تاريخ آل سعود الدموي
قبل أيلول 1932، لم يكن هنام ما يُعرف اليوم ب “المملكة العربية السعودية”، بل كان هناك إمارات أو مقاطعات على رأسها شيوخ متنازعون، كل منهم لتوسيع مساحة إمارته. وقد شهدت هذه الامارات حروباً عدة بين أمرائه، وكان البعض منهم يتلقى الدعم من الخارج، وخاصة من بريطانيا.
كانت الإمارات الموجودة هي نجد والحجاز وعسير وجبل شمر، التي توحدت بالقوة لاحقاً. ولقد قامت “المملكة العربية السعودية” عام 1932 بقيادة عبد العزيز آل سعود، الذي أسس منظمة “إخوان التوحيد” الدينية العسكرية الوهابية، وذلك في العام 1912، علماً أن الوهابية مذهب ظهر في الجزيرة العربية في أواسط القرن الثامن عشر، ويزعم صاحب المذهب محمد بن عبد الوهاب أنه يسعى للعودة لنقاء الإسلام وتوحيد شبه الجزيرة العربية والنضال ضد الأجانب. ولكن أصبحت منظمة “إخوان التوحيد” الوهابية الأداة العسكرية لحكم عبد العزيز بن سعود. وفي العام 1918، بدأ ابن سعود حركة لتوطين البدو الرحل وتحضّيرهم، وبدأ بأفراد حركته، وسرعان ما استخدمهم في إجبار قبائل نجد على الانضواء تحت راية حركته ودفع الزكاة له بوصفه أميراً وإماماً.
أصبح “إخوان التوحيد” جيشاً كبيراً، وخاض سلسلة حروب داخل شبه الجزيرة العربية. وأمر عبد العزيز آل سعود حركة “إخوان التوحيد” بشن حرب ضد ابن الرشيد أمير جبل شمر، حليف الشريف حسين، وبعد شهر من المعارك القاسية تمكن من ضم قسم من هذه الإمارة، وعاصمتها حائل، إلى نجد وتوجه نحو الحجاز في أيار 1919 بعد معركة في واحة تربة، فبات الطر يق سالكاً أمام بن سعود، لكن الإنذار البريطاني كان بالمرصاد، مما جعله يسحب قواته من الحجاز.
وفي عام 1920 احتل الوهابيون عسير، لكن لم يتمكنوا من ضمها كلها الى نجد، واستولى الوهابيون على واحة الجوف الكبرى، التي تشكل مفترقاً لطرق القوافل الرئيسية في شبه الجزيرة العربية.
في تموز 1921 جرى تنصيب عبد العزيز ابن سعود سلطاناً لنجد، وفي تشرين الثاني 1921 ضم السلطان ابن سعود إمارة جبل شمر الى نجد بعد طرد آل الرشيد منها، وفي تموز 1922 غزا ولده فيصل بن عبد العزيز آل سعود مدينة أبها واحتلها، حيث أُلحقت عسير بكاملها بسلطة السلطان عبد العزيز.
في كانون الأول 1922 اعترفت بريطانيا بالسلطان عبد العزيز بن سعود على نجد وجبل شمر والجوف، ولكن اضطر السلطان على التخلي عن حكم عسير.
مع انهيار السلطنة العثمانية، حرّضت الإدارة البريطانية بن سعود ضد الشريف حسين، فأخذت حركة “إخوان التوحيد” الوهابية تطالب بالحرب ضد الحجاز، وفي حزيران 1924 وجه ابن سعود نداءً يدعو فيه الى عدم الاعتراف بالشريف حسين، مطلقاً عليه لقب ” الخليفة الدّعي”.
وفي أيلول 1924 هاجم ابن سعود الحجاز، فدخلت قوات “إخوان التوحيد” الوهابية مدينة الطائف واحتلوها في 7 أيلول، وفي 26 منه اقتربوا من مكة، وما لبثت أن احتلت القوات الوهابية المدينة وجدة، وبذلك تم ضم الحجاز بأكمله الى نجد.
وفي تشرين الأول 1926 احتلت “القوات الوهابية” أبها ثانية. ثم أصبحت عسير مقاطعة تابعة للدولة الوهابية في العام 1930. هذا وواجه عبد العزيز بن سعود بعد إقامة دولته نوعين من المعارضة:
الأولى: تمثلت بزعماء القبائل الذين تضرروا من التنظيمات القضائية والإدارية التي ركزت السلطة في يده وحكومته.
الثانية: مثّلها الوهابيون الذين بدأوا يتهمون ابن سعود بالارتداد عن المذهب الوهابي، حيث طالب كبار الوهابيين بمنع السيارات والتلغراف ومظاهر التحديث. وحصلت مواجهة بين الوهابيين وبين ابن سعود، حيث هاجم الوهابيون محطة الإذاعة في مكة وحطموها.
لا شك أن تاريخ عبد العزيز بن سعود مؤسس “الدولة السعودية الثالثة” أو ما يُسمى “المملكة العربية السعودية” قام على الغزو والاحتلال والحروب والدماء وخدمة الاستعمار، وهي حقائق يسعى آل سعود لإخفائها، فكان لا بد من كشف المستور عن هذا التاريخ المسكوت عنه لهذه العائلة الحاكمة في أرض الحجاز.
الكاتب: نسيب شمس