كتبت النهار
يتشوق اللبنانيون الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. بل لعل هذا ما يتوقون اليه في بلد ادمن الشغور الرئاسي، وما يتبعه من تداعيات كارثية تصيبهم كل مرة. لكن ما بين رغبتهم بعيش الاستقرار المرتبط بانتخاب رئيس وانتظام عمل المؤسسات، وما بين الصفقات والتسويات التي تحكم الاستحقاق، هوة سحيقة لا يمكن ان يقبل بها اي مواطن حقيقي في اي دولة في العالم.
ان ينتظر اللبنانيون دائما وتكرارا التسويات الخارجية وانعكاساتها على بلدهم، لأمر مشين ويقوض كل اسس المواطنة والانتماء، اذ فيما هم ينتظرون الاملاءات الخارجية، يسعى المرشحون لنيل رضى هذا الخارج، وربما لا يكترثون للداخل الذي لا يقدم ولا يؤخر، طالما ان ثمنه معروف سلفا، وتحركاته محكومة بالسياسات والمحاور الاقليمية.
ليس في الامر ادانة موجهة للمرشح سليمان فرنجيه تحديدا، اذ سبقه كثيرون على هذا المنوال، وسيتبعه طامحون اخرون، وهم يجولون ما بين العواصم علنا او في الخفاء. لكن الاخبار المسربة، رغم الكتمان المحيط بالزيارة الى باريس، تدعو الى الخجل.
في التسريبات، ان فرنجية قدم الضمانات – التنازلات في حقيقتها – للادارة الفرنسية، والتي سترسلها الى الرياض لاقناع المملكة العربية السعودية بها، وسيتحرك موفد قطري لمتابعة الملف، وايران تتدخل عبر “حزب الله” كما اعلن مسؤولوها، ومصر دخلت على الخط وان بخجل، ولا تغيب الولايات المتحدة الاميركية عن ابداء الرأي اقله، ووضع الفيتو، ولا تتردد روسيا في التدخل عبر وسطاء.
العالم كله يتدخل، والمرشحون يطلبون المواعيد في باريس والرياض والدوحة والفاتيكان، ويقدمون التنازلات والوعود والضمانات، حتى ليظن المتابع ان النظام في لبنان رئاسي، وان الرئيس قادر على الوفاء بالتزاماته وتسيير امور الدولة والمؤسسات وتغيير المجريات.
تخطىء الدول المتابعة حين تسعى الى ترئيس شخص بعينه، ومحاصرته بتنازلات لا تقدم ولا تؤخر، لان المنظومة كلها بحاجة الى تغيير، والتغيير لا يمكن لرئيس ان يصنعه بمفرده، ما لم تكن تسوية تشمل الحكومة ايضا، والاحزاب التي خربت البلد.
ما يحصل لا يعدو كونه ملهاة ومحاولة للخروج من المأزق الى حين. محاولة لن تكتب لها النهاية السعيدة، ولو امكن ايصال سليمان فرنجية الى قصر بعبدا. فالنهاية السعيدة ببرنامج نهوض حقيقي وليس برئيس ايا يكن اسمه، طالما ان عدته للعمل هم الفاسدون انفسهم.