رحل الزعيم السنّي الرئيس سعد الحريري، وجرت الإنتخابات النيابية، والطائفة السنّية لا تزال عاجزة عن النهوض بنفسها.
تعاني ما لا يعانيه غيرها من الطوائف، وكأن لا بدّ من قائدٍ جديد في حال فشلت مساعي إعادة القائد القديم.
عودة الحريري إلى لبنان سياسياً، شكّلت الخبر الذي تصدّر مواقع التواصل الإجتماعي قبل أسبوع…
وهناك من ربط عودته بانتهاء عهد الرئيس ميشال عون، وهناك من شبكها بتسوية تفتح أمامه أبواب العودة بشروط سعودية.
بين الرأي الأول والثاني، يمكن القول إن جواز سفر الحريري السياسي لا يزال مصادراً.
لا عودة قريبة له، حتى مع انطلاق عهد جديد لا يزال مجهول الهوية. ربما الواقع السياسي الحالي يحتاج الحريري وربما لا…
لكن من دون شكّ الساحة السنّية بحاجة ماسة إلى قائدٍ جديد بمواصفات وطنية وصناعة محلية.
يعلم القاصي والداني أن الطائفة السنّية مصابةٌ بنوعٍ من الإحباط على المستوى الشعبي، لعدة ظروف ومعطيات يطول شرحها وذكرها.
لكن أن يصل هذا الإحباط إلى المستوى النيابي، فهذه كارثة لا يمكن إلاّ مواجهتها ومعالجة أسبابها مهما كانت صعبة وكبيرة.
الإحباط النيابي السنّي، واقعٌ ملموس لا يمكن لأي جهة أو طرف إنكاره، وقد تجلى بأقسى صورة، خلال جلسات المجلس النيابي التي خُصّصت لمناقشة مشروع موازنة عام 2022.
فالنواب السنّة بمختلف تسمياتهم باستثناء “التغييرين”، يجدون أنفسهم محاصرين بالكتل النيابية المتراصّة والواضحة المواقف والخيارات والقرارات.
من باب الوصف لا أكثر، كلّ نائب سنّي يغنّي على ليلاه. كلّ منهم لديه خياراته وقراراته وخطابه السياسي وحتى الشعبي.
يبحث معظمهم عن دورٍ يتغلّب به على الآخر، بعضهم يحلم بمنصب رئاسة الحكومة، وبعضهم يريد عودة الحريري، وبعضهم ضائع في وقتٍ لا مجال فيه للضياع.
هذه الحال لن تدوم كثيراً، خصوصاً أن بعض النواب السنّة يشعرون بالضعف داخل أروقة المجلس النيابي، نتيجة استقواء البعض عليهم، وهذا الأمر كشفه أكثر من نائب.
لذلك جرت اتصالات خلال اليومين الماضيين بين عددٍ من النواب وتمّت الدعوة إلى عقد سلسلة لقاءات واجتماعات، غير مرتبطة باللقاء الذي سيعقد في 24 الجاري في دار الفتوى…
ومن المرجّح أن يُصار إلى تشكيل كتلة سنية وازنة تحمل المشروع نفسه والمواقف ذاتها.