الرئيسية / متفرقات / واقع امراض القلب والشرايين في لبنان والعالم في العام 2022 (الجزء الحادي عشر

واقع امراض القلب والشرايين في لبنان والعالم في العام 2022 (الجزء الحادي عشر

الخنّاق الصدري المُستقرّ: التشخيص والفحوصات المطلوبة للتعرّف على اسبابه
واقع امراض القلب والشرايين في لبنان والعالم في العام 2022
(الجزء الحادي عشر)

كنا قد عرّفنا في الجزء السابق من هذا الملفّ الخنّاق الصدري المُستقرّ، وشرحنا بشكلٍ مُفصّل اسبابه مع تبيان خصائص كل مجموعة من هذه الأسباب، وتكلّمنا عن اعراض هذا المرض التي كنا قد تطرّقنا اليها ايضاً بشكلٍ تفصيلي. في هذا الجزء الحادي عشر من هذا الملف نستكمل الحديث تفصيلياً عن طُرق التشخيص والفحوصات المطلوبة للتعرّف على اسباب هذا المرض، على ان نستكمل في الجزء القادم كيفيات العلاج والوسائل المُتوفّرة لذلك في العام 2022، على ان نتناول اخيراً طُرق الوقاية الأوّلية والثانوية من مرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب، الذي يُعتبر المسؤول الأوّل عن هذا العارض- المرض لأنه يُشكّل حوالي 95% من اسباب حصول هذه الحالة كما اوردنا سابقاً.

وفي ما يلي طُرق التشخيص والفحوصات المطلوبة للتعرّف على اسباب هذا المرض:
١- استجواب المريض: وهو من اهمّ الخطوات في هذا المجال، فمن خلال الأسئلة المُوجّهة إلى المريض نستطيع أن نُحدّد حالة الإستقرار أو حالة عدم الإستقرار التي نصف بها الأعراض التي يُعاني منها المريض. فغالباً ما تبقى المرحلة من الإجهاد (Threshold) التي تظهر بعدها الأعراض مُستقرّة وثابتة لفترات طويلة، إلى أن تبدأ بالإنخفاض تدريجياً مع مرور الوقت. وهذا ما يُميّز الخنّاق الصدري المستقر. وهو حالة غالباً ما تكون نادرة بهذا الشكل البسيط لانها قد تتطوّر بسرعة إلى حالات أخطر مثل الخنّاق الصدري غير المستقرّ أو الذبحة القلبية. لذلك يجب ان نعرف انه في أغلب الأحيان تتفاقم الأعراض وتظهر عند القيام بجهدٍ متوسّط الأهمية مثل المشي السريع مثلاً في البداية، بينما يكون المريض في الماضي قادر على القيام بمجهود أكبر في الأيام والأسابيع القليلة السابقة. هذا الإنخفاض السريع في قدرات المريض على الجهد يُعتبر مؤشّر خطورة ويشير إلى تطوّر سريع في خطورة الإنسدادات في داخل جدار الشرايين. وقد يكون ناتج عن تمزّق مُمكن في الكتل الدهنية والعُصيدات او اللويحات الموجودة في جدار هذه الشرايين، أو عن حدوث جلطات صغيرة خطيرة في داخل هذه الشرايين. وهذا ما قد يتطوّر إلى حالة خنّاق صدري غير مُستقرّ أو إلى ذبحة قلبية حادة كما سنرى لاحقاً. وفي هذه الحالات يجب الإسراع فى العلاج ونقل المريض الى المستشفى قبل فوات الأوان. وعند التحقيق مع المريض يتمّ أيضا السؤال عن عوامل الخطورة المُسبّبة لتصلّب الشرايين التاجية لديه وهي عوامل ذكرناها تفصيلياً في محاور سابقة ومن المُمكن الرجوع إليها.

٢- الفحص السريري: إن الفحص السريري للمريض يهدف إلى البحث عن علامات مرض تصلّب الشرايين في الأماكن الأخرى كالأطراف العليا مثل شرايين الرأس، او في الأطراف السُّفلى من الجسم مثل شرايين الاطراف عن طريق الأستماع إلى صوت الشرايين والبحث عن صوت غير طبيعي يعني وجوده وجود علامة لإنسدادات فيه (Vascular murmur). كذلك يجب الإستماع إلى القلب والبحث عن مشاكل في صمامات القلب، والبحث عن اعراض مرض قصور القلب.

