كتب عبدالله قمح في”الاخبار”:
رست المفاوضات بين شركة «توتال» والدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول على تحديد موعد ملزم بين أيلول وتشرين الثاني المقبلين لحفر البئر الاستكشافية الأولى في حقل «قانا» الواقع ضمن البلوك رقم 9، على مسافة 6 إلى 7 كيلومترات شمال الخط 23.
وقد ضمّنت الشركة الفرنسية برنامج عملها للعام 2023 الذي سلّمته إلى وزارة الطاقة تصوّرها لمسار الحفر وكلفته، بدءاً من تأمين حفارة وتجهيز المتطلبات و«القاعدة اللوجستية» لعملية الحفر، على أن تستغرق عملية الحفر بين شهرين وشهرين ونصف شهر لتقدير الكميات المكتشفة.
تأمين مستلزمات عمليات بدء الحفر يمر بثلاث مراحل: الأولى، بدء عمليات التقييم بداية الشهر الجاري، وتجريها الشركات الخمس التي تقدمت بطلبات لالتزام حفر البئر الاستكشافية الأولى، على أن ترسو المناقصة على إحداها نهاية الشهر الجاري. بعدها، يفترض أن تُبلغ الشركة المشغل (أي «توتال») بموعد انطلاق الحفارة صوب موقع العمل، على أن لا يتجاوز أيلول المقبل. ولتسريع العملية، قدّمت «توتال»، وفق معلومات «الأخبار»، طلبات في تشرين الثاني الماضي إلى متعهدي بناء معدات الحفر في المياه العميقة لتحضير ما تحتاجه، وراسلت بعض الشركات العاملة في هذا المجال عارضة شراء معدات حفر.
المرحلة الثانية تتضمن الاستحصال على التراخيص اللازمة من الوزارات المعنية لا سيما الطاقة والمياه والبيئة. الخطوة الأولى ستنجز مبدئياً في حزيران المقبل، مع تقديم نتائج تقييم «دراسة الأثر البيئي» للبلوك رقم 9 وضمنه الموقع المحدد للحفر. بعدها يفترض أن تمنح الوزارة «رخصة حفر»، على أن تقدم بقية الوزارات المعنية الأذونات اللازمة. أما المرحلة الثالثة فتتعلق بتحضير الأرضية لبناء «القاعدة اللوجستية» بعدما انتهت النقاشات إلى اتفاق على إقامتها في مرفأ بيروت، مع إتاحة الإمكانية لـ«توتال» لاستئجار أرض في منطقة أخرى لتخزين بعض المعدات المستخدمة في عملية الحفر، على أن تكون الأفضلية لمنطقة قريبة من موقع «القاعدة». وحددت «خطة العمل» موعداً بين تموز وآب المقبلين لبدء ورشة بناء «القاعدة» التي رصدت لها الشركة 13 مليون دولار. كما تم الاتفاق بين الشركة ووزارة الأشغال على تخصيص 8 آلاف متر مربّع ضمن المخطط التوجيهي لمرفأ بيروت لـ«الأنشطة البترولية»، ويجري النقاش حالياً في تخمين السعر وتحديد الموقع النهائي وفترة الإشغال وتفاصيل تقنية أخرى.
وكانت «توتال» اقترحت إقامة «القاعدة» في قبرص بحجة الوضع الحالي للمرفأ بعد انفجار 2020، ولعدم وجود مرفأ يتمتع بالمواصفات نفسها، وعدم قدرة الدولة على تحويل أي من الموانئ الأخرى إلى مرفأ نفطي خالص، إضافة إلى عدم رغبة الشركة الفرنسية بالاستثمار في مناطق تخضع لنفوذ سياسي مُعين. إلا أن لبنان رفض الاقتراح متمسكاً بحقه في إقامة «قاعدته اللوجستية» على أراضيه والتمتّع بميزاتها كافة لا سيما موضوع تأمين الخدمات الأرضيّة ما يسمح بتوفير مئات فرص العمل. وإلى ذلك، ثمة حقوق سيادية لا تقل أهمية. فعلى سبيل المثال، ستصبح باخرة الاستكشاف (الحفارة) أو باخرة الإنتاج لدى وصولها إلى موقع البئر وبدء أعمالها فيه بعد مد الأنبوب «أرضاً سيادية لبنانية»، وإن كانت ضمن المياه الاقتصادية الخالصة. بناء عليه، يفترض بالأمن العام اللبناني إصدار أذونات عمل خاصة بأعضاء الفريق العامل على متن الباخرة لدى دخولهم أو خروجهم منها، ما يوجب بالتالي إقامة «القاعدة» على أرض لبنانية. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن «توتال»، بعد الموافقة على إقامة القاعدة في مرفأ بيروت، أبقت احتمال الاستعانة بـ«قاعدة قريبة» قائماً في حالات الطوارئ، كحاجتها إلى استقدام معدات بشكل طارئ أو استبدال معدات أخرى أو توفير مواد تستخدم عادة في خفض ضغط البئر أثناء عملية الحفر. إلا أن الخشية لا تزال موجودة من احتمال عودة «توتال» إلى طلب الاستعانة بـ«قاعدة قبرص اللوجستية»، في حال تأخير الأعمال في «قاعدة بيروت».
وقدّرت «توتال» نفقاتها الإجمالية لإنجاز عملية حفر البئر الاستكشافية الأولى في حقل «قانا» بـ113,243,000 دولار.