كتبت النهار
ليس صحيحا كما يروِّج محور “الممانعة ” والمتواطئون معه من خارج بيئة “الثنائي الشيعي” ان الامر قُضي وفُتحت٠٠ طريق مرشح “حزب الله” الى قصر بعبدا. هذا اجتهاد في معرض التهويل لتشتيت الانتباه عن نقطة الضعف الأساسية التي يعاني منها الترشيح. فالتبرع بنقل موقف سعودي مفترَض مؤيدٍ لفرنجيه لا يُبنى عليه، ولا يلغي ان مشكلة فرنجيه هي انه مرشح “حزب الله” وان الاتفاق السعودي – الإيراني لا يتضمن مسارعة المحور العربي لتسليم لبنان بأسره الى طهران بمباركة العرب. كما ان الاتفاق لا يلزم السعودية أخذ “ضمانات” من مرشح “حزب الله “على انها إشارة لتحوّل اكثر من تكتيكي ومحدود من الإيرانيين في الساحة اللبنانية. فمطلَق أي رئيس يدين بالولاء لـ”حزب الله” في لبنان لن يكون سوى أداة بيد الأخير يعتدل حين يشار اليه، ويتطرف حين يشار اليه وفق أحكام المرحلة. ان أي ضمانات يعلنها المرشح سليمان فرنجيه نيابة عن “حزب الله”، واستطرادا عن ايران في لبنان، قد لا تطول مدة “صلاحيتها” اذا ما تغير المشهد الإقليمي الذي يبقى على رغم كل التطورات التي حصلت على صعيد تبريد الخلافات الإقليمية والعربية خاضعا لاختبار دائم، وقابلا لتغيير حاد عند كل مفترق. فما من حاجة والحال هذه الى تقديم “سلفة” لبنانية سيادية – عربية التوجه لست سنوات مقبلة.
لنذهب أبعد من ذلك، ونقول للجهة التي تهوّل على اللبنانيين، ان الأساس في معارضة تنصيب الأستاذ سليمان فرنجيه رئيسا هو الموقف اللبناني، أولا على المستوى المسيحي، ثانيا على المستوى السيادي، وثالثا على التغييري الإصلاحي. هذه ثلاث قوى قد لا تكون متلاحمة جبهويا، لكنها تمثل غالبية لبنانية تعتبر ان مرشح “حزب الله” استفزازي، مقيّد، وغير إصلاحي. وبالتالي فإن التواطؤ الفرنسي مع “حزب الله” ليس شرطا لقبول “تسوية” اشبه بالاستسلام التام. فرئاسة الجمهورية مفتاح لتوازن البلاد، ورئاسة الحكومة مفتاح آخر لوضع لبنان على سكة الإصلاح والإنقاذ الصحيحة. وفي هذا السياق نحن نزعم ان الخطة الحقيقية التي يُعمل على تنفيذها تقضي بتنصيب فرنجيه في الرئاسة، وخلق الظروف الموضوعية لإزاحة مطلق أي مرشح لرئاسة الحكومة عن طريق الرئيس نجيب ميقاتي، وهو المفضل عند الفرنسيين. ان معادلة فرنجيه – سلام (نواف أو تمام) التي تطرحها باريس مضللة، فمرشح الفرنسيين الضمني للرئاسة الثالثة لم يتغير. معنى هذا ان “حزب الله” وبدلا من ان يمسك بالرئاسة الثانية، في مقابل رئيس جمهورية سيادي مستقل، ورئيس حكومة سيادي إصلاحي تغييري، سوف يقبض على الرئاسات الثلاث دفعة واحدة كما كانت الحال في المرحلة السابقة.
ان الكرة كما قلنا قبلاً هي بيد المكون المسيحي الرافض لإملاءات “الممانعة”. فوحدة الموقف الرافض يجب ان ترتقي الى تشكيل أوسع جبهة تقدم خيارات ما بعد اسقاط ترشيح فرنجيه. وإن لم يرتقِ الموقف المسيحي الى مستوى يتجاوز تقاطع المصالح الموضوعي، فإن “حزب الله” مراهنا على الوقت، والتعطيل، وبث بذور الخلاف بين القوى الرافضة، سيربح المعركة ويختطف الرئاسة الأولى ثم الثالثة في ضربة واحدة. المهمة الأولى للمسيحيين في لبنان ان يوحدوا صفوفهم ليوصلوا الرسالة الى شركاء الداخل والخارج الإقليمي والدولي انه لن يُسمح لـ”حزب الله” أو “الثنائي” باحتلال قصر بعبدا.