كتب ربيع ياسين في “جسور”:
بدأ لبنان فعلياً تطبيق التعرفة الجديدة للكهرباء بعد حوالي 30 عاماً من اعتماد تعرفة ثابتة كلّفت القطاع خسائر فادحة خصوصاً وأنها لم تترافق مع أي إصلاح يذكر لا على صعيد معالجة الهدر وإزالة التعديات والسرقات، ولا على صعيد تحسين الجباية، ولا حتى على صعيد التطوير عبر استغلال مصادر الطاقة المتنوعة في لبنان (مياه، هواء، شمس، نفايات) للاستفادة منها، فضلاً عن الصفقات والمحاصصات التي أوصلت لبنان عام 2022 إلى صفر إنتاج، مع العلم أن نصف الدين العام في لبنان سببه قطاع الكهرباء وحده!
فما هي التعرفة الجديدة؟ وكيف تُحتسب؟
التعرفة الجديدة بحسب وزارة الطاقة هي:
– 21 سنتًا لكل 1 أمبير
– 10 سنتات للكيلو واط في الساعة من 1 إلى 100 ك.و/س شهريا
– 27 سنتًا لكل ك.و/س فوق الـ 100 ك.و/س شهريا
إذا افترضنا أن الاستهلاك الشهري لمنزلٍ ما يصل إلى 250 ك.و/س ولديه 15 أمبير هذا يعني أن فاتورته الشهرية قد تصل إلى 1,936,395 ليرة (وفقًا لسعر منصة صيرفة إذا وصلت قيمة الدولار الواحد إلى 30 ألف ليرة) بعد أن كانت 25 ألف ليرة!
طريقة احتسابها:
الاستهلاك: (100 ك.و/س x 10 سنتات) + (150 ك.و/س x 27 سنتاً) = 5,050 سنتاً أي 50.5 دولاراً
رسم العداد: 21 سنتاً x 15 أمبير= 315 سنتاً أي 3.15 دولاراً
رسم بدل تأهيل: 4.5 دولاراً
المجموع: 58.15 دولاراً
الضريبة على القيمة المضافة 11%: 6.396 دولارًا
المجموع العام 64,55 دولارًا أي ما يوازي 1,936,500 ليرة هذا إذا افترضنا أن سعر منصة صيرفة هو 30 ألف ليرة للدولار الواحد.
التغذية الكهربائية بين 8 إلى 10 ساعات يومياً
من المقرر أن تتحسن التغذية الكهربائية بدءًا من شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل بمعدل 8 إلى 10 ساعات يومياً بحسب وزارة الطاقة بعد تنفيذ الخطة التي تزامنت أيضاً مع بدء تصوير عدادات المشتركين لاعتماد التسعيرة الجديدة بدءًا من الشهر الحالي على أن تُحصّل قيمة هذه الفواتير مع بداية شهر مارس/آذار المقبل. لكن نجاح هذه الخطة مرتبط بأمرين أساسيين:
-الأول: يتعلق بقدرة مصرف لبنان على الالتزام بديمومة تأمين العملة الصعبة لاستيراد الفيول، وفي هذا السياق أطلقت وزارة الطاقة الأسبوع الماضي ثلاث مناقصات لشراء كلّ من مادتي الفيول أويل Grade A et Grade B ومادة الغاز أويل لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، وبحسب دفاتر الشروط، سيتم فض العروض في نوفمبر/تشرين الثاني على أن يتم تسليم الفيول ما بين 1 و10 ديسمبر/ كانون الأول 2022.
-الثاني: يتعلق بالعمل على إزالة التعديات والسرقات الحاصلة على الشبكة ومعالجة الهدر الفني والتقني، بالإضافة إلى تحسين الجباية في المناطق كافة من دون استثناء خصوصاً في المخيمات الفلسطينية ومخيمات النازحين، فضلاً عن المؤسسات العامة، وفي هذا السياق علمت “جسور” أن هناك خطة أمنية يجري تحضيرها لمعالجة التعديات والسرقات الحاصلة على أن يبدأ تطبيقها الشهر المقبل.
خطّة غير مستدامة!
صحيح أنّ لبنان بحاجة إلى خطة لمعالجة أزمة الكهرباء التي باتت تشكل عبئاً ليس على المواطن فحسب إنما على الاقتصاد اللبناني ككل، لكن الأهم أن تكون هذه الخطة قابلة للتنفيذ وأن تكون مُستدامة فهل ينطبق هذان الأمران على الخطة الحالية؟
بالطبع لا فالخطة قائمة على مبدأ تحصيل مبالغ أكبر بالعملة الوطنية واستبدالها بالعملة الصعبة عبر مصرف لبنان من خلال منصة صيرفة لشراء مادة الفيول وبالتالي تشغيل المعامل، وهذا يعني أنه في حال لم يستطع مصرف لبنان تأمين العملة الصعبة لن تستطيع الدولة شراء الفيول وبالتالي لا كهرباء!
أما فيما يتعلق بإزالة التعديات والسرقات فهذا أمر مطلوب وضروري ولكن من يضمن تطبيقها على الأراضي اللبنانية كافة وعدم تدخل جهات سياسية وحزبية وربما أمنية لحماية السارقين خصوصاً في المناطق الخارجة عن القانون؟
يبقى موضوع تحسين الجباية وهنا نسأل من سيدفع الفواتير المستحقة للمخيمات الفلسطينية والسورية بالإضافة إلى المؤسسات والإدارات العامة ومؤسسات المياه البالغ قيمتها حوالي 250 مليون دولار سنوياً؟
أين أصبح الغاز المصري؟
في الوقت الذي تسعى فيه حكومة تصريف الأعمال لتأمين مصادر أخرى لاستيراد مادة الفيول تارةً عبر العراق وتارةً أخرى عبر الجزائر يتساءل البعض أين أصبح ملف الغاز المصري؟
مصادر متابعة لهذا الملف كشفت لـ “جسور” عن أن ملف إستجرار الغاز المصري متوقف حالياً، بعد تخلف الحكومة اللبنانية عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها التدقيق في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان بالإضافة إلى تعيين الهيئة الناظمة وغيرها من الإصلاحات التي كان البنك الدولي قد طلبها من لبنان لتمويل هذا المشروع عبر قرضٍ طويل الأجل، لكن الإصلاحات لم تُنفذ وبالتالي التمويل لن يأتي والمشروع توقف!
لقد أثبتت بنود هذه الخطة أن الحكومة كانت ولاتزال تبحث عن حلول مؤقتة وغير مستدامة لأزمة الكهرباء، فهي حتى اليوم لم تقم بالإصلاحات المطلوبة جلّ ما تحاول فعله هو تأمين الأموال من جيوب المواطنين لإعطائهم حوالي 8 ساعات كهرباء(غير مضمونة) بقيمة 2 مليون ليرة لبنانية تقريباً (إذا افترضنا أن المواطن يستهلك شهرياً 250ك.و/س)، وهذه الساعات الثمانية غير المضمونة لن تسمح للمواطن بالتخلي عن اشتراك المولد (بسبب زعرناتهم وهم المحميون من أحزاب السلطة) خوفاً من العتمة الشاملة في حال فشلت خطة الحكومة، لذلك سيكون على اللبناني أن يدفع مليوني ليرة للدولة وحوالي 4 ملايين ليرة للمولد ما مجموعه 6 ملايين ليرة شهرياً للحصول على حوالي 20 ساعة كهرباء (غير مضمونة)!