كتبت النهار
لن توفّر الكتل النيابية المؤيّدة لانتخاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية السبل السياسية المتاحة لإيصال الرجل إلى سدّة الرئاسة. وإن كان نواب حركة “أمل” و”حزب الله” يشكّلون رأس الحربة في تبنّي اسم فرنجية وتأمين الأصوات الـ65 المطلوبة لانتخابه، فإن الأنظار تتجه نحو بقية الكتل لمعرفة كيف ستتعاطى مع مسألة توفير نصاب الجلسة ووجود 86 نائباً في القاعة. وكان النائب قبلان قبلان قد تحدّث عن إمكان تأمين الرقم المطلوب لانتخاب فرنجية، لكن هذا الأمر يواجه جملة من التعقيدات التي تبدأ أولاً من باب تأمين النصاب، تلك المسلّمة الدستورية التي لا يحيد عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ حلوله في رئاسة البرلمان عام 1992 إلى اليوم.
ولا بد من التوقف عند مسألة أن ثنائي الحزب والحركة يتعاطيان بجدية عالية مع فرنجية نابعة من جملة من الاقتناعات عندهما حيال اسم مرشحهما واعتباره المرشح الأفضل وفق رؤيتهما، والقادر على حل معضلات الملفات المطروحة، ولا يتعاطيان معه من باب محاولة التجربة. ولا شك في أن حالة فرنجية عند الجهات التي تؤيّده أكثر صلابة مع الكتل التي تؤيّد انتخاب النائب ميشال معوّض، حيث يعلن ناخبوه علناً وعلى مدار 11 جلسة أنهم قد يتجهون إلى اختيار مرشح آخر إذا وجدوا فيه المواصفات التي تلبّي طموحات هذا الفريق الذي لا يبدو كتلة واحدة.
من أين سيأتي مؤيّدو فرنجية بالأصوات الـ65؟
لا يدخل نواب الثنائي في كيفية تأمين هذا الرقم وهم ينطلقون أولاً من 27 نائباً شيعياً يشكلون حجر الرحى في عملية انتخاب فرنجية، وهم يعترفون بالطبع بصعوبة إقناع الآخرين، وأن الاقتراع ليس بالأمر السهل مع الاعتراف بأن الطريق أمام مرشحين ليست معبّدة بل تعترضها جملة من النقاط الشائكة عند الكتل الأخرى.
وتفيد مصادر “التنمية والتحرير” بأن إمكانية توفير الـ65 صوتاً لفرنجية متوفرة من دون أن تدخل في خريطة توزيع هذا الرقم على النواب أو تسميتهم، وأنها لا تريد الدخول في مشكلة مع أي جهة بغية “توسيع دائرة التأييد لفرنجية”، وأن مجموعة لا بأس بها من النواب السنّة والمسيحيين أبدوا استعدادهم في اتصالات وجلسات ضيّقة بأنهم لا يعارضون انتخاب فرنجية. في هذا الوقت، تسابق كتلة بري الوقت لإنضاج انتخاب فرنجية مع توقع جهات مواكبة أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية قبل حزيران المقبل مع الاستفادة من نتائج اتفاق الرياض-طهران.
وفي قرءاة الكتل الأخرى التي يُعوَّل عليها في إمكان انتخاب فرنجية تتوجّه الأنظار إلى نواب “اللقاء الديموقراطي”، ولا سيما أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لم يدلِ بعد بحرف واحد أنه قد يتجه إلى انتخاب فرنجية، لا بل على العكس، هناك نواب في صفوفه لا يبدون الحماسة المطلوبة له من دون التقليل من موقعيه المسيحي والوطني، ولا يرون فيه الشخص المناسب لمهمّة الرئاسة في هذه الظروف مع ترقّب حصيلة الجواب السعودي النهائي حيال فرنجية الذي استبشر خيراً بالاتفاق بين الرياض وطهران.
ومع تعويل هنا أنه في ساعة” الحقيقة الرئاسية” قد يقدم جنبلاط على الطلب من نوابه الثمانية الاقتراع لفرنجية أو نصفهم، لكنه لم يعط كلمته النهائية مع إشارته إلى انتخاب رئيس يتحدث مع كل اللبنانيين أولاً زائد أن يلقى تأييداً من السعودية أو بالأحرى أن يحظى بقبول منها.
وفي حال حصول هذا الأمر ، “سيتحرر” النواب السنّة من جملة من الضغوط. ويمكن تلخيص حالاتهم الانتخابية ربطاً بالموقف السعودي وفق الشكل الآتي:
– النواب السنّة الذين يؤيّدون فرنجية يتحركون في فلكي ثنائي الحركة والحزب وسيقترعون له من دون الرجوع لأحد.
– إذا بقيت المملكة على حياد من فرنجية فسيقدم نواب سنّة آخرون الاقتراع لفرنجية، ولا سيما من الشماليين الذين تربط أكثرهم علاقة جيدة مع “تيار المردة”.
– إذا تلقّوا رسالة سعودية على شكل فيتو فسيلتزم أكثرهم بهذه الرسالة. وتتحدث مصادر مواكبة لموقف الرياض عن أنها لم تقل كلمتها النهائية في فرنجية، في وقت ينتظر فيه كثيرون حصيلة الاتفاق الإيراني-السعودي وآثاره على لبنان وستكون له بالطبع مفاعيل أولية ولاحقة ستظهر إشاراتها بين البلدين في الأسابيع المقبلة. وتفيد مصادر مواكبة للاتفاق الذي رعته بكين أنه لم يتطرق إلى لبنان الذي سقط برداً وسلاماً على الفريق المؤيّد لفرنجية في انتظار بلورة مفاعيله في ساحة النجمة.