رُفعت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لفقدان النصاب، بعد جولة انتخاب، أسفرت عن فوز “الورقة البيضاء” بأكثرية الـ63 صوتاً، ورغم أنها لم تفز بمنصب رئيس الجمهورية، إلاّ أنها رسمت معالم المعركة المقبلة.
ماذا تعني الورقة البيضاء في المفهوم السياسي للنواب وبالتالي للمراقبين؟ هذه الورقة، لم تأت بقرارٍ مزاجي أو لأن من وضعها لم يجد مرشّحاً جدياً لمنازلة المرشّحين الآخرين، بل جاءت نتيجة “شغل محترف”، كما توصّفه مصادر مراقبة، من قبل “حزب الله” وحلفائه.
وتؤكد أن الـ63 ورقة بيضاء تعني سليمان فرنجية، إذا تمّ التوافق بينه وبين جبران باسيل، وهي إن لم تحمل الإسم، فلأن الجلسة لا تتوافر فيها مقوّمات السباق الحقيقي بل كانت “جسّ نبض” خصوصاً للفريق السيادي، الذي أراد عرض عضلاته فلم يحصد سوى 36 صوتاً وهي الحدود القصوى التي يمكن الوصول إليها.
وتسجّل المصادر سلسلة ملاحظات على جلسة الأمس:
ـ ساير الحزب التقدمي الإشتراكي حلفاءه في الإنتخابات النيابية، وقام بانتخاب معوض، لعلمه المُسبق أنه لن يفوز، إذ لو كان لديه نسبة 1% للوصول إلى الرئاسة، لما أقدم على هذه الخطوة، حتى لو تسبّبت بطلاقه مع الحلفاء.
ـ بدا النواب السنّة أنهم خارج التحالفات والمحاور في المجلس ولم يسايروا “القوات اللبنانية” وبالتالي لم تصبّ أصواتهم للنائب معوض، ولم يُظهروا بأي شكلٍ من الأشكال أنهم يضعون ومن خلفهم، المملكة العربية السعودية “فيتو” على فرنجية.
ـ تبيّن لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أنَّ التغييريين، لن يكونوا أبداً على نفس الخطّ معه، لا بلّ إنهم يبتعدون عنه بأشواط لأنه يسعى لمواجهة لا يريدونها.
ـ فكرةُ رئيس التحدي، التي حاول جعجع تسويقها عبر ترشيح معوض، أثبتت أنها هزيلة إلى حدّ كبير ولا تجد من يتبنّاها لا محلياً ولا دولياً.
ـ ما يرسمه جعجع، على طريق الإستحقاق الرئاسي، ينفذه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بدون مناقشة.
ـ الخطأ المرتكب من الفريق السيادي بعدم ترشيح شخصية وسطية قادرة على استقطاب أصوات النواب الذين تجمعهم معهم بعض العناوين السيادية، بل ذهبوا باتجاه طرح رئيس تحدي يعلمون مسبقاً أنه لن يستطيع الوصول.
ـ إرتضى النائب معوض أن يكون “حقل اختبار” ، فظهر أنه ينافس السراب بما أنه لم يكن بمواجهته أي مرشّح جدي، لأنه كان يظن أنه سيكون بمنافسة مع الزعيم الزغرتاوي إبن بلدته سليمان فرنجية.
ـ شكّلت الورقة البيضاء التي تمثّلت بكلّ من “حزب الله” وحركة “أمل” و”التيار الوطني الحر” و”المردة” والطاشناق، دليلاً على قدرة هذا الفريق، حيث ظهر جلياً أن الحزب مع هذا الفريق وبعض القوى السياسية من خارج الفريق، قادرّ على ايصال الرئيس الذي يريد إلى قصر بعبدا.
ووفق هذه الملاحظات، تبقى العبرة في اتفاق الحليفين اللدودين فرنجية وباسيل، حيث يعلم الأخير أن وصول أي رئيس وسطي، سيكون مؤذياً له عكس وصول الوزير فرنجية الذي سيؤمّن له حتماً الحماية السياسية في ظلّ العداء الكبير له من”السياديين” وغيرهم.
ولكن بالنظر إلى ما جرى في جلسة الإنتخاب الأولى، يبدو أن فرنجية استطاع الخروج منتصراً، وبقي في مفهوم الكثيرين جسر عبور بين مختلف الطوائف، لا سيّما مع الطائفة السنّية التي لا زالت تعيش حالةً من عدم الإستقرار.