واصل حميدة – الأخبار
في أعقاب عدّة زيارات غير معلَنة، ساهمت في “تقريب وجهات النظر بين الطرفَين، وفق ما كشفه لـ”الأخبار” نائب رئيس حركة “حماس”، خليل الحيّة، حطّ وفد من الحركة برئاسة الحيّة نفسه يوم الخميس في دمشق، في ثاني زيارة رسميّة معلَنة بعد اللقاء مع الرئيس بشار الأسد، والذي آذن بعودة “حماس” إلى سوريا، واختتام 11 عاماً من القطيعة. وبحسب تأكيد الحيّة، فإن “العلاقات مع الحكومة السورية عادت إلى سابق عهدها، وهي في سياقها الصحيح الذي يتمحور حول الإيمان بحقّ الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه بشتّى الوسائل وتحرير أرضه”
دمشق | في ثاني زيارة رسمية معلَنة، وصل أوّل من أمس إلى العاصمة السورية، وفدٌ سياسي من حركة “حماس”، للقاء بقيّة الفصائل الفلسطينية في دمشق. وضمّ الوفد، الذي ترأّسه خليل الحيّة، الرجل الثاني في الجسم السياسي للحركة ونائب رئيسها، عضوَ مكتبها السياسي، أسامة حمدان، الذي مثّلها لأعوام طويلة في سوريا، قبل اندلاع الحرب فيها وانسحاب “حماس” منها، وانتقال قيادة الحركة إلى الاستقرار في الدوحة. وعَقد الوفد “الحمساوي”، بعد ظهر الخميس، اجتماعاً مغلَقاً بعيداً عن عدسات الصحافيين مع قادة فصائل المقاومة في “المجلس الوطني الفلسطيني” في دمشق، وفي مقدّمتهم الأمين العام لـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة”، طلال ناجي، وممثّل حركة “الجهاد الإسلامي” في سوريا، إسماعيل السينداوي، وأمين سرّ “تحالف قوى المقاومة الفلسطينية” في دمشق، خالد عبد المجيد.
زيارات غير معلَنة
قُبيل الاجتماع المغلَق، تحدّثت “الأخبار” إلى الحيّة، الذي أوضح أن العنوان الرئيس للقاء، هو “بحث رصّ الصفّ الوطني الفلسطيني لمواجهة العدوان الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون في قرى وبلدات الضفة الغربية، ودعم أبناء شعبنا الفلسطيني للتصدّي لهذه الجرائم والردّ عليها”، مستنكراً باسم الحركة اجتماع العقبة الذي انعقد أخيراً في محاولة لتهدئة الأوضاع في الأرض المحتلّة، معتبراً أن “أيّ لقاء أو اجتماع لا يجرّم العدو الصهيوني بما يرتكبه من مجازر ضدّ المدنيين الفلسطينيين العزّل في الضفة الغربية، هو مرفوض ومستنكر”. وبخصوص عودة “حماس” إلى دمشق بعد سنوات من انقطاع العلاقات، أكّد الحية أن “وجود الوفد في دمشق اليوم يؤكّد أن العلاقات مع الحكومة السورية عادت إلى سابق عهدها، وهي في سياقها الصحيح الذي يتمحور حول الإيمان بحقّ الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه بشتّى الوسائل وتحرير أرضه”، كاشفاً عن زيارات عدّة غير معلَنة قامت بها وفود من الحركة إلى العاصمة السورية على طول الفترة الماضية، منذ الاجتماع الرسمي الأخير مع الرئيس بشار الأسد، مضيفاً أن هذه الزيارات “ساهمت في تقريب وجهات النظر بين الجانبَين”. وأشار إلى أن “الوفد قدّم واجب العزاء للإخوة السوريين بضحايا كارثة الزلزال الذي ضرب المنطقة أخيراً”، مشدّداً على “ضرورة حشد المجتمع الدولي طاقاته لإغاثة متضرّري الزلزال في سوريا”.