٣-تخطيط القلب العادي في حالة الراحة: إن تخطيط كهربيّة القلب (EKG) عند المريض الذي يُعاني من هذا المرض يكون طبيعي في أغلب الأحيان, خارج نوبة الألم الصدري المباشرة، التي قد نشهد خلالها بعض التغيّرات على التخطيط. وفي أحيان أخرى قد يُظهر التخطيط موجات T سلبية (Negative T waves) أو إنحدار في مستوى الـ (ST segment)، وهي علامات يعرفها الأطباء جيداً وتُشير الى وجود نقص في تروية عضلة القلب. وهذا ما يؤشر إلى خطورة أكبر للمرض في هذه الحالة. وقد يظهر احياناً علامات ذبحة قلبية قديمة مرّت صامتة في الأيام أو الاشهر أو السنوات السابقة، خاصة عند المرضى المُسنّين او عند المرضى الذين يُعانون من مرض السكري المُزمن.

٤- الصورة الصوتية للقلب مع الدوبلر (Cardiac echo Doppler) : وهو الفحص الروتيني الذي نُجريه تقريباً بشكلٍ روتيني لكل مريض يعاني من مشاكل قلبية لأن يعطينا فكرة دقيقة عن قُطر وحجم عضلة القلب، سماكتها وقوة إنقباضها واماكن الخلل فيها. كذلك ويسمح لنا هذا التصوير بقياس “قوة القذف القلبي” او “الكسر القلبي”، وبتقييم حالة صمّامات القلب، قياس حجم الشريان الأبهر الخارج من القلب، حالة القلب الأيمن، الضغط الرئوي، غشاء القلب وغيرها من المؤشرات التي نقيّمها خلال حالات قصور عضلة القلب.
٥-الصورة الشعاعية للصدر (Chest X-ray): وهي غير إلزامية في هذه الحالة، ولكنّنا نطلبها في اغلب الأحيان بل تقريباً في كل الأحوال لمعرفة حجم القلب ووجود اعراض قصور قلبي او مشاكل رئوية مُصاحبة خاصة اذا كان المريض مُدخّن مُزمن.

٦-الفحوصات المخبرية: ويجب إجراء بعض الفحوصات المخبرية لكي نُحدّد درجة الخطورة عند المريض مثل فحص قوة الدم، نسبة الكريات الحمراء وصفائح الدم (CBCD)، فحص الكلى (BUN , Creatinine)، فحص السكر صباحاً قبل تناول الطعام وفحص الدهنيات في الدم (Lipid profile). وقد نطلب ايضا احيانا فحص خمائر القلب في الدم (Cardiac enzyms : Troponin T and I, CPK,Myoglobin) في حال كان هناك شكّ في عدم إستقرار حالة المريض او الشك في حصول ذبحة قلبية حادّة.

