يتربّص الاعلام الخليجي والغربي التوقيت المناسب “للانقضاض” على حدث ما، بغية توظيفه وفق الأجندة المعدّة سلفاً. ولا يمكن فصل ما يجري في إيران، بما يتعلق بقضية وفاة الشابة، مهسا أميني، عن تلك النوايا التي تهندس السعودية وبعض الدول الغربية، عمليةَ تنفيذها بشكل مباشر.
وبمطالعة سريعة للمواقع التي تعنى بالرصد الإعلامي، نجد ان كمية ضخ المقالات والاخبار العاجلة، -التي تبنى بأغلبها على معلومات مضللة- كانت بأعداد ضخمة. واللافت، ان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي أصدر حكم الإعدام 81 ضحية في يوم واحد، تقدم الدعم المالي واللوجستي وتحتضن منصات وقنوات إعلامية ناطقة باللغة الفارسية، – أبرزها ايران انترناشيونال ومقرها لندن- لتسليط الضوء على الاحتجاجات في إيران. على الرغم من انه لو نزل ربع عدد المتظاهرين في طهران، إلى شوارع العاصمة الرياض، لكان القمع سيد الموقف بما سينتج عنه من اعتقالات وضحايا ومفقودين.
من جهة أخرى، ما كان قرار الحكومة الأميركية بتخفيف القيود الخاصة بتصدير التكنولوجيا التي تفرضها على إيران، إلا للمعرفة الوثيقة لدى الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها، ان آلتهم الإعلامية التي تعتمد على التضليل هي السلاح الذي يمكنهم تحريكه عن بُعد. اذ ان تداول حقيقة ما يجري على الأرض واقعاً، لا يخدم مصالحهم بشيء. وجاء ضمن الخطوة هذه، مجموعة من الإجراءات التي اعتمدوا فيها، على المنصات الأكثر رواجاً، إضافة لرواد مواقع التواصل الاجتماعي، والمؤثرين على فئة واسعة من الشباب. ونذكر هنا، لاعبا كرة القدم، علي دائي، وعلي كريمي، والممثلة خاتون رياحي. اذ ان الأول -الذي أبدى انحيازه للسردية الغربية- تفاجأ بالزيادة المطردة لعدد متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي. فيما كان من الواضح، بروز منصتي تويتر وانستاغرام، بشكل لافت، خلافاً للتظاهرات التي كانت تجري سابقاً.
في حين، ان الاطلاع على محرك البحثGoogle على اسم “مهسا أميني”، يظهر أكثر من مليون و950 ألف نتيجة، بينما يتجاوز البحث على اسمها باللغة الإنكليزية الـ 31 مليون، فيما لم يصل البحث على اسم الشابة باللغة الفارسية إلى 15 مليوناً. ويتبين ايضاً، ان اكثر الحسابات التي كتبت حول الحادثة، على منصة تويتر، لم تتجاوز 449 ألف حساب، بينما تظهر البيانات ان عدداً ضخماً منها حديث الانشاء.
ويقول مطلعون على الأحداث الأخيرة، ان التركيز في حشد التجمعات، كان على فئة المراهقين. ويعود السبب في ذلك، ان هؤلاء لا تتم احالتهم للمحاكم الجنائية، بل يخضعون للأحكام الخاصة بالقاصرين، ويتم الافراج عنهم مقابل كفالة وتعهد ولي الامر.
لم تكن إيران على غفلة مما يحدث. ففي وقت قصير، حددت أجهزتها الاستخبارية الدول المتورطة في اثارة النعرات وتقديم الدعم لمثيري الشغب. حيث خاطب قائد حرس الثورة، اللواء حسين سلامي، وبشكل صريح ومباشر، الدول التي ثبت تدخلها بالشأن الداخلي الإيراني. ووجَّه سلامي كلامه إلى السعودية محذراً: “أقول لآل سعود احتموا بقصوركم الزجاجية، فبيتكم هو بيت العنكبوت لقد اعتمدتم على إسرائيل، وهي تنهار وهذه عاقبتكم… أنتم تتكئون على تل أبيب مع أنها ذاهبة نحو الزوال”.
كذلك، أكد سلامي في كلمة له في مدينة قم، أمام علماء وطلاب الحوزة الدينية: “الأعداء لم ينجحوا في فرض العقوبات علينا. احتجزوا سفينة لنا، فاحتجزنا سفينة لهم أيضاً. استهدفوا سفينة فاستهدفنا سفينة بدورنا”، مشدداً على أنّ “هذه القاعدة قائمة، وكل إجراء تتخذوه ضدنا ستتلقون أضعافه من جانبنا ….على الأميركيين والبريطانيين أن يعتبروا من هذا الدرس، وعليهم الكفّ عن أعمالهم”. وأكدَّ: “الأعداء يتصورون أن بإمكانهم إسقاط النظام الإيراني، لذا حشدوا كل قدراتهم الميدانية والسياسية والإعلامية في أحداث الشغب الأخيرة التي شهدتها البلاد، لكنه تلقى هزيمةً قاسيةً أخرى”، مشيراً إلى أنّ “كل عناصره نزلت إلى الساحة”. وقال: “نحذركم من التدخل في شؤوننا الداخلية”.
وأشار قائد الحرس إلى أنّ “الفتنة الأخيرة في إيران بدأت من نيويورك وباريس ولندن، إلى باريس والرياض حتى شوارع مدننا”.
ولفت إلى أنّ “الشعب الإيراني يعلم أن الولايات المتحدة التي تسعى لدعم الاضطرابات هي من تعمل لتجويع واستهداف الأمة الإيرانية بالعقوبات… كل الشياطين الكبيرة والصغيرة في العالم، وكل الإمبراطوريات السياسية والإعلامية خرجوا من جحورهم لمحاربة إيران”.
الكاتب: غرفة التحرير