عمر حبنجر _ الانباء الكويتية
متفق عليه أنه لا بعد طائفيا وراء قرار تأجيل اعتماد التوقيت الصيفي في لبنان، لكن العشوائية في إدارة الدولة، معطوفة على الجهل بروابط لبنان ومؤسساته مع نظام التوقيت الدولي، جعل الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، يقرعان بابا ثمة من ينتظر فتحه، لإثبات الحضور والموجودية.
إنها سياسة مواجهة التعطيل بالتعطيل المقابل، والرئيس بري المرمى عليه تعطيل الانتخابات الرئاسية، عبر إفقاد نصاب الجلسات الانتخابية التي انعقدت، ثم بعدم الدعوة الى جلسات انتخاب جديدة، إلا ضمن شروط فريق الممانعة، بدأ يتلقى الردود، بسلاحه عينه.
و«أزمة» التوقيت الصيفي لا علاقة لها بالطائفية، ولا بشهر رمضان المبارك، القصة بخلفياتها مسألة «تمريك» اركان المنظومة الحاكمة، بعضهم على بعض، وربما لو لم يكن رئيس المجلس نبيه بري، طلب من رئيس الحكومة «تمرير» قرار التأجيل، لما أخذت الازمة كل هذه الأبعاد من التوتر، فالمشكلة بين بري وبين خصومه على الضفة السياسية الأخرى.
الرئيس ميقاتي أبدى أسفه للمنحى الطائفي الذي اتخذته مسألة تأجيل التوقيت الصيفي.. بينما كان عليه ان يتوقع مثل هذا الاحتمال، في ظل الصراع السياسي المحتدم بين الفرقاء، وقال ان الهدف كان اراحة فئة من اللبنانيين، من دون التسبب بضرر للفئات الأخرى، وانه اتصل بالبطريرك بشارة الراعي لكنه لم يستطع إقناعه، وكان صدور بيان البطريركية باعتماد التوقيت الصيفي، تحت تأثير الخشية من المزايدات الطائفية.
وأتبع ميقاتي كلامه هذا لصحيفة «النهار» البيروتية بإعلان ارجاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة اليوم، وقال ان انتخاب رئيس للجمهورية يشكل الأولوية المطلوبة لاكتمال عقد المؤسسات الدستورية، لكن البعض يحاول تحويل الانظار عن تعطيله لعملية الانتخاب، أو فشله في تأمين التوافق المطلوب لإتمام هذا الاستحقاق.
نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب اعتبر في الغاء جلسة مجلس الوزراء اليوم، والمخصصة لإقرار الاعتمادات المالية الإضافية لموظفي الدولة والعاملين معها، بمنزلة «الاعتكاف» وغرد عبر «تويتر» قائلا: استطاع قرار رئيس الحكومة تقسيم البلد طائفيا حيث اصبح لكل من الديانتين توقيتها، وخلص بوصعب الى طرح وقف تصريف الأعمال من جانب حكومة ميقاتي.
وفي عظة الأحد أمس، توجه البطريرك الراعي إلى المسؤولين بقوله: «يا لسوء الزمن الذي أوصلكم إلى حيث أنتم من احتلال للدولة ومقاليدها ولكن الظلم لا يدوم».
وأضاف: «العمى السياسي تسبب في انهيار لبنان المتصاعد وهو نابع من المصالح الخانقة والأنانية والأهداف الخبيثة»، متابعا: «العمى السياسي جعل الكتل النيابية والنافذين عليها يمعنون في عدم انتخاب رئيس للجمهورية كي لا تنتظم المؤسسات الدستورية وفي طليعتها المجلس النيابي الفاقد صلاحية التشريع والمساءلة والمحاسبة والحكومة الفاقدة صلاحية عقد جلساتها لاتخاذ قرارات إجرائية».
أوساط قريبة من بكركي اعتبرت ان رئيس المجلس النيابي بدا من خلال التسجيل الصوتي المتضمن طلبه من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تمرير قرار تأجيل التوقيت الصيفي، وكأن الأمر له والقرار له، وهذا ما ألهب ردود الفعل لدى بعض الفرقاء المسيحيين، خصوصا بعدما تبين أنه هو من طلب إلى المصورين فتح مسجلاتهم لتسجيل ما سيقوله لميقاتي حول هذا الموضوع.
وذهبت هذه الأوساط الى حد اعتبار فريق الثامن من آذار ومعه «حزب الله»، وراء هذا «الفاول السياسي»، خصوصا أن الصيام في رمضان يبدأ عند الفجر وينتهي عند الغروب، وبمعزل عن التوقيت، صيفيا كان او شتويا، او بساعة متقدمة او ساعة متأخرة.
ولوحظ أن المدارس الكاثوليكية، ذات الهوى الفرنسي، التزمت بتوقيت الحكومة، فيما مطرانيات زحلة الكاثوليكية، وانطلياس المارونية، اعتمدت التوقيت الصيفي، في حين ذكر احد مواقع التواصل، ان موقع «لبنان 24»، القريب من الرئيس ميقاتي، مشى بالتوقيت الصيفي ومثله فعل مصرف لبنان المركزي، تجنبا للمخاطر التي يمكن ان ترتب على الخروج عن التوقيت الزمني العالمي، لكن سيكون هناك التزام بالتوقيت الحكومي، بالنسبة للحضور ولساعات العمل.
كما شمل الانقسام حول التوقيت محطات التلفزة، محطتا «ام تي في» و«ال بي سي» التزمتا التوقيت الصيفي بينما مشت قناتا «الجديد» و«ان بي ان» بالقرار الحكومي.
وغرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، عبر «تويتر»، قائلا: «أزمة البلد اكبر من تقديم او تأخير الساعة، ولا داعي لقرارات تصب في الأتون الطائفي البغيض، ولتعد هذه الحكومة وهذا المجلس الى توصيات صندوق النقد الدولي على علاته، لكننا لا نملك خيارا لسوء الحظ، وكفى متاجرة بالملك العام، من المرفأ الى المطار».
هذا، وكشف بأن أمين سر كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب هادي أبو الحسن، وبتوجيه من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يقوم منذ صباح اليوم الاثنين بمسعى يهدف الى إيجاد مخرج لحل هذه الأزمة، وقد قام بالتواصل مع كل من الرئيسين بري وميقاتي، حيث ينطلق من ضرورة الحد من الانقسامات الخطيرة الحاصلة تحديدا في ظل ما يعانيه الناس من ازمات لا تعد ولا تحصى.