بتاريخ 20/9/2022 أصدر قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا، مذكرتي توقيف في حق كل من الموقوف علي ع. السعود (سوري مواليد 1992) و رشاد م. الصبخ (سوري مواليد 1997)، بجرم الإنتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح، والمشاركة في أعمال عسكرية لصالحه. المثير للإنتباه في قضية الموقوفين، أنهما عضوين في الخلية التي ألقت المديرية العامة لأمن الدولة القبض على أعضائها خلال شهر آب الماضي، والتي صودف أن لقي أحد الموقوفين في ملفها حتفه، نتيجة تعرّضه للتعذيب من قبل أحد ضباط المديرية ومعاونه.
كان لجريمة التعذيب وما نتج عنها أن أضاعَ حقيقة الخلية، كما جعل من فرضية انتماء أعضائها إلى تنظيم “داعش” مشكوكاً فيها ومفتوحة على النقاش، في ظلّ الحديث الذي سرى عشية اكتشاف حالة وفاة الموقوف بشار السعود أثناء التحقيق معه في المكتب الإقليمي لأمن الدولة في سرايا بنت جبيل، أن الخلية لم تكن سوى مكان لنشاط أفراد من السوريين في ترويج وتبديل العملة المزوّرة، ليتّضح بعد التحقيق مع أفرادها الباقين في حضور أبو شقرا، أنهم نشطوا فعلاً في موضوع ترويج العملة المزوّرة بمبالغ فاقت 3000 دولاراً أميركياً، لكنهم في الأصل كانوا جنوداً في تنظيم الدولة الإسلامية، دخلوا إلى الأراضي اللبنانية خلسة، وعملوا على ملفات أمنية بتوجيه من بعض قيادات التنظيم الإرهابي المسلح، وكُلّفوا بمهام لها علاقة بمراقبة بعض السوريين المؤيدين للنظام من الذين يقطنون في مناطق وجودهم، وتزويد التنظيم المسلّح بتقارير عنهم.
هذه الأسباب إلى جانب أخرى، دفعت بالقاضية أبو شقرا لإصدار مذكرتي توقيف بحق اثنين من الموقوفين في الملف، ما له أن ينهي سردية أن الخلية لم تكن إرهابية إنما تضمّ مجموعةً من السوريين الناشطين في مجالات الجريمة.
من جهةٍ أخرى، بات ملف تعذيب الموقوف السوري لغاية وفاته من جانب أحد ضباط أمن الدولة ويدعى ح.إبراهيم ومساعده ي.بري في عهدة لجنة حقوق الإنسان النيابية. وبتاريخ 9/11/2022 إلتأمت اللجنة في مجلس النواب برئاسة رئيسها النائب ميشال موسى، وحضور الأعضاء وهم النواب، ملحم خلف قاسم هاشم وعدنان طرابلسي، وقد أشير في الإجتماع قبل الأخير بضرورة استدعاء مندوب عن أمن الدولة، وقد أُرسل الطلب كتابياً.
وبتاريخ الجلسة الأخيرة، حضر المقدّم عماد سلوم ممثلاً المديرية لتطرح عليه أسئلة على صلة بملف الموقوف السعود وأسباب وفاته. وبحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، حمل المقدّم سلوم ملفاً تضمن تفاصيل حول الخلية وفي حوزته مذكرتي التوقيف اللتين يبرزهما “ليبانون ديبايت” للتأكيد على انضواء الموقوفين في خلية إرهابية، بخلاف مزاعم وقف خلفها بعض النواب متأثرين بتقارير صحافية.
وذكر مندوب أمن الدولة، أنه، وبخلاف الإجراءات المعمول بها، كان يجدر بضباط وأعضاء مكتب أمن الدولة في بنت جبيل، أن يواجهوا الموقوفين الذين نقلوا من بيروت بموقوفٍ موجود لديهم دون أيّ تدخل، لغاية أن حصل تجاوز الضباط ومساعده ما رتّب وفاة الموقوف بعد تعرّضه للضرب المبرح، مؤكداً أن الضابط بات في عهدة القضاء وموقوف لدى أمن الدولة بناء على إشارته، وأنه سيخضع للتحقيق في جريمة تعذيب موقوف حتى الموت، مذكِّراً أن مجلس قيادة أمن الدولة أوصى بطرد الضابط ومعاونه ومن يثبت التحقيق ضلوعه في الجريمة، وهو أكبر إجراء يمكن للمديرية أن تقوم به، ويبقى أن يذهب القضاء في خطوات المحاكمة تدريجياً.
وبحسب مصادر “ليبانون ديبايت”، فإن أعضاء اللجنة الذين استمعوا جيداً إلى ما يملكه مندوب أمن الدولة الحاضر أمامهم، خلصوا إلى المطالبة بإحالة التحقيق أمام المحاكم العدلية، وليس أمام المحكمة العسكرية، كما ينصّ القانون.
وأكدوا بأنهم سيبقون اهتمامهم مُنصبّاً على الملف، وإنهم في صدد العمل على تعديل القانون، لكنهم تركوا الملف مفتوحاً لوجود عدة نقاط لا بدّ من توضيحها.
من جهة أخرى، علم “ليبانون ديبايت” من مصادر معنية، أن جميع الفرضيات التي تتحدث عن ضغوطات لإطلاق سراح الموقوفين على خلفية ملف المتورطين بمقتل الموقوف السوري غير صحيحة إطلاقاً، وإن الضابط المسؤول عن التعذيب ومساعد المسؤول بدوره عن ضرب الموقوف، يقبعان في أحد سجون أمن الدولة بإشراف القضاء المختص، الذي لم يبتّ بالملف حتى الساعة لأسباب لها علاقة بالإعتكاف القضائي المستمر منذ أشهر.
الأساس في ما تقدم، وهو ما اتفق عليه الجميع، أن فرضية انتماء الخلية إلى تنظيم “داعش”، قائمة بفعل مذكرة توقيف القاضية نجاة أبو شقرا، والتي كان يجب أن تشمل الموقوف بشار السعود (قبل وفاته)، لاعترافه أمام المحققين بعدة أمور تفصيلية على صلة بانتمائه إلى التنظيم الجهادي.