دائماً ما تحاول دول الاستكبار العالمي، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، إيجاد الفتنة والشرخ لدى الشعب الإيراني، عبر زعمها وجود اختلافات عرقية ودينية مهمة بين أطيافها. ولهذا كانت مساعيها منذ انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979، محاولة دق الأسافين في هذا المزيج العرقي لإيران.
وآخر هذه المحاولات ما يحصل في الأحداث الأخيرة، بحيث تسعى الوسائل الإعلامية التابعة للمعسكر الغربي، لإثارة القلائل العرقية والمذهبية. ولعلّ مقال جون بولتون الأخير في صحيفة التلغراف البريطانية، أكبر دليل على ذلك، حينما لمّح الى هذا الموضوع، زاعماً أن هناك تمييز حكومي قاسي ومستمر ضد الأكراد والأقليات الأخرى.
لكن المطّلع على حقيقة ما جرى ويجري في الجمهورية الإسلامية، يعرف بأن الواقع هناك مختلف كلياً عن وجهة النظر هذه، بحيث أن هناك انصهار وطني تام بين هذه الفئات، مع وجود احترام لخصوصية كل فئة.
ومن الأمور اللافتة أيضاً، استلام العديد من أفراد هذه الفئات مسؤوليات ومراكز عليا في الجمهورية الإسلامية. فعلى صعيد الإيرانيين من الأصول العربية، يبرز اليوم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الأدميرال علي شمخاني، والذي يمثّل قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي في هذا المجلس أيضاً. وهو الذي كان من أبرز القيادات العسكرية منذ انتصار الثورة وما بعدها.
فما هي أهم وأبرز المحطات في مسيرة وحياة الأدميرال شمخاني؟
_ من مواليد العام 1955 في مدينة الأهواز. بدأ نشاطه السياسي السري ضد نظام بهلوي منذ مرحلة الشباب، مما أدى إلى اعتقاله وسجنه من قبل جهاز استخبارات الشاه السافاك.
_في السجن، التقى بأشخاص مثل محسن رضائي وغلام علي رشيد، مما أدى إلى تشكيل مجموعة “منصورون”، التي نفّذت فيما بعد عمليات أمنية وعسكرية ضد دولة الشاه.
_ بعد انتصار الثورة، وبدء صدام حسين حربه على الجمهورية الإسلامية، كان شمخاني أحد كبار قادة حرس الثورة الإسلامية. ففي الفترة ما بين الأعوام 1980 إلى 1982، كان قائد الحرس في خوزستان. وبين عامي 1981 و1987 كان نائباً لقائد الحرس. وبالتزامن تولى قيادة القوات البرية للحرس من العام 1986 الى العام 1988. كما تولى في هذه الأعوام أيضاً كان أيضًا معاون الاستخبارات والعمليات في قيادة القوات العامة للقوات المسلحة.

_في الحكومة الرابعة لمدة عام واحد، من 1988 إلى 1989، كان وزيراً لحرس الثورة، ثم نُقل إلى الجيش. وبين عامي 1989 و1997، كان قائداً لسلاح البحرية في الجيش وكان أيضًا قائدًا للبحرية في الحرس، في إطار تنفيذ الاستراتيجية البحرية الجديدة لإيران وقتذاك، بحيث تولى القيادة المشتركة ضمن مقر خاتم الأنبياء البحري، وأثناء توليه للقيادة أعاد تنظيم القوة البحرية الإيرانية من خلال إجراء تغييرات جوهرية في الأسلحة والتكتيكات والعمليات المشتركة للقوتين. بحيث يعدّ مؤلف أول عقيدة استراتيجية بحرية للجمهورية الإسلامية، وهي عقيدة مطابقة للإستراتيجية الأمريكية والسوفياتية.
_عيّن وزيراً للدفاع في الحكومتين السابعة والثامنة بين عامي 1997 و2005. وهو واحد من حوالي 12 ضابطًا عسكرياً كبيراً برتبة لواء في القوات المسلحة الإيرانية.
_ شارك كمرشح في الانتخابات الرئاسية الثامنة لإيران، لكنه خسر أمام السيد محمد خاتمي واحتل المركز الثالث بعده.
_ بالإضافة إلى التحاقه بكلية القيادة والأركان، وبجامعة الدفاع الوطني (الاستراتيجية العسكرية)، فهو حاصل على إجازة في الهندسة من جامعة غندشابور في خوزستان، وماجستير في الإدارة من نفس الجامعة. وهو يشارك بالتدريس في مختلف جامعات العلوم العسكرية والاستراتيجية.
_ قام بتأليف سلسلة من الكتب حول الإدارة الإستراتيجية، كما كتب العديد من المقالات حول القضايا الإستراتيجية والأزمات الإقليمية والدولية.
_ في أيلول / سبتمبر من العام 2013، عيّنه رئيس الجمهورية وقتذاك الشيخ حسن روحاني، أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي خلفاً لسعيد جليلي. فكان من مهامه متابعة المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة 5 + 1، كما تابع الحرب ضد تنظيم داعش الوهابي الإرهابي في سوريا والعراق بالتنسيق مع الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني.
_ في 10 كانون الثاني / يناير من العام 2020، وضعته وزارة الخزانة الأمريكية و7 من كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية على قائمة العقوبات، بـ”تهمة” زعزعة استقرار الكيان المؤقت والعالم.
لكن اللافت أنه أول وزير إيراني يحصل على أعلى وسام حكومي في السعودية، حيث قلده الملك وقتذاك (وسام عبد العزيز) لدوره البارز في تصميم وتنفيذ سياسة خفض التصعيد وتطوير العلاقات مع دول الخليج.

الكاتب: غرفة التحرير