كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
يتباكى كثيرون على عدم حصول الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري في شأن التوافق على شخصية لرئاسة الجمهورية، ويدرك معظم المتباكين أن الحوار لو حصل لن يؤدي إلى نتيجة ولكنهم يستغلون فشل الدعوة من أجل التصويب على القوات اللبنانية تحديداً واتهامها بعرقلة الانتخابات الرئاسية وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن المعرقل الأول هو محور حزب الله، ولكنهم لغاية في نفس “يعقوب” ومن أجل تصفية حساباتٍ ومنها على خلفية خلاف القوات مع الرئيس سعد الحريري، يتخلون عن قول الحقيقة ويذهبون باتجاه تزوير الحقائق والوقائع.
منذ العام ٢٠٠٦ وحتى اليوم لم تؤد كل الحوارات التي انعقدت في لبنان إلى أي نتيجةٍ إيجابيةٍ بل كانت نتائجها كارثية على البلد واللبنانيين، فحوار العام ٢٠٠٦ كانت نتيجته حرب تموز والتخييم في وسط بيروت و٧ أيار، وحوار بعبدا مع الرئيس ميشال سليمان كانت نتيجته “إعلان بعبدا” الذي دفنه حزب الله عند الولادة، أما الحوار الاقتصادي في عهد الرئيس ميشال عون فلم يؤد إلى أي محاولة إنقاذية لا بل تسارعت من بعده وتيرة الإنهيار.
يريدون الآن حواراً من أجل الاتفاق على رئيس للجمهورية، بدايةً هذا الحوار لن ينجح لأن حزب الله يريد فرض رئيس يسلم بأبدية سلاحه من أجل تحرير فلسطين، رئيساً لا يعارض تدخلات حزب الله في الدول العربية، رئيساً يتبنى استراتيجية دفاعية تترك لحزب الله حرية الحركة كيفما يشاء لا أن يكون سلاحه بإمرة الجيش اللبناني، رئيساً موالياً لمحور المقاومة ومخاصماً للدول العربية و يتبنى ما يعرف بالتوجه شرقاً، وكل من يقول أن حزب الله لن يكون متشدداً إلى هذه الدرجة فهو ساذج في السياسة وفهمها.
نعم إن الحوار في مجلس النواب وتحديداً في جلسات انتخاب الرئيس هو الحل، فالذين يفتشون عن رئيس “توافقي” في وجه مرشح “التحدي” ميشال معوض عليهم أن يطرحوا مرشحهم أو مرشحيهم في المجلس النيابي ولتجرى الانتخابات ولينتخب رئيس في النهاية.
المفارقة المضحكة في لبنان هي أن المشكلة أصبحت في انتخاب رئيس للجمهورية وأن تطيير النصاب هو الوسيلة الديمقراطية كي لا يقع لبنان في هذه المشكلة، وأصبح الشغور في منصب الرئاسة الأولى مطلباً كي لا تقع الفتنة، وأصبح تطبيق ما نص عليه الدستور لجهة انتخاب رئيسٍ كل ٦ سنوات هرطقةً يراد منها زج لبنان في صراعات لا تنتهي.
هذا هو منطق أصحاب “الحوار” الفاشل سلفاً، يريدون حواراً ولكن لا يريدون رئيساً