٧-فحص الجهد القلبي (Stress test): وهو الفحص الذي سوف يُؤكّد التشخيص ويعطي فكرة مُهمّة عن مستقبل المريض. وهو من المُمكن إجراءه على دراجة هوائية (Ergometer) أو على سجادة المشي المُتحركة (Treadmill)، في المستشفى في اغلب الأحيان، او في عيادة طبيب القلب في بعض الأحيان، بشرط ان تكون مُجهّزة بوسائل الإنعاش القلبيّ والرئويّ بما في ذلك الصادم الكهربائي الخارجي او تكون قريبة من مستشفى يوجد فيه هكذا تجهيزات. وهو يهدف إلى زيادة العوامل الثلاثة الرئيسية التي تُحدّد إستهلاك الأوكسجين في القلب، وهي سرعة نبضات القلب وقوة إنقباض القلب والضغط الشّرياني. وخلال هذا الفحص يتمّ مُراقبة تخطيط القلب على شاشة الحاسوب، ويتمّ أيضاً مُراقبة الضغط الشرياني كل دقيقتين أو ثلاث دقائق، ويتم خلاله زيادة قوة وسرعة الجهد حسب بروتوكولات معينة ومعروفة, إلى أن نصل إلى “مستوى ضربات قلبية نظرية ومُحدّدة” بحسب كل مريض وهي منطقة تدعى “منطقة الهدف” ونحصل عليها من خلال تطبيق المعادلة التالية: “220 ناقص العمر بالسنوات”، أي أن مريض عمره 60 سنة مثلاً, يجب أن تصل ضربات قلبه على الإجهاد إلى مُعدّل نظري أقصى هو 220 -60 اي ما يساوي 160 نبضة في الدقيقة, دون أن يصاب بأية مشاكل خلال فترة الجهد التي تترواح بين 6 الى 15 دقيقة بحسب عمر المريض ووضعه العام ودرجة تدرّبه ولياقته وكفاءته السابقة على القيام بالجهد . ويكون عادة فحص الجهد تشخيصي ومُعتبر في حال وصل المريض إلى أكثر من %85 من هذا المعدل الأقصى النظري، اي ان نبضات القلب عنده خلال الجهد وصلت الى معدل يفوق %85 من المُعدّل المُحدّد نظرياً كما شرحنا سابقاً بالنسبة لعمره. ولا يجب عادة التوقّف قبل أن يصل المريض إلى هذا المُعدّل إلّا اذا كان الفحص غير طبيعي، او إذا المريض غير قادر على الوصول الى هذه العتبة. وكل فحص لا يصل فيه المريض الى %85 او اكثر من منطقة الهدف المُحدّدة سابقاً يُعتبر “غير تشخيصي” وغير كافٍ لإعطاء جواب نهائي حول الإصابة بمرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب، ويجب إستكماله بفحوصات اخرى مُكمّلة لكي نؤكّد او ننفي كلياً وجود هذا المرض. ويقوم طبيب القلب مع المُمرّض المساعد له خلال الفحص بمراقبة المريض خلال كل فترة الجهد التي قد تتراوح كما قلنا بين 6 دقائق إلى 15 دقيقة حسب اللياقة البدنية للمريض، وحسب حالته الصحية العامة وعوامل اخرى مُتعدّدة. ولا يجب إيقاف المراقبة بعد الإنتهاء من فحص الجهد قبل مرور 6 دقائق بعد التوقّف عن الجهد، لأن هناك إضطرابات خطيرة في ضربات القلب أو أعراض أخرى قد تظهر خلال هذه الفترة التي يطلق عليها الاطباء مرحلة الإسترخاء، او مرحلة إعادة إسترجاع القوة . ويُدّون الطبيب كل الأعراض التي يشكو منها المريض خلال هذا الفحص، ويعرضها في تقريره النهائي الذي يجب أن يشمل السرعة القصوى والجهد الأقصى الذي قام به المريض وتفاعل ضربات القلب والتخطيط مع الإجهاد، ونوع الأعراض التي قد تكون قد ظهرت خلال ذلك الجهد وتفاعل الضغط الشرياني مع الجهد وكذلك لياقة المريض العامة.
