قرر حاكم مصرف لبنان ضخ ما لا يقل عن 100 مليون دولار في السوق، بعد تمديد العمل بالتعميم رقم 161، الذي يتيح للمصارف حتى نهاية كانون الثاني 2023، إجراء السحوبات النقدية على سعر صيرفة، من دون ان يؤثر ذلك على استقرار التوازن في الاسواق، وعلى خلافه، سجل سعر صرف الدولار قفزات هستيرية تجاوزت الـ3 آلاف ليرة لبنانية في يوم واحد.
وعزت أوساط الصرافين هذا الاضطراب الكبير إلى خلافات داخل جسم الصيارفة بين شرعيين وغير شرعيين وكبار وصغار، وتوقف عن العمل، وتفرد بالتلاعب بسعر الصرف في السوق السوداء، بلا أي تدخل من اية سلطة نقدية او رسمية او مصرفية، من دون ان يفلح لقاء السراي بين الرئيس نجيب ميقاتي ووزيري المال والصحة ووزراء ومسؤولين ونقابيين من تجاوز نكبة الدواء والاستشفاء على حدّ سواء، مع تمرُّد المصانع وشركات الادوية، عن تسليم الادوية للصيدليات.
واذا كان المعنيون بالاستحقاقات الدستورية والسياسية ماضيتين في سلوك «انعدام الوزن» مع اصرار التيار الوطني الحر على التلطي وراء «كليشهات» مثل الدستورية والميثاقية، ورفض اي اجتماع او جلسة لمجلس الوزراء، بصرف النظر عن «الضرورة القصوى» او الضرورة العادية، مع وضع الخطط لشل حتى تصريف الاعمال، والامور الحياتية للمواطنين الذين ينوؤون تحت ضربات الدولار والاسعار، والانهيارات المتلاحقة.
سمع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب كلاماً اميركياً، لا يحمل في طياته اية تطمينات ما خلا «استمرار المساعدة للجيش اللبناني وللقوات الامنية اللبنانية في ظل الوضع الاقتصادي غير المسبوق» على حد تعبير بو حبيب.
فخلال اللقاء في مقر الخارجية الاميركية بواشنطن التقى الوزير بو حبيب مع مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى باربارا ليف، والتي شددت خلال الاجتماع على ضرورة تحمل اصحاب القرار في لبنان مسؤولياتهم الوطنية والمضي قدماً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كخطوة اساسية للبدء بمعالجة الازمات المتراكمة «واصفة الازمات اللبنانية بالأشد تعقيداً بين الازمات الاقليمية في الشرق الاوسط».
وتوقعت مصادر سياسية أن يشتد الكباش السياسي بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحلفائه بالحكومة مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في الأسابيع المقبلة، على خلفية دستورية انعقاد جلسات الحكومة، او لجهة المراسيم والقرارات الصادرة عنها حسب ادعاءات وفذلكات الاخير الدستورية، كما حصل من خلال تعطيل اجتماعات اللجنة الوزارية الرباعية التي تم الاتفاق عليها، للتفاهم على الملفات والمواضيع الملحّة والضرورية التي تستوجب انعقاد جلسات مجلس الوزراء، بايعاز من رئيس التيار الوطني الحر، ومن خلال المواجهة المحتدمة مع وزير الدفاع الوطني موريس سليم بخصوص صيغة مرسوم ترقيات الضباط.
وقالت: ان واجهة الاشتباك السياسي ظاهريا، الخلاف حول دستورية انعقاد جلسات مجلس الوزراء، والصيغ المعتمدة لاصدارالمراسيم بعدما تم افشال وتعطيل كل محاولات باسيل للاستئثار وامساك قرارات الحكومة بيده، الا ان خلفياته، تتعدى هذه الصورة، الى الملف الاهم، وهو انتخابات رئاسة الجمهورية التي ادى الخلاف بخصوصها الى تردي العلاقات مع حليفه التيار الوحيد، حزب الله، لتبنيه دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو ما يرفضه باسيل كليا بالرغم من كل محاولات الحزب اقناعه بتاييد هذا الخيار، لاعتبارات لها علاقة بتماسك التحالف بينهما، ولمنع وصول رئيس للجمهورية من خارج صفوفه، في حال استفحل الخلاف الحاصل.
واشارت المصادر إلى انه كلما تسارعت الاتصالات والمشاورات خارجيا لانضاج صيغة ما، حول الانتخابات الرئاسية، كلما تصاعد الاشتباك والصدام السياسي الداخلي تحت عناوين مزيفة ومختلقة لتجهيل السبب الاساس، والسعي لاثبات الوجود، والمشاركة بالطبخة الرئاسية، مباشرة او بالواسطة، لتحصيل ما يمكن من مكاسب أو حصص ولو محدودة بالعهد الجديد، لتفادي انكشاف ملفات فساد العهد المشؤوم الفضائحية بنهب المال العام وتهديم مرتكزات الدولة.
ولاحظت المصادر ان استحضار رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في اطلالته الحزبية الهزيلة مؤخرا، ومطالبته بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكمل مسيرته، وهي مسيرة غير مشرفة وفاشلة بكل المقاييس، تؤشر الى رفض التيار للأسماء المطروحة للرئاسة، من قبل حليفه والخصوم على حد سواء، ولاظهار اعتراض فاقع عليها، ومحاولة لاستلحاق السيناريوهات التي تحضر لاختيار وانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، اما بترشيح محتمل للوريث السياسي، يكرّس القطيعة مع الحزب، او لافساح المجال بالمشاركة باختيار الرئيس الجديد.
فعلى بعد يومين او اكثر من عيد الميلاد المجيد، سارعت البلاد الخطى نحو مزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي والصحي- الاستشفائي والتربوي،بعدما تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء الـ 45 الف ليرة وتبعته اسعار معظم السلع الاستهلاكية والغذائية، في وقت يتلهى المسؤولون في تقاذف كرة الاتهامات بالمسوؤلية عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وعمل مجلس الوزراء، بحيث بات الفراغ الدستوري والاداري يهدد مؤسسات اخرى ومنها واهمها مؤسسة الجيش عدا بعض المؤسسات الرسمية الاخرى.