بين الساعة 4 و الـ6 من مساءِ يوم أمس الخميس، انقلبَ المشهدُ رأساً وعقب عند مدخل صيدا الشمالي، وتحديداً عند حاجز الجيش في منطقة الأولي. قبل حصول المفاجأة بين الساعتين المذكورتين، كانت الحركة طبيعيّة، فالسياراتُ تمرّ بشكل عادي على الحاجز، لا إشكالات، لا عوائق، والمواطنون يلقون التحية على العناصر ويكملون طريقهم. إلا أنه وفي لحظةٍ من اللحظات، تبدّل كل شيء، فأقفلت الطريق فجأة عند الحاجز، وأطبقَ عناصره على سيارة بشكلٍ مُباغت.. هناك، فوجئ الجميع بما يحصل، فالمشهدُ يشيرُ إلى عملية أمنيّة يتخللها نوعٌ من “الآكشن”.. المواطنون في سياراتهم ذُهلوا إلى لحظة دفعتهم لمُشاهدة ما يجري بعد الخروج من سياراتهم.. الجميع يترقّب.. ماذا يجري؟ أحد الأشخاص قال: “الهيئة سيارة مفخخة.. ما فينا نهرب”.. شخصٌ آخر يقول: “أبصر شو كامشين.. الهيئة في شي كبير”.. بدوره، قال شخصٌ أيضاً: “آذان المغرب قرّب.. الهيئة رح نفطر هون”.
المُفارقة هو أنّ عناصر الجيش عزلوا كافة الممرات عند الحاجز لبعض الوقت، وما ظهر هو أنّ هناك بعض الأشخاص الذين تمّ الطلب منهم الوقوف تحت “الخيمة”، وكان من بينهم عددٌ من النساء. والسؤال الذي يُطرح وسط كل ذلك.. ماذا حصل؟ وما القصّة؟
ما تبيّن هو أنّ الجيش كان يتعقب سيارة كبيرة بعض الشيء، وبداخلها شخصٌ بمظهرٍ مُرتّب، ومن ينظر إلى الأخير، لا يعتقد أنه سيكون من المطلوبين. فعلياً، الشخص هذا يعدّ من كبار تجار السلاح في لبنان، وقد تمكّن الجيش من توقيفه بشكل مفاجئ عند حاجز الأولي بعد عملية رصدٍ ومتابعة، وجرى الإطباقُ عليه أمام الناس وسوقه مباشرة إلى التحقيق بعد تطويق حركته.
مع هذا، فإنّ المشكلة الأكبر لم تكُن تكمن هنا، فالسّيارة التي كان يقودها المطلوب “ن.ت”، محمّلة بكمية كبيرة من الذخيرة مع عددٍ هائل لا يُستهان به من المسدسات وبنادق “الكلاشينكوف”. بكلّ بساطة، كانت السيارة عبارة عن مخزن سلاحٍ بـ”أمه وأبيه”، ما يعني أنّ المركبة التي ضبطها الجيش كانت تشكّلُ خطراً كبيراً أثناء تنقلها بين المواطنين، في حين أنّ الخطر الأكبر كاد سيكون حاضراً لو كانت السيارة تتضمنُ قنابل، وهناك الطامة الكبرى.. وعملياً، فإنه لو حصل أي أمرٍ مفاجئ داخل السيارة وساهم في تفجير القنابل، لكانت الكارثة كبرى، ولكان مواطنون آخرون قد وقعوا ضحيّة مطلوبٍ خطير.
بعد إنفضاضِ عملية التوقيف التي حصلت فجأة، استعدّ المواطنون للإنطلاق.. هناك، يقول شخصٌ من الذين كانوا يراقبون المشهد: “منيح اللي بعد في جيش بالبلد.. الله يحميهم.. بعدنا عم نروح ونجي بأمان”.. وإثر كل ذلك، انطلقَت السيارات في دربها، وعاد المشهدُ طبيعياً وكأنّ شيئاً لم يكُن..
بيانُ الجيش
وليل أمس، صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه، البيان الاتي: “بتاريخ 23/3/2023، بعد عملية رصد ومتابعة أوقفت دورية من مديرية المخابرات عند حاجز الأولي ــ مدخل مدينة صيدا المواطن (ن.ت.) وهو أحد أبرز تجار الأسلحة، وضبطت داخل سيارته 5 أسلحة حربية نوع كلاشنكوف و11 مسدساً وكمية كبيرة من الذخيرة، وسُلمت المضبوطات وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص”.