ولا يجب إجراء فحص الإجهاد في حال كان المريض يُعاني من آلآم صدرية في حالة الراحة (خنّاق صدري غير مُستقرّ)، أو خلال الـ 5 أيام التي تلي تعرّضه لذبحة قلبية حادّة (Acute myocardial infarction)، أو في حال كان المريض يشكو من قصور غير مُستقرّ في عضلة القلب، أو من إرتفاع غير مُراقب للضغط الشرياني، أو من إنسداد مُتقدّم جداً في الصمّام الأبهر، أو من تضخّم إنسدادي خطير في عضلة القلب (Hypertrophic obstructive cardiomyopathy).
كذلك لا يُمكن إجراء فحص الجهد عند المرضى الذين يعانون من مشاكل في مفاصل الأطراف السفلى، أو من إنسدادات في شرايين هذه الأطراف، أو مشاكل في تخطيط القلب تُعيق دراسة التخطيط القلبي على الإجهاد، مثل حالة وجود إنقطاع كامل في مرور الكهرباء في الجذع الأيسر من الشبكة الكهربائية القلبية Left Bundle Branch)(Block: LBB، عند وجود مرض (Wolf Parkinson White)، او عند المرضى الذين خضعوا لتركيب بطارية للقلب (Pace maker)، لأنّنا لا نستطيع تقييم تغيّرات تخطيط القلب في كل هذه الحالات. وكذلك الأمر عند المرضى الذين يوجد عندهم تغيّرات على تخطيط القلب مع إنخفاض تلقائي في مستوى الـ (ST segment)، أو إنخفاض في هذا الأخير ناتج عن تناول بعض الأدوية مثل الـ (Digoxin) .
ويكون فحص الجهد إيجابياً عندما يظهر علامات سوء تروية في عضلة القلب، اي عندما يظهر على الجهد إنحدار أكثر من 1,5 ملم في مستوى الـ (ST segment) على التخطيط خلال الجهد مع/أو بدون ألم في الصدر. ويُظهر هذا الفحص مُؤشّرات خطيرة، اي ان مرض تصلّب الشرايين خطير ومُتقدّم عند المريض، في حال كان إيجابياً باكراً خلال بداية الجهد، أو في حال ظهور إنحدار كبير في مستوى الـ (ST segment) أكثر من 2 ملم، أو في حال كانت التغيّرات في عدة إتجاهات على تخطيط القلب. كذلك الأمر في حال حصول هبوط كبير في الضغط الشّرياني مع الجهد بدل الإرتفاع الطبيعي الذي نراه عادة، أو إذا ظهرت علامات إضطراب خطيرة في ضربات القلب على الجهد مع ظهور تسرّع او رجفان بطيني (Ventricular tachycardia or fibrillation) .
وأحيانا قد يكون هذا الفحص “إيجابي-كاذب” أي أنّه إيجابي بحيث انه يُشير إلى إمكانية وجود مرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب لكن تمييل القلب لا يُظهر وجود إنسدادات في شرايين القلب. وهذا ما قد نراه عند الأشخاص الذين يكون لديهم إحتمال خفيف لوجود مرض تصلّب في شرايين القلب، مثل المرأة قبل سن الـ 50 سنة او حتى عند بعض الرجال الذين يكون عندهم مرض في الشّعيرات الشّريانية الصغيرة، والذي يُؤدّي إلى وجود نقص في تروية عضلة القلب، لكن تمييل القلب لا يُظهر عندهم وجود إنسدادات على الشرايين التاجية الكبيرة التي يجري تقييم حالتها عبر القسطرة او التمييل. ونقول عادةً أن الفحص “سلبي أو طبيعي” إذا وصل المريض إلى المستوى الأقصى النظري المطلوب منه دون وجود علامات غير طبيعية على تخطيط القلب ودون حصول أعراض قلبية (او رئوية) غير طبيعية.
اخيراً, هناك حالات نلجأ فيها لإجراء فحص الجهد القلبي لتقييم تأثير إنسداد موجود على أحد الشّرايين التاجيّة للقلب وتحديداً لمعرفة مدى مسؤوليّته عن الأعراض التي يشكو منها المريض.

