاية من مقترح هوكشتاين وهي حمل لبنان على رفضه تفادياً لحصول الترسيم البحري وفقاً لموقف حزب الله ، ذلك ان “إسرائيل” تفضل عدم التوصل الى إتفاق يكون في مصلحة لبنان ويُعزى الفضل في تحقيقه الى حزب الله.
– جاء في دراسةٍ لمعهد أبحاث الأمن القومي في “اسرائيل” الآتي : “إن العقبات الاساسية التي تحول دون اتفاق سلام بين “اسرائيل” ولبنان هي حزب الله” ما يوحي بأن “إزالة” هذا الحزب شرط لتحقيق السلام.
– إقرار رئيس الإستخبارات العسكرية أهارون حاليفا بأنه “لولا وجود حزب الله لكان لبنان جزءاً من إتفاقات التطبيع”.
إذ تنطوي هذه المواقف على مؤشرات متزايدة الى عدم رغبة حكومة يائير لبيد في التوصل الى تسوية مع لبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية ، أقلّه قبل الإنتخابات الإسرائيلية في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل ، تتواكب معها مواقف وأحداث ستة لها دلالاتها ايضاً :
أولها إرتفاع أصوات سياسية معارضة في لبنان لقيام حزب الله بتهديد “اسرائيل” بضرب حقل كاريش اذا ما قامت بإستخراج الغاز منه قبل التوصل الى إتفاق بشأن المنطقة المتنازع عليها وذلك بدعوى ان قرار الحرب والسلم يجب ان يبقى بيد الدولة وحدها. هذه الأصوات من شأنها تشجيع “اسرائيل” على تقليص التنازلات المطلوبة منها لتسوية النزاع ، كما تشجيعها على تأجيل التسوية الى ما بعد إنتخاباتها في مطلع نوفمبر.
ثانيها تعثّر مفاوضات فيينا النووية واتجاه الولايات المتحدة الى إرجاء ، وربما تجميد ، خيار إحياء الاتفاق النووي مع ايران ما يُعزز موقف الداعين في “اسرائيل” كما في اميركا الى ضرب ايران لوقف مسار صعودها الى مرتبة قوة إقليمية كبرى.
ثالثها تصعيد “اسرائيل” عملياتها العسكرية ضد سوريا بقصف مطاريّ دمشق وحلب ومواقع اخرى في محافظتيّ دير الزور وطرطوس بدعوى استخدامها لإستقبال أسلحة ايرانية مرسلة لحزب الله وغيره من التنظيمات المعادية للكيان الصهيوني .
رابعها إنتقال أوكرانيا من الدفاع والتراجع في الحرب امام روسيا الى الهجوم ما قد يدفع “اسرائيل” الى الإعتقاد بأن موسكو ستكون منشغلة بنفسها وحربها ولن تكون مهتمة بدعم سوريا وايران اذا ما تعرضتا لتصعيد عسكري صهيوني .
خامسها أن الولايات المتحدة تبدو منشغلة ايضاً بدعم أوكرانيا بمليارات الدولارات والأسلحة المتطورة بقصد إستنزاف روسيا ، كما بدعم مماثل لتايوان لمواجهة الصين الامر الذي تستبعد معه “اسرائيل” إعتراض اميركا على تصعيدها عسكرياً ضد سوريا وايران وتصلبها تفاوضياً مع لبنان .
سادسها تخبّط لبنان بالفوضى السياسيـة والاجتماعية مــا يشكّل إغـراء وفرصة لـ “اسرائيل” لضرب حزب الله .
كلُ هذه المواقف والأحداث تعزّز نزعة المتشددين والمتطرفين الصهاينة الى إستخدام المزيد من العنف ضد سوريا وايران وكل ما تعتبره “اسرائيل” أذرعةً لإيران في الإقليم ، خصوصاً ضد حزب الله في لبنان الذي تصنّفه أقوى تهديد لأمنها القومي من جهة ولمسار التطبيع مع الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة من جهة اخرى .
هل تهاجم “اسرائيل ” حزب الله ولبنان خلال شهر ، ولماذا ؟
المواقف والأحداث الستة المنّوه بها آنفاً تشكّل ، نظرياً ، حوافز لإقدام “اسرائيل” على محاولة توجيه ضربة خاطفة لحزب الله بقصد تعطيل قدرته على ضرب منصّاتها ومنشآتها الغازية والنفطية على طول ساحل فلسطين المحتلة . لكن قيادة “اسرائيل السياسية والعسكرية تدرك ان حزب الله قادر عملياً على تدمير معظم منصّاتها الغازية والنفطية البحرية ما يحرمها دخلاً من عائداتها بمليارات الدولارات ويعطّل مخططاتها مع مصر وقبرص واليونان لإستثمار مكان النفط والغاز في الحوض الشرقي للبحر الابيض المتوسط .
يإختصار ، خسائر “اسرائيل” جرّاء الحرب ستكون أضعاف أضعاف خسائر لبنان وحزب الله . إقدامها على الحرب خيار ممكن ، لكن إحجامها عنها قرار أرجح.

شاهد أيضاً

توقعات الابراج ليوم الخميس

الحمل مهنياً: يساعدك المخلصون على إحراز النجاح والأرباح في الاستثمارات إلاّ أنّ عليك التصرّف بجدّية. …

الاشترك بخدمة الخبر العاجل