عندما أصدر مصرف لبنان بيانه الذي أعلن فيه التدخل في السوق شارياً لليرة وبائعاً للدولار وفق سعر صيرفة 70 الفاً، تراجع الدولار في السوق السوداء 12 الفاً في غضون ساعات، من 92 الفاً الى 80 الفاً. أمس، وبالوتيرة نفسها، عاد الدولار أدراجه مسجّلاً ارتفاعات متتالية منذ الصباح من 80 الفاً الى عتبة الـ90 الفاً. فهل يصبح الدولار بـ 6 أرقام في الساعات المقبلة؟
تعود المصارف الى الاضراب مجدداً اعتباراً من الثلاثاء المقبل، في تعليق لم يدم أكثر من 11 يوماً شهدت خلاله الاسواق استقراراً في سعر الصرف على نحو 80 الفاً للدولار، وتبيّن خلاله ان تخوّف المودعين في محله. لذا، سارعوا الى إنهاء معاملاتهم في المصرف قبل العودة الى الاضراب. والتخوّف نفسه تجلى في قلة حماستهم للانخراط بلعبة صيرفة مجدداً بعدما اصدر مصرف لبنان بياناً في الاول من آذار مُعلناً التدخل في السوق بائعاً للدولار النقدي وشارياً لليرة على سعر 70 الفاً للدولار، وذلك بعد الخيبة التي تعرضوا لها في المرة السابقة، اي نهاية العام بسبب تأخر المركزي في الافراج عن الدولار، بحيث انه لم يُنه بعد تسديد الدولار للطلبات القديمة وهي في غالبيتها تدفع بالتقسيط للمودع، وهذا ما يبرر الحركة الخجولة للاقدام على صيرفة هذه المرة رغم وعد المركزي بدفع الدولار في غضون ثلاثة ايام، بدليل انّ حجم التداول على صيرفة لدى تدخّل المركزي في السوق في نهاية العام 300 مليون دولار في يوم واحد، بينما التداولات في هذه المرة تراوحت ما بين 18 مليون دولار كحد ادنى و60 مليوناً في اليوم الواحد.
كل هذه العوامل انعكست امس ارتفاعات متتالية في سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي انطلق من 80 الفاً ليقترب من عتبة الـ90 الفاً. فهل من علاقة لتحرك الدولار في السوق السوداء مع عودة المصارف الى الاضراب وتعثر صيرفة في المحافظة مجدداً على استقرار الدولار؟
في السياق، يقول الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ«الجمهورية» انه بعد قرار جمعية المصارف بالعودة الى الاضراب معطوفاً على تخوّف المودعين من الا يسترجعوا إيداعاتهم بالليرة لدى المصرف المركزي بعملة الدولار من خلال منصة صيرفة او ان يلجأ المركزي الى رفع سعر دولار صيرفة، هذا الوضع، دفعَ بالمودع الى خيار العودة الى طلب الدولار من السوق السوداء والتخلص من الليرات التي في حوزته والتي كان ينوي بيعها للمركزي مقابل الدولار، وهذا ما أدى الى ارتفاع الدولار في السوق السوداء.
ولدى سؤاله اذا كان بيان المركزي الاخير لا يزال سارياً بعد أحداث الامس؟ قال: في مقابل اعطائه الدولار على 70 الفاً، لاحظنا انّ دولار السوق السوداء اقترب من 90 الفاً أمس، وبالتالي انّ تدخّله خسارة له. تابع: ان كل ما يحصل هو حلول ترقيعية، فالمصرف المركزي لا يطبع الدولار لذا لا حل امامه سوى تأمينه من السوق السوداء وهذا ما سيؤدي الى رفع الدولار الاسود بوتيرة اسرع، مُجدِّداً توقّعه بأن يصل الدولار الى 6 ارقام في القريب.
وعمّا اذا كانت هذه التقلبات ناتجة عن صراع المصارف والمركزي، قال: انّ كلا الطرفين في المركب نفسه، أضف الى ذلك صدور قرار من القاضي فيصل مكي لصالح احد المودعين امس، واستدعاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى التحقيق الاربعاء المقبل.
ورداً على سؤال، أكد حمود انّ القرارات القضائية صائبة لأن اموال المودعين وضعت بالدولار ومن حقهم ان يسحبوها بالدولار كي يتمكنوا من تصريفها على عكس الشيك المصرفي الذي يساوي 10% فقط من قيمته الحقيقية، حتى ان المصارف ترى انّ القرارات القضائية صحيحة ومُحقة الا انها غير قابلة للتنفيذ. ورأى حمود انه لا يجوز تحميل ازمة بهذا الحجم الى القضاء خصوصاً ان القوانين الحالية ما عادت فاعلة، يجب تحديثها حتى يتمكن القاضي من الحكم في ضوئها.
أضاف: انّ كل التعاميم التي اصدرها البنك المركزي أتت استناداً الى قوانين فهو لا يملك القدرة على التشريع، وهو حاول خلال كل هذه المدة تنظيم العلاقة بين المودع والمصرف عبر القوانين الموجودة، فالتقصير كان من الحكومات المتعاقبة التي تقترح مشاريع قوانين تُحيلها الى المجلس النيابي، الأمر الذي لم يحصل.