٨-تصوير القلب بواسطة الطب النووي (Cardiac Scintigraphy)، او من خلال فحص تصوير القلب بالتصوير الصوتي مع الإجهاد ( (Cardiac Stress Echography) والتصوير
الطبقي المحوري للقلب (Coro Scanner) : اخيراً وكما قلنا سابقاً, هناك بعض الحالات التي نقول فيها أن الفحص “غير تشخيصي” او غير “معتبر”, عندما يتعب المريض أو يُوقف الإجهاد قبل أن يصل إلى عتبة ال%85 من المستوى النظري الأقصى الذي يجب أن يصل إليه، من دون أن نرى تغيّرات على تخطيط القلب او اية اعراض غير طبيعية. في هذه الحالة نقوم بإجراء فحوصات أخرى من أجل التشخيص مثل تصوير القلب بواسطة الطب النووي (Cardiac Scintigraphy)، او من خلال فحص تصوير القلب بالتصوير الصوتي مع الإجهاد (Cardiac Stress Echography). والفحص الأول يُطمئِن جداً في حال كان طبيعياً مئة في المئة. أما في حال كان إيجابياً فخطورة المرض في هذه الحالة تزداد مع عدد الأجزاء التي يظهر عليها نقص التروية، أو عندما يكون هناك توسّع في حجم البطين الأيسر على الأجهاد، أو في حال وجود سوء إنقباض في هذا البطين مع الجهد. ويجب هنا إستكمال هذا الفحص بواسطة التمييل في حال كان هناك أكثر من 3 أجزاء مرضية على صورة الطب النووي. أما التصوير الصوتي للقلب على الأجهاد، فهو أيضاً مُطمئِن جداً في حال كانت الصورة طبيعية اي ان إنقباض كل اجزاء العضلة القلبية كان طبيعياً على الجهد. ويجب إستكماله بالتمييل في حال أظهر هذا الفحص وجود أماكن سوء إنقباض في العضلة على الجهد. ونلجأ عادة إلى هذين الفحصين الأخيرين في حال وجود موانع لإجراء فحص الجهد العادي للقلب, مثل عند المرضى الذين يكون تخطيط القلب العادي لديهم غير طبيعي، أو عند المرضى الذين لا يكون فحص الجهد لديهم تشخيصي وكامل، او في حال كان إحتمال الإصابة بمرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب خفيف أو مُتوسّط مثل عند المراة بشكلٍ عام، او عند بعض الرجال الذين لا يُعانون من عوامل خطورة شديدة للإصابة بمرض تصلّب الشرايين، او من اعراض قلبية دقيقة ومُميزة قد تُشير إلى إحتمال كبير لإصابتهم بهذا المرض. أما في حال وجود إحتمال كبير للإصابة عندهم فيجب إقتراح التمييل مباشرة.
امّا التّصوير الطبقي المحوري للقلب (Coro Scanner) فهو مُعتمد تقريباً في ذات الحالات التي نعتمدها لإجراء التصوير النووي للقلب او التصوير الصوتي للقلب مع الجهد. وقد نطلب هذا الفحص الذي يستدعي حقن مادّة “اليود” المُلوّنة للشرايين، قبل العبور الى إجراء عملية تمييل لشرايين القلب في حال كان إحتمال وجود مرض تصلّب شرياني مُنخفض او متوسّط، او اذا كانت حالة المريض تستدعي ان يخضع ل”عمل جراحي خطير غير قلبي” (جراحة غير قلبية ثقيلة) او ل”عمل جراحي قلبي مُعيّن”، خاصة مثلاً قبل إجراء عمليات تركيب او زرع الصمّام الأبهر للقلب عن طريق القسطرة (Transcutaneous Aortic (Valve Replacement :TAVI او جراحة لغير ذلك من الأمراض التكوينية للقلب مثل التشوّهات الخلقية او مشاكل الشريان الأبهر وغيرها.وهذا الفحص لا يُغني بتاتاً عن القسطرة لأن القسطرة تسمح لنا بإجراء العلاجات اللّازمة في حال وجود إنسداد في احد شرايين القلب او في الصمّامات كما سنرى لاحقاً، بينما كل الفحوصات التشخيصية الأخرى لا تسمح بذلك وهي فقط مُستعملة للتشخيص.
في هذا السياق ايضاً، هناك ما ما نُطلق عليه “قياس مُؤشّر الكالسيوم التاجي” (Calcium score)، وهو تقييم “كمّي” لنسبة او مدى الترسّبات العصيدية المُتكلّسة التي نراها في جدران الشرايين التاجية للقلب. ويتمّ حساب هذه النتيجة من فحص بسيط للصدر بواسطة التصوير المقطعي المحوري للقلب. ويتمّ إجراؤه بدون ضخّ أو حقن مادّة اليود المُلوّنة. وهو مُؤشر يعكس نتيجة المساحة الإجمالية لرواسب الكالسيوم وكثافة الكالسيوم في جدار الشرايين. وتعني “الدرجة صفر” عدم وجود الكالسيوم في جدار شرايين القلب، وهذا ما يُشير إلى احتمال ضئيل للإصابة بمرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب، وللإصابة بأحداث قلبية حادّة في المستقبل. وكلما ارتفع مُؤشر وجود الكالسيوم بكميات كبيرة، واصبح مستواه “مُتوسّط” او “كبير” في جدار الشرايين التاجية، كلما ارتفعت مخاطر وجود مرض تصلّب الشرايين وحدوث احداث قلبية في المستقبل. ولكننا حالياً لا نلجئ كثيراً لهذا الفحص الذي لا يُغنينا عن إجراء القسطرة القلبية فيما بعد ولا يُعطي اصلاً تفاصيل دقيقة عن حالة شرايين القلب، ولذلك نلجئ مباشرة لإجراء صورة التصوير الطبقي المحوري للقلب مع حقن المادّة المُلوّنة لأنها تعطينا معلومات تفصيلية اكثر دقةً.

