طبع الانهيار المالي والنقدي وتهاوي الاسعار العام 2022 بطابعه الكارثي، على مرأى أيام قليلة من نهاية سنة كانت حافلة بكل أشكال الفشل والخلل والتلاعب والتكاذب، من دون تحقيق إنجازات تتعلق بوقف السير الى شفير الهاوية، عبر تجديد الثقة بالنظام العام، والنظام النقدي، والنظام المصرفي، بوضع حد لمسخرة الودائع، والتعاميم الهمايونية لمصرف لبنان والتطبيقات الغريبة العجيبة للمصارف الكبرى والصغرى، سواء في ما يتعلق بالمضي بحجز الودائع، وعدم الاقدام على خطوة انفراجية في هذا الشأن، أو حجز التحويلات بالليرة اللبنانية الى الحسابات الموطنة، بعد اشتقاق حسابات موازية، وكأنها محفظة من مال المواطن لمصلحة صناديق المصارف وميزانياتها.
ومع تنامي المخاوف من الآثار المدمرة للسلوك الشاذ لفريق التيار الوطني الحر، الرافض لعقد اي جلسة جديدة لمجلس الوزراء، والغموض الذي يكتنف موقف حزب الله، الذي «ينصح» بعدم اثارة مشكلات جديدة، جاء اللقاء بين النائب السابق وليد جنبلاء والنائب جبران باسيل، في محاولة جنبلاطية، لاحتواء التصعيد، والذهاب باتجاه المساعدة على التجاوب مع دعوة الرئيس نبيه بري للحوار بين الكتل من اجل التفاهم على مرشح او اكثر لرئاسة الجمهورية.
لكن مصادر في التيار الوطني الحر، اعتبرت ان اللقاء أتى في اطاره الواقعي، وفي سياق سعي باسيل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
بالمقابل، افادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن لقاء جنبلاط وباسيل أعاد إلى الأذهان لقاءات جنبلاط مع الرئيس السابق ميشال عون التي حملت عنوان التهدئة وإزالة التشنج. وأشارت إلى أنه لا يمكن التعويل عليه في إطار تبدل توجهات الفريقين، لكنه كان لازماً من أجل تخفيف حدة التوتر بعد موقف باسيل من الحكومة والضغوط التي مارسها من أجل منع التمديد لضباط المجلس العسكري ومن بينهم رئيس هيئة الأركان في الجيش اللواء أمين العرم المحسوب على جنبلاط.
وقالت إن رئيس التيار الوطني الحر شرح موقفه، كما دار الحديث عن الملف الرئاسي، وأولوية جنبلاط وباسيل في هذا الإطار وانعكاسات الشغور على عمل المؤسسات الدستورية.
واستبعدت مصادر سياسية ان يحقق اللقاء اي اختراق جدي،يكسر حدة القطيعة القائمة بين الطرفين جراء تراكم الخلافات الناجمة عن الممارسات السيئة للعهد ووريثه السياسي، ومرورا،بتداعيات حادث قبرشمون المؤسفة ومسلسل الاساءات والخصومات التي تسبب بها باسيل مع كافة الاطراف السياسيين.
وقالت المصادر ان اللقاء يأتي في اطار محاولات باسيل لكسر طوق العزلة المفروض عليه بالداخل بعد تردي علاقاته مع حليفه حزب الله ،وانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بفشل ذريع ،وفقدان امتيازات الرئاسة ومكاسبها على كل الصعد،في حين ان جنبلاط الذي يتبنى منطق الحوار بين كل الاطراف السياسيين، لا يجد حرجا بعقد مثل هذا اللقاء، لا سيما اذا كان هدفه تبريد الاجواء بين كل الاطراف، وخصوصا اذا كانوا خصوما، أو من الصف الواحد، للتوصل الى تفاهمات للمشاكل اومخارج مقبولة من الجميع.
واعتبرت المصادر ان جنبلاط الذي يسعى لجس نبض باسيل، بالنسبة للمرشح الرئاسي الذي يحبذه ، لن يذهب بعيدا الى حد التفاهم مع رئيس التيار الوطني الحر على مرشح واحد يتم الاتفاق عليه، لاعتبارات عديدة، بعضها مرتبط بعلاقته المميزة مع حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأصدقائه في الكتل والشراذم النيابية الاخرى والاهم صعوبة الوثوق باي وعد أو التزام من قبل باسيل الذي انقلب على كل التفاهمات رأسا على عقب طوال مسيرته السياسية.
واشارت المصادر إلى ان جنبلاط سعى من هذا اللقاء إلى بذل مجهود الساعات الاخيرة مع رئيس التيار الوطني الحر لحث وزير الدفاع لتغيير موقفه والموافقة على التمديد لرئيس اركان الجيش اللبناني العميد امين العرم برغم صعوبة حصول ذلك، ولن يذهب بعيدا، بكل ما يمس علاقاته الجيدة مع بري او استفزاز حلفائه وحتى حزب الله، في حين ان باسيل حقق مبتغاه بكسر طوق العزلة المفروض عليه، واظهر لحليفه انه بامكانه الانفتاح وتأسيس نواة تحالف سياسي مع خصومه، ولو استغرق الامر بعض الوقت.
وفيما تكتمت المصادر المعنية في الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر على المكان الذي عقد فيه اللقاء، وكم استمر، علمت «اللواء» من مقربين ان اللقاء عقد في منزل صديق مشترك، يرجح ان يكون منزل كريمة النائب جنبلاط داليا، وبدعوة من زوجها جو بيار الضاهر، ولعب في ترتيبه النائب فريد البستاني دور الوسيط.
وتكتم الطرفان على ما تم بحثه باستثناء القول انه تناول كل الملفات المطروحة باستثناء ما يتعلق بتأخير تسريح رئيس اركان الجيش اللواء امين العرم، الذي دخل تقاعده حيّز التنفيذ منتصف ليل امس. فيما بقيت الزيارات الميلادية لموفدين غربيين قائمة ومنهم امس وزير خارجية ايطاليا، بينما نفى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما تردد عن مسعى فرنسي لعقد مؤتمر دولي حول لبنان والاكتفاء بالعمل على مشاريع وبرامج ملموسة كقطاع الكهرباء.
ويبدو ان حل ازمة الكهرباء جزئياً يسير على طريقه ولو ببطء، حيث اجتمع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، وجرى اتصال ثلاثي مع وزير الطاقة وليد فياض، حيث أخبر سلامة فيّاض عن نيته الموافقة على فتح اعتماد بقيمة 62 مليون دولار يوم الثلاثاء المقبل لتأمين ثمن الفيول لمعامل الكهرباء، بانتظار انتهاء الإجراءات القانونية والمراسلات بين وزارة المالية والمصرف المركزي.