كتبت النهار
من “المرتقب” أن يكرّس فشل رئاسة مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس اليوم في تأمين انعقاد جلسة تشريعية زحف الشلل الدستوري الذي أصاب رئاسة الجمهورية بالشغور وتسبب بعطب حكومة تصريف الأعمال على نحو شمولي متمدّداً الى البرلمان. قضمة قضمة يستعيد البلد على أيدي القوى التي تتخذ التعطيل أيديولوجية مريضة لها أسوأ تجارب الفراغ والشلل فيما تعجز عن فرض انتخاب مرشحها الرئاسي الى حدود محاصرة نفسها بنفسها والتآكل في ما بين حصادات سياساتها البالية والمدمرة للنظام الدستوري. وهذا لا يبعث الحبور فينا لأن الشماتة “الحلال” بهؤلاء المعطلين تقف عند حدود الخوف الكبير من انعدام التوازن معهم بما يكفي لردعهم عن الفصل الختامي من تقويض لبنان.
بمنتهى التفصيل، يأكل فريق “محور الممانعة” الآن من السم الذي فرضه على البلاد منذ قرّر برعونة قاتلة العودة الى تجريب المجرّب في فرض الفراغ الرئاسي لانتخاب مرشّحه سليمان فرنجية وزيّنت له أحلامه أن فراغ السنتين ونصف السنة الذي جعله يفرض ميشال عون رئيساً لأسوأ العهود السوداء في تاريخ لبنان سيكون قابلاً للتكرار. يأتي تتويج الشلل الدستوري الزاحف على “رأس القلعة”، أي رئاسة المجلس نفسها، التي يعتبرها الفريق الممانع رأس حربته السياسية – الدستورية في التحكم بلعبة صنع المصير الدستوري والسياسي الداخلي والتفوّق على كل الأفرقاء الآخرين ولا سيما منهم أطراف المعارضة، بمثابة ضربة “خلف خطوط العدو” بمعايير الصراع الذي لا هوادة فيه كما رسمه المعطلون أنفسهم. ولكنه شلل سيكون على مقدار خطير للغاية من السلبية بحيث سيقود البلاد الى التفتت الكامل وليس إكمال دورة الفراغ والتقييد القاتل للمؤسسات فحسب.
تشكل الإطاحة الكاملة بجلسات التشريع لمجلس النواب بمعايير الانهيار الذي تتدحرج فصوله الراهنة نحو نهايات تدميرية إضافية لمقومات صمود اللبنانيين فصلاً بالغ الخطورة تماماً كما إقفال الباب على جلسات طارئة لمجلس الوزراء في ظروف تقتضي حالة طوارئ إجرائية وحكومية وبرلمانية لو كان للبنان رئيسه الآن. لقد استدرج الفريق التعطيلي المنقاد تماماً وراء رعونة “حزب الله” وارتباطاته بالسياسات المحورية الإقليمية الإيرانية البلاد الى استنفار طائفي جعل المسيحيين من منطلق طائفي يفرضون “الفيتو” المانع لجلسات التشريع في ردة على “الفراعنة” من الطوائف الأخرى الذين اعتادوا فرض دفاتر الشروط. لن يقود هذا العقم الذي يجري عبره تمديد مفاعيل التعطيل الدستوري والشلل التام سوى الى التسبّب بمزيد من اتساع دوامة الدمار الدستوري والابتعاد اكثر عن إمكانات الاحتواء ولو الظرفية الموقتة للانهيارات الآخذة في التدحرج منذرة بتداعيات لا تقل عن التسبب بانفجارات أمنية واجتماعية أو بشيء ما يوازي الكارثة التي تفرض على الجميع أمراً واقعاً لانتخاب الرئيس الهائم للجمهورية.
أما “أطرف” الطرائف الساخرة في زمن الشلل هذا فتأتينا عبر انفجارات إضافية للمسمّى “الراحل” تفاهم مار مخايل كأن انفجاراته من النوع العنقودي التسلسلي. شريكا الكارثة الانهيارية الأساسيان (وليسا الوحيدين طبعاً)، يتبادلان أمام عموم الداخل والخارج التراقص على أنقاض الانهيار لغسل أيديهما ممّا تسببت به شراكة السنوات الست وقبلها للبنان تحت عنوان “باسيل المتحرّر” من ربقة الحزب يرفض رئيساً فاسداً يدعمه الحزب. هذا التلاعب السخيف “لا يليق” بشراكة دمّرت النظام الدستوري وأخضعت البلد لتداعيات هذا الانهيار التاريخي. أقله احترموا شراكتكم الراحلة وأعلنوا طلاقاً “موقراً”.. ويجري “القبول بالتعازي” في برلمان الأمة العاطل عن العمل!