٩-التمييل او القسطرة القلبية (Coronargogaphy): وقد نلجأ اليه مباشرة دون المرور بالفحوصات التشخيصية الأخرى، في حال كان إحتمال وجود مرض تصلّب الشرايين مُرتفع جداً. ونُحدّد ذلك عادةً من خلال إستجواب المريض وتخطيط القلب العادي وغيرها من المُؤشرات. كذلك نقوم به في حال كان فحص الجهد القلبي أو أي من الفحوصات الأخرى إيجابياً، أي انه يُظهر علامات سوء تروية في عضلة القلب. وهنا نلجأ إذا للتمييل او القسطرة القلبية من أجل تحديد الحالة الدقيقة لشرايين القلب، ودراسة أماكن الإنسدادات وتحديدها وتحديد نوع العلاج المُمكن فيما بعد. وقد نلجأ إلى التمييل مُباشرة في بعض الحالات دون المرور بالفحوصات الأخرى مثل عند المرضى الذين يشكون من خنّاق صدري مُتقدم (CLass IX or Class III) من “التصنيف الكندي” المُعتمد لتصنيف هذا المرض. كذلك ونلجأ ايضاً للتمييل عند المرضى الذين تكون لديهم الفحوصات الأخرى “مُتباينة” أو “غير تشخيصية” مع إحتمال مُتوسّط أو مُرتفع لوجود مرض تصلّب الشرايين، او عند المرضى الذين يشكون من مُعاودة الأعراض والألم بعد فترة من خضوعهم لعمليات توسيع الشرايين بواسطة تقنيات البالون والروسور أو لعمليات قلب مفتوح مع زرع جسور أبهرية-تاجية، او عند المرضى الذين خضعوا لعمليات توسيع بالبالون والروسور لأماكن هامة في شرايين القلب مثل النهر الكبير الأيسر (Left main)، او في أوّل أو بداية الشرياني الأمامي النازل للقلب (Left Anterior Descendant Artery: LAD)، او عند المرضى الذين تعرّضوا لتوقّف في القلب والذين تمّ إنعاشهم وإنقاذهم من ذلك بهدف معرفة حالة شرايين القلب لديهم. اخيراً قد نلجأ مباشرةً لإجراء التمييل القلبي عند المرضى الذين تعرّضوا لإضطرابات خطيرة في ضربات القلب. وقد نلجأ له ايضاً بعد إجراء بعض الفحوصات الأخرى في حال أظهرت هذه الفحوصات مُؤشّرات خطيرة او عالية للإصابة بمرض تصلّب الشرايين، أو عند المرضى الذين تكون حالتهم مُستقرّة ولكنّهم سوف يخضعون خلال ايام او اسابيع قليلة لعمليات جراحية كبيرة مثل الجراحات العظمية الكبيرة, الجراحات الكبيرة في البطن او المسالك البولية الثقيلة, جراحات البدانة المرضيّة, جراحات الشريان الأبهر, الخ…
في الجزء القادم من هذا الملف سوف نشرح كيفية علاج هذا المرض وما هي السُبل المتوفّرة امامنا في سبيل تحقيق افضل نوعية حياة للمريض ولإطالة امد بقائه على قيد الحياة، كذلك طُرق الوقاية الأوّلية والثانوية المُتاحة لمنع تطوّره ولمنع معاودة اعراضه.

د. طلال حمود- طبيب قلب وشرايين، مُتخصّص في الطبّ التدخّلي للقلب وفي امراض القلب عند المُصابين بمرض السكري وعند الرياضيين.
مُنسّق مُلتقى حوار وعطاء بلا حدود

شاهد أيضاً

مخلوقات جميلة وضعيفة رفقاً بها فهي تحتاجكم

  قرى جنوبية تهجرت اضطر ناسها للنزوح تاركين خلفهم ارواح تعشق اصحابها وتنتظرهم في تلك …

الاشترك بخدمة الخبر العاجل