أبرز ما تناولته الصحف اليوم
◼️كتبت النهار
لعل أفضل ما في انعقاد منتدى إحياء الذكرى الـ33 لاتفاق الطائف أنه شكل اعترافاً ضمنياً بضرورة إعادة ترميم المظلة السعودية – الخليجية والعربية عموماً للميثاق الذي وضع حداً للحرب في لبنان. وسواء كان في خلفية تنظيم المنتدى نيّة سعودية للمضيّ أعمق من إقامة منتدى لاستكمال هذا الترميم أم لا فإن الإيجابية التي أشاعها المنتدى لا يُفترض أن تقف عند حدود مواقف ومداخلات وجمع حاشد بل من المنطقي التساؤل: هل في لحظة الفراغ الرئاسي المستعاد للمرة الثالثة في عصر الطائف ترانا أمام استعادة لنهج عربي تأخر وخير أن يأتي متأخراً من ألا يأتي أبداً؟
يحفز هذا المنتدى ولا سيما في الخلفية التاريخية التي استحضرها مع الكثير من الرموز واللاعبين والنواب السابقين المخضرمين الذين شاركوا في مؤتمر الطائف على التبصّر عميقاً في جانب “مرضي” من جوانب التاريخ الحديث أي في العقود الثلاثة ونيف من عمر لبنان في ظل الطائف. بدأ الاتفاق – الميثاق، كما هو مثبت تاريخياً ومتعارف عليه، والذي صار لاحقاً الدستور الحالي للبنان اتفاقاً دولياً (خاصة أميركي – فاتيكاني – اوروبي ) – سعودياً – سورياً في ظل ظروف ذاك الزمن الذي بدأ معه وضع أوزار الحرب الباردة فكان الإثبات القاطع على أن نهاية الحرب في لبنان تواكبت وتزامنت مع انهيار جدار برلين بفارق أسابيع قليلة بين الحدثين. وسرعان ما جرى الانقضاض على الطابع الثلاثي للمظلة الدولية العربية للاتفاق من خلال اغتيال رمز تلك المظلة الرئيس الشهيد رينه معوض بما وفر للنظام السوري اغتيال “شركائه” في الاتفاق والمضيّ قدماً في تجويفه وإخضاع لبنان لـ”السلام السوري”، وما أدراكم ما سلام ذاك النظام الذي تشهد عليه أعتى ممارسات الوصاية الاحتلالية منذ انتخاب الرئيس الراحل الياس الهراوي الى آخر يوم من أيام الاحتلال وجلائه القسري المذل عن لبنان عقب انتفاضة 14 آذار 2005.
لا حاجة مطلقاً لتبيّن حال الدستور – الطائف في ظل الوصاية الاحتلالية السورية في ظل هيمنة استخباراتية عسكرية صرفة على مجمل المؤسسات اللبنانية الى أن حلّ عصر التحرّر من الوصاية الذي كان يفترض أن يشهد إعادة الاعتبار الكاملة للطائف اللبناني – الدولي – العربي، ولكن سرعان ما برز الأخطر من الوصاية بالصراع المفتوح بين المعسكر السيادي ومعسكر الارتباط بالنظامين السوري والإيراني. والحال أن منسوب الارتباط بدمشق المتهالكة تحت وطأة أعتى حرب أهلية فجّرها نظام الأسد لم يعد يُحتسب في ميزان النفوذ الجدي بإزاء تعاظم ساحق للنفوذ الإيراني الممثل بسياسات وسلوكيات “حزب الله” وقيادته الأحادية الساحقة لمعسكر ما كان يسمّى 8 آذار. لم ينقضّ معسكر الموالين لدمشق وطهران على الدستور انقضاضاً فجّاً مباشراً لكنه اتبع سياسات محاولات القضم والتجويف بتسخير نمط التعطيل المستدام فكان من “ثماره” ونتاجاته الباهرة الفراغات الرئاسية الثلاثة حتى الساعة، مضافاً إليها استحداث آخر في تمديد نمطي لمدد تشكيل الحكومات، مضافاً إليهما تحويل معظم الدستور شاهد زور على “لادولة” سقطت بكل أركانها ومؤسساتها أمام أعتى انهيار شهده لبنان في تاريخ قيامه ككيان ومن ثم كجمهورية.
تبعاً لهذه السردية ترانا نتساءل: أي طائف كان المنتدى المنعقد قبل يومين في قصر الأونيسكو ببيروت يستحضره ويتحدث عنه ويجمع على وجوب حمايته واستكمال تنفيذه؟ 33 سنة انتهت الى “وصفة” عودة حماية الطائف الأصيل، فماذا إذن عن “حرب أهلية” طاحنة تدور في الأفكار والنفوس المشحونة والشوارع والطوائف وسائر “الأمة” المأزومة؟