يقول يوسي بيلين، الذي شغل عدة مناصب سياسية في كيان الاحتلال، وكان وزيراً للاقتصاد في حكومة اسحق رابين، ان استغلال بنيامين نتنياهو، ذكرى اغتيال الأخير كان سيئاً. وفي مقال نشرته صحيفة اسرائيل هيوم العبرية، توجه بيلين لنتنياهو بالقول، أنه “ليس نزيهاً أن تعرض الأقوال كرؤية رابين للسلام، بمجرد أنه قتل ولم يتمكن من إكمال المهمة”. وأضاف ” لا مفر أمام نتنياهو إلا الاستناد إلى الحزب المتطرف، سواء لغرض تغييرات قانونية كفيلة بأن تؤثر على محاكمته، أم لغرض صمود الائتلاف إلى أطول مدى ممكن”.
النص المترجم:
في ذاك اليوم، في 5 تشرين الأول 1995، بعد أسبوع من التوقيع على الاتفاق الانتقالي مع م.ت.ف في واشنطن، عرض رئيس الوزراء إسحق رابين الاتفاق على الكنيست. ووجد من الصواب في تلك المناسبة أن يعرض مبادئ التسوية الدائمة. لم أنجح في فهم أقواله.
أعضاء الليكود لم يسمحوا له بإكمال كلامه. كلنا حول طاولة الحكومة أردنا لهذا الحدث أن ينتهي. وعندما قرأت سجل محضر خطابه، فهمت: هو خطاب ألقاه تمهيداً للمفاوضات على التسوية الدائمة مع الفلسطينيين، التي كان يفترض أن تبدأ بعد أقل من سنة من ذلك، في 6 أيار 1996. في مهرجان إحياء الذكرى الـ 27 لاغتيال رابين، تكبد بنيامين نتنياهو عناء تلاوة مقاطع من الخطاب، إذ عرضها كرؤيا رابين. لكن كان واضحاً لرابين أنه ليس هناك ولن يكون أي احتمال لتحقيق سلام إسرائيلي فلسطيني لو كانت هذه المواقف هي الخطوط الحمراء الأخيرة لإسرائيل.
لم يعتزم رابين ترك مخيمي اللاجئين، شعفاط وقلنديا، الموجودين داخل القدس، بيد إسرائيل. عندما قال إنه سيكون للفلسطينيين “أقل من دولة”، قصد دولة مجردة من السلاح، مثلما تحدث عنها كلينتون بعد خمس سنوات من ذلك، ومثلما وافق على ذلك الفلسطينيون في جولات المحادثات معهم كلها. نتنياهو يعرف هذا جيداً.
إن التمسك بأقوال رابين التي قيلت قبل شهر من اغتياله ومحاولة عرضها كأقوال كان سيتمسك بها حتى اليوم، بعد خطاب نتنياهو حول الدولتين نفسه في بار إيلان وتأييده الحماسي لخطة ترامب، التي تضمنت دولتين، وتبادل للأراضي، وعاصمة فلسطينية في قسم (صغير) من القدس السيادية – يخيل إليّ أنه غريب بعض الشيء.
لا ينبغي لنا أن نتصور أنه بعد تأييد أرئيل شارون وإيهود أولمرت ونتنياهو نفسه (ناهيك عن شمعون بيرس وإيهود باراك) لدولة فلسطينية على معظم أراضي الضفة الغربية وعلى أراضي غزة كلها، كان رابين بالذات سيتمسك اليوم بالمواقف الأولية التي عرضها. ببساطة، ليس نزيهاً أن تعرض الأقوال كرؤية رابين للسلام، بمجرد أنه قتل ولم يتمكن من إكمال المهمة.
تميزت جولة الانتخابات الأخيرة، أكثر من أي شيء آخر، بـالـ 14 مقعداً التي حققتها “الصهيونية الدينية”. لا مفر أمام نتنياهو إلا الاستناد إلى هذا الحزب المتطرف، سواء لغرض تغييرات قانونية كفيلة بأن تؤثر على محاكمته، أم لغرض صمود الائتلاف إلى أطول مدى ممكن. حقيقة أن لهذه الكتلة أيضاً لا توجد إمكانية لإقامة حكومة مع جهات في الطرف الآخر من الخريطة (بخلاف ما فعله يمينا قبل سنة ونصف)، هي ذات صلة أقل؛ لأنها أثبتت في الجولة السابقة عنادها واستعدادها للتخلي عن فضائل الحكم مقابل مبادئها المتزمتة.
إذا شعر نتنياهو بأن لا مفر أمامه وأنه ملزم بالاستجابة لبعض من مطالب هذه الكتلة (عقوبة الموت للمخربين، والإبعاد، وفقرة التغلب، وتبييض أكثر من مئة مستوطنة أقيمت بخلاف القانون الإسرائيلي، والتي وعدت إسرائيل بإخلائها، وإزالة القيود القانونية عن الجنود وأفراد الشرطة الذين يستخدمون السلاح، والسماح بحجيج غير محدود لليهود إلى الحرم، وإعطاء الإذن للصلاة في الحرم وغيرها من هذا القبيل)، سيجد نفسه يقف أمام العالم وأساساً أمام الولايات المتحدة. وهو مجرب بما يكفي كي يعرف بأن الثمن لن يكون وقف المساعدة بالذات. للولايات المتحدة سبل خاصة بها للرد على أفعال كهذه، وهو يعرفها. غير أن الوطنيين الإسرائيليين من الوسط واليسار، الذين يشرحون للعالم بأن إسرائيل ليست دولة أبرتهايد وأن الجيش الإسرائيلي يعمل حسب المعايير ويبذل الجهود للامتناع عن المس بالمدنيين، لن يصلوا إلى الأستوديوهات.
بدلاً من التهديد، فالأفضل لمن يسعى إلى نقل مباريات كرة القدم إلى يوم آخر، أن يعود إلى التجربة (التي تصدرها سيلفان شالوم في حينه)، ونقل نهاية الأسبوع الإسرائيلي إلى يومي السبت- الأحد.