أبرز ما تناولته الصحف اليوم
كتبت النهار
الانتخابات الرئاسية التركية المقرّرة في الرابع عشر من شهر أيار المقبل ستجري وسط رمزية وطنية مهمة جداً هي الذكرى المئوية لإعلان الجمهورية. يبدو أن المعارضة لبقاء الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في موقعه الرئاسي تشعر وهي تنافسه هذه المرة بشيء من الثقة. ذلك أنها موحّدة للمرة الأولى في تاريخها وواثقة بنفسها وبقدرتها على الفوز، علماً بأن أردوغان سيكون يحتفل في المرحلة الانتخابية إعداداً واقتراعاً ونتائج بالذكرى المئوية المشار إليها أعلاه لتجديد حزبه ورؤيته لـ”تركيا الجديدة”. ولا يستبعد كثيرون أن يتضمّن خطابه الانتخابي والرئاسي في آن واحد إشارات ضمنية الى المقاومة الدينية لإعلان الجمهورية واعتماد القانون المدني.
هل التحالف المعارض لأردوغان والمنافس له في الانتخابات الرئاسية موحّد وقويّ؟ تفيد معطيات ومعلومات خبير تركي جدّي أن التحالف المعارض له لا يبدو أنه يعاني صراعات داخلية، علماً بأن ذلك لا ينطبق على المعارضة في صورة عامة. وفوز مرشحين ينتميان الى المعارضة برئاسة بلدية مدينتين تركيتين مهمتين قبل مدة غير قصيرة ربما يكون أعطى إشارة ما الى أن القاعدة الشعبية لأردوغان بدأت تضعف. ذلك أنه استمدّ قوته الأساسية يوم فاز برئاسة بلدية اسطنبول قبل نحو عقدين. وعندما خسر مرشّحه هذا الموقع في آخر انتخابات بلدية بدا لكثيرين أنه دخل مرحلة تراجع لا تزال مبكرةً معرفة نتائجها المحتملة. طبعاً كوّنت وحدة الأحزاب المعارضة الستة في مواجهة أردوغان انتخابياً انطباعاً عند الناس أن معركته لن تكون سهلة. لكن رفض رئيسة أحدها ميرال أكشينار الموافقة على ترشيح “حزب الشعب الجمهوري” كمال كيليجدار أوغلو قبل مدة قصيرة من الموعد الأول للانتخابات، وكان العاشر من آذار الجاري، أراح أردوغان وأقلق معارضيه ولا سيما في الأوساط الحزبية والشعبية. طبعاً عاد “الوفق” والوحدة الى مجموعة الأحزاب المعارضة بعد عودة المعترضة على ترشيح أوغلو عن موقفها وإعلانها تأييده.
السؤال الذي يُطرح هنا هو: هل تكون الأزمة المشار إليها الأخيرة؟ يستبعد الخبير التركي الجدّي نفسه ذلك، إذ تلوح في الأفق أزمة أخرى هي موقف “حزب الشعوب الديموقراطي” الذي تنتمي غالبية مؤيّديه الى أكراد تركيا، والذي تختلف أجندته عن أجندة أو أجندات أحزاب التحالف المؤلف من أحزاب قومية وعلمانية ومن أحزاب جديدة لم تُختبر شعبياً أسّسها منشقان عن “حزب العدالة والتنمية” وتحديداً عن رئيسه أردوغان. الموضوع التركي قد يكون عاملاً خلافياً داخل المعارضة وفي أوساط ناخبي أحزابها الستة. ظهر ذلك جليّاً عام 2015 إذ عاقب الناخبون الأتراك كل من كان قريباً من “حزب الشعوب الديموقراطي” ومنهم حزب أردوغان، الأمر الذي لم يُمكّنه من الحصول على غالبية كافية لتأليف حكومته، علماً بأن فريق “الأحزاب الستة” المتحالفة يعاني انقساماً من جرّاء التعاون مع “حزب الأكراد”.
ماذا تُظهر استطلاعات الرأي المتعلّقة بانتخابات 14 أيار المقبل في تركيا؟ تُظهر أولاً أن ناخبي “حزب العدالة والتنمية” يبتعدون ببطء ولكن بثبات عنه بسبب إدارته السيّئة للأوضاع الاقتصادية والمالية وغيرها. وسرّع الزلزال المدمّر الذي أصاب تركيا قبل أسابيع ومعها سوريا الابتعاد المذكور من جرّاء سوء إدارة دولة أردوغان هذه الكارثة. لكن حزبه لا يزال يسيطر على آليّة دعائية فاعلة وواسعة النطاق بقيادة فخر الدين ألتون مدير الاتصالات في مكتب رئاسة الجمهورية، الذي يُطلق عليه أردوغان اسم “غوبلز” الذي يعاني نقصاً في الفيتامينات. أما وسائل الإعلام التقليدية فتكاد تتقدم في تركيا لأن كل وسائل الإعلام الكبرى إما مملوكة من مؤيّدي “حزب العدالة والتنمية” أو مرتبطة بالحكومة بوسائل مالية، علماً بأن ألتون نجح في تصوير المرشّح المعارض المنافس كيليجي دار أوغلو مسؤولاً عن المحن في تركيا أقله في المناطق الريفية والأقل نموّاً، علماً بأن سلطة الأخير تكاد تنعدم لجهة التدخّل في أي عملية صنع قرار. ونجح أيضاً في “خطاب القوى الخارجية” في إعادة جذب كثيرين من أنصار “حزب العدالة والتنمية” بعد ابتعادهم عنه، فأعطوا حكومة أردوغان فرصة ثانية من أجل منع “القوى الخارجية” من تحقيق أهدافها. لكن هذه الورقة هي الوحيدة الباقية في يد أردوغان، إذ لم يعد في إمكانه الوعد بتغيير الموقف من الدين ولا بتحرير الاقتصاد. لذا على مرشح الأحزاب المعارضة الستة التواصل مع الجماهير غير المتعلّمة والفقيرة وإثبات أنه “ليس عميلاً للقوى الخارجية”، كما يصوّره معارضوه. لكنه لا يمتلك إلّا شهرين للقيام بذلك أو أقل.
هل يُحسم الانتخاب الرئاسي في تركيا من الجولة الأولى؟ فرصة المعارضة الوحيدة لتحقيق الفوز أو الاقتراب منه على الأقل هي في حصول جولة انتخابية رئاسية ثانية من جرّاء فشل المرشحيْن أردوغان وأوغلو في الحصول على 51 في المئة من أصوات المقترعين. لكن الخبير التركي نفسه يقول إن المحبطين من حزب أردوغان وهم كثيرون سيصوّتون له رئيساً وسيؤمّنون فوزه، لكنّهم سيصوّتون لغالبية نيابية معارضة الأمر الذي يجعل فوزها بغالبية أعضاء مجلس النواب ممكناً. ماذا عن “حزب الشعوب الديموقراطي” الأكثر تمثيلاً للأكراد؟ لم يُعلن هذا الحزب بعد دعمه الرسمي لمرشّح المعارضة أوغلو، لكنه أعطى دلالات إيجابية على هذا الصعيد. فضلاً عن أنه أعطى إشارة الى أنه سيدير حملته الانتخابية تحت قائمة “حزب اليسار الأخضر” نظراً الى احتمال إقدام السلطة القضائية على حظر نشاطه السياسي واشتراكه في الانتخابات في أي وقت بحجة ارتباطه بعناصر إرهابية