كتبت النهار
نداء موجع اطلقه محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، عندما انتفض على وجعه، كلبناني، وكموظف في القطاع الرسمي، بقوله “إن وظيفة المحافظ هي أعلى وظيفة إدارية في الدولة اللبنانية فيما راتبي هو أقل من راتب النازح السوري في لبنان”.
وقد أثار جدلا واسعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان وخارجه بعد تصريح انتقد فيه مطالبات البعض بزيادة المساعدات للنازحين السوريين في لبنان.
هذا التصريح يثير مشكلتين مهمتين الى حد كبير:
المشكلة الاولى، الوضع المعيشي الذي بلغته اكثرية اللبنانيين وقد ضاقت بها سبل العيش، بعدما تردت اوضاعها بشكل انهياري كبير، ولم تعد قادرة على العيش بكرامة، وتأمين ضرورياتها. وهذا ما طرحه نقيب الاطباء في بيروت بقوله ان 40 في المئة من اللبنانيين يموتون بصمت في منازلهم لانهم لا يملكون امكانات الاستشفاء سواء عبر شراء الدواء الغالي الثمن او عبر دخولهم المستشفيات لاجراء الجراحات والعلاجات الضرورية. هذا الوضع سيودي بالموظف اما الى الاستقالة والبحث عن وظيفة في القطاع الخاص، سواء في لبنان او في خارجه، او الى مضاعفة السرقة واعمال الفساد وفق ما يتوافر له. وهذا الوضع سيؤدي الى مضاعفة نسبة الجريمة والاعتداءات في البلاد.
المشكلة الثانية، هي مشكلة النازحين السوريين. والحديث عنهم ضروري بعيدا من الاثارة والعصبيات. لبنان لا يحتمل هذه الاعداد التي تزيد باضطراد وفق ما تبينه الارقام، وكثير من المولودين لا يتم تسجيلهم، اي انهم سيصبحون عبئا على البلد الذي ولدوا فيه. وبالتالي سيتحولون من نازحين الى لاجئين، وسيمتنع اهلهم عن مغادرة البلد، وبذلك تتضاعف المشكلة السكانية في لبنان. اضف الى ذلك، ان الفقر المتزايد في لبنان بدأ يولد مشكلة مع النازحين الذين تتوافر لهم خدمات ومساعدات لا تتوافر للبناني، ما يولد نقمة يمكن ان تتطور الى شعور بالكره، وتصادما لاحقا وحروب شوارع.
نداء محافظ بعلبك – الهرمل يعبر عن حقيقة المشكلة، وعن حقيقة الوضع، وعن حقيقة المشاعر، والافكار. وما تجرأ على البوح به، هو حال كثيرين، لا يجرؤون على رفع الصوت والمجاهرة بالحقيقة. ليس المهم عدد الاصوات المرتفعة، الاهم ان يصل الصوت الى من يعنيهم الامر، والشروع في وضع خطة طريق لحل المشكلة، قبل ان تصير فتيل صراعات جديدة، وانفجار اجتماعي، وربما امني ليس لبنان في مأمن عنه، وقد خبر هذا الوضع مرات عدة سابقا.