*الحيّة: الوفد قدّم واجب العزاء للإخوة السوريين بضحايا كارثة الزلزال الذي ضرب المنطقة أخيراً*
من جهته، عبّر الأمين العام لـ”الجبهة الشعبية”، طلال ناجي، عن سعادته لـ”رؤية الإخوة في حماس على أرض دمشق العزيزة” – علماً أن ناجي لعب دوراً في إعادة وصْل العلاقات بين الجانبَين -، معتبراً، في تصريح إلى “الأخبار”، أن “هذه الزيارة هي أكبر دليل على عودة المياه إلى مجاريها”، مؤكداً أن “محور المقاومة أفشلَ كلّ محاولات خلق الفتنة بين أطرافه واللعب على وتر الخلافات للقضاء على ثقافة المقاومة ضدّ الكيان الصهيوني، في ظلّ رياح التطبيع التي تعصف بالمنطقة تحت شعارات برّاقة تتخفّى وراءها جرائم العدو بحقّ الشعب الفلسطيني، منذ فاجعة النكبة وحتى مجازر الضفة الغربية”.
لا بديل من المقاومة إلا المقاومة
بدوره، بيّن القيادي في “الجبهة الشعبية”، رامز مصطفى، في حديث إلى “الأخبار”، أن “زياة وفد حماس اليوم تأتي في سياق الزيارات المتكرّرة للإخوة في الحركة للقاء القيادة السورية بعد عودة العلاقات، والاجتماع مع قيادات الفصائل المقيمة في دمشق لترتيب الساحة الداخلية في ظلّ التحدّيات التي يحاول فرْضها العدو الصهيوني على القضية الفلسطينية، بعدما أتت حكومة نتنياهو الدموية المتطرّفة”، مشدّداً على “ضرورة رأب الصدع في الصفّ الفلسطيني، وإنجاز ملفّ المصالحة وإنهاء الانقسام بالسرعة القصوى، والذهاب إلى وحدة وطنية فلسطينية، وإعادة الاعتبار إلى المشروع الوطني”. وأشار إلى أن “هذا الكيان يستبيح عناوين القضية الفلسطينية برمّتها، وبالتالي لا يعير اهتماماً لحقوق الإنسان أو الشرعية الدولية في ظلّ محاباة واضحة من المجتمع الدولي”، مؤكداً التمسّك بـ”خيار المقاومة الشعبية كسلاح في وجه العدو في ضوء الحماية اللاأخلاقية للكيان من قِبل الولايات المتحدة التي تسعى جاهدة لجعل إسرائيل حالة معمَّمة على كلّ دول المنطقة، من خلال عمليات التطبيع وفرْض تحالفات جديدة على حساب مصالح الأمّة العربية لمواجهة محور المقاومة واستبدال أولويات الصراع”.
وحول إمكانية عقْد لقاء بين وفد “حماس” والرئيس الأسد، رجّح مصطفى “عدم عقْد لقاء على هذا المستوى خلال هذه الزيارة، إنما ستُعقد لقاءات أخرى مع مسؤولين سوريين من مستويات مختلفة”، لافتاً إلى أن “التنظيمات الفلسطينية من أوائل الأطراف التي عملت على دعم متضرّري المناطق المنكوبة في سوريا وخاصة المخيمات الفلسطينية، وذلك وفق الإمكانات التي تمتلكها”. وأضاف: “أن حركة حماس لم تغِب عن هذا الدعم، بل قدّمت مجموعة من المساعدات إلى المناطق السورية المتضرّرة، وبعلم من القيادة السورية التي أفسحت المجال لكلّ راغب في مدّ يد العون، باستثناء العدو الصهيوني الذي حاول استغلال الكارثة الإنسانية في سوريا لتلميع صورته الإجرامية أمام الرأي العام العالمي، من خلال التشويش على عمليات الإنقاذ والإغاثة، وبثّ أخبار كاذبة عبر وسائل إعلامه عن توجّهه للمساعدة”.