كتبت النهار
دخل لبنان في أجواء التسوية الرئاسية المرتقبة، حيث مرحلة التصفيات النهائية اقتربت وصولاً الى النهائي في غضون شهرين وربما قبل ذلك بكثير، في ظلّ ما يُطبخ داخلياً وخارجياً ربطاً بسلسلة تطوّرات حصلت أخيراً ولا سيما عودة العلاقات الديبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وموجة التفاؤل التي أعقبت هذا الاتفاق دولياً وعربياً ولبنانياً، مع استمرار الحذر الداخلي نظراً لما يحيط بالبلد من أزمات وخلافات وانقسامات والتدهور المريب على الصعيدين المالي والاقتصادي.
في السياق، تشير مصادر سياسية عليمة لـــ”النهار”، إلى أن مغادرة السفير السعودي وليد بخاري الى الرياض بعدما انطلق بجولة على المرجعيات السياسية والرئاسية والروحية، دليل واضح على سرعة التطورات بعد اتفاق بكين والحديث المتنامي في المجالس السياسية بأن الرئيس العتيد سيُنتخب في وقت ليس ببعيد، وبناءً على ذلك فإن بخاري تحدث عن إيجابيات وكان مرتقباً أن يلتقي برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أول من أمس، إلا أن مغادرته الى المملكة تأتي وفق معلومات موثوقة، على خلفية لقائه برئيس المجلس النيابي نبيه برّي الذي تحدث أمام السفير السعودي عن مزايا رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية وتحديداً علاقته الجيدة مع السعودية ودول الخليج وأنه قادر على تطويرها والحفاظ عليها، وبمعنى أوضح إن برّي يقوم باتصالات بعيداً عن الأضواء مع كافة الكتل النيابية الى مرجعيات سياسية ويقود معركة ترشيح فرنجية، ولهذه الغاية سيضع السفير بخاري المسؤولين السعوديين في هذه الأجواء من زيارته لبكركي ومن ثم عين التينة وكليمنصو. وسبق لـــ”النهار” أن أشارت الى إمكانية زيارة برّي للرياض ليكون الضامن لدور وسياسة فرنجية إذا وصل الى قصر بعبدا وعلى وجه الخصوص في سياق علاقته بالمملكة، إذ سيطلب دعمها لترشيح زعيم المردة، ويُدرك رئيس المجلس أن كلاً من صديقه وحليفه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والأمر عينه لحزب القوات اللبنانية لم يخرجا عن إرادة السعودية، ما يعني مدى مونة السعودية على القوات والاشتراكي لكونهما من أبرز المقربين منها، ويرى برّي بعد اتفاق بكين أن الأمور فتحت الطريق للوصول الى انتخاب الرئيس العتيد وذلك يسهّل تليين مواقف معارضي ترشيح فرنجية، إذ ثمة استحالة لانتخابه إذا امتنعت معراب وكليمنصو.
توازياً، تؤكد المصادر أن رئيس المجلس بدأ يكثّف نشاطه وسيحوّل عين التينة وساحة النجمة الى مقرّين أساسيين لدعم فرنجية أو فتح الطريق أمامه، وعطفاً على ذلك بدأ يُحضّر لزيارة المملكة التي يعتبرها أكثر من نصف الطريق لوصول رئيس المردة الى رئاسة الجمهورية، وقد يكون السفير السعودي من الذين قرأوا بامتياز اتفاق الرياض وطهران مع ما يريده الداخل اللبناني من خلال جولاته ولقاءاته قبل المغادرة الى بلاده، وبناءً على ذلك ستكون السعودية ناخباً أساسياً للاستحقاق الرئاسي الراهن مع إشارة الأوساط المقرّبة من القوات والاشتراكي ونواب آخرين، إلى أن فرنجية مرشّح تحدٍّ، متسائلين: كيف يعتبر الثنائي الشيعي أن النائب ميشال معوّض مرشح استفزازي فيما يرون أن زعيم المردة مرشح وطني ولا يمثل أيّ استفزاز وتحدٍّ؟ بمعنى أن هذه المقاربة مرفوضة، مع الأخذ في الاعتبار ما ستؤدي إليه الاتصالات على خط الدول الخمس، إذ ثمة معلومات عن أن لقاءً قريباً سيُعقد لهذه الدول وقد يكون في الرياض، والى الآن ليس محسوماً ما إن كان على مستوى وزراء الخارجية أو الممثلين والمستشارين الذين شاركوا في لقاء باريس. وفي المحصّلة ستتوضح المسألة خلال الساعات المقبلة مع عودة متوقعة للسفير بخاري وما يحمله من توجّهات قيادته عندها يُبنى على الشيء مقتضاه إذ حينها سيتبلور المشهد الرئاسي معطوفاً على كل ما جرى في الآونة الأخيرة.
وتخلص المصادر لافتة إلى أن المساعي جارية على قدم وساق للخروج من الشغور الرئاسي وتجنّب أي انفجار اجتماعي وتفلت الشارع، وتنصبّ على الإسراع في انتخاب الرئيس بعد المؤشرات الأخيرة من توفير الغطاء العربي الإقليمي بفعل تقارب الرياض وطهران وما يشكّلان من معبر أساسي لاجتياز المطبات الرئاسية، وبالتالي ثمة حرص على أن يكون هناك رئيس في لبنان قبيل انعقاد القمة العربية في الرياض، فيما عُلم أن أكثر من مرجعية ستتوجّه إلى الخليج وأوروبا في الأيام المقبلة لجس نبض مسؤوليها، بينما، خلافاً لما يُنشر في بعض الإعلام، عن خلافات الرياض مع بعض الدول الخليجية لا صحة له، فدول مجلس التعاون الخليجي وفي القمة الأخيرة لها أكدت أنها ستكون الى جانب موقف المملكة تجاه الملفّ اللبناني، لذا كل الاحتمالات واردة والمفاجآت الرئاسية في وقت ليس ببعيد كما تشير أكثر من مرجعية سياسية في مجالسها.