كتبت النهار
كان الخطاب الأخير الذي ألقاه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عالي النبرة لا بل عنيفاً في كل اتجاه ولا سيما في اتجاه الداخل حيث هدّد خصوم حزبه بخسارة متجددة إذا ما أكملوا في معارضة توجهاته، باعتبار أنها تهدد بيئته الحاضنة. وشكلت إشارته الى الفوضى الشاملة أنه يحمل بقية مكونات البلد التي لم تستسلم لمشيئة السلاح غير الشرعي بالوقوف خلف هذا الوضع الفوضوي الذي يخيم على البلاد سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً. لكن ما غاب عن السيد نصرالله أنه يقود الطرف المهيمن على البلاد عموماً. وبالتالي فهو يتحمل أكثر من غيره تبعات الحالة المخيفة التي بلغها لبنان في الأيام القليلة الماضية. وقد سها عن باله أيضاً أن مجرد وجود “حزب الله” وما تمثله طبيعته، والمشروع الذي يحمله هو الخطر الأكبر الذي يتهدد لبنان بمكوناته كافة. أكثر من ذلك كان الكلام العالي النبرة، التهديدي ربما نوعاً من الاعتراف بأنه على الرغم من كثرة الجهات المتواطئة مع “حزب الله”في البيئات الأخرى ثمة فارق كبير بين أن تسيطر قوة قاهرة على بلد، وبين أن تنجح في تدجين جميع أهله. وقد يكون فشل الحزب المشار إليه في فرض رئيس للجمهورية من فريقه من خلال إدخال البلاد في حالة من الشغور الرئاسي المدمّر، أمراً مقلقاً لـ”حزب الله” وهو التائق الى الدفع بتسوية رئاسية جديدة تبقيه متحكماً بالموقع الرئاسي الأول في البلاد لست سنوات أخرى. والحقيقة أن الحزب المذكور لم يستطع إخضاع الداخل ولا الخارج لخسارته الرئاسية، وقد دلت المعلومات التي تواترت عن الاجتماع الخماسي في باريس قبل نحو أسبوعين على أنه ما خلا تسليم باريس بمرشح “حزب الله” لا ترى الدول الأخرى أنه يجب ملء الشغور الرئاسي مهما كلف الامر بأي ثمن، حتى لو كان الثمن مرشحاً من فريق “حزب الله”. حسناً فعلت الدول التي لم تسر في الخيار الفرنسي الذي قُدّم على أنه سياسة واقعية. لقد وُضع فيتو على مرشح “حزب الله” حيث لن تكون الحاضنة العربية على موعد مع أي رئيس جديد يخرج من صفوف محور “الممانعة” مما يحرم “حزب الله” من ورقة يحتاج إليها لمواصلة مسار وضع اليد على البلاد من خلال وضع اليد على مؤسسات الدولة، والمواقع الدستورية الرئاسية الثلاثة، حيث لا يزال يتحكم بالرئاستين الثانية والثالثة، فيما ثمة إمكانية لتحرير الرئاسة الأولى كمقدمة لتحرير الرئاسة الثالثة التي تحتمي بمظلة فرنسية فيما هي من الناحية العملية جزء لا يتجزأ من محور “الممانعة ” وذلك منذ زمن بعيد.