كتبت النهار
حتى الان لم نسمع كلمة واحدة مفيدة من الطرف المعني بأزمة اللاجئين السوريين في لبنان، و في كل من الأردن وتركيا. ما هو موقف النظام السوري من بقاء ملايين السوريين خارج ديارهم؟ وماذا ينوي ان يفعل لانهاء معاناة الشعب السوري الذي يعتبر مسؤوليته قبل أي طرف أخر؟ واين هي خطته لحل هذه الازمة التي تثقل كاهل الشعب السوري، والدول المستضيفة، لا سيما لبنان الصغير بمساحته، وقدراته، وطاقته على استيعاب ما يزيد على مليون ونصف المليون لاجئ ؟. هذه أسئلة موجهة شطر النظام الذي بدأ العالم العربي ينفتح عليه، معيدا علاقاته الديبلوماسية معه على القاعدة التي جاءت في البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي مع مصر، والعراق والأردن. و يؤكد البيان الختامي للاجتماع الذي عقد قبل أسبوعين في مدينة جدة على ضرورة إيجاد حل سياسي شامل للازمة. وعندما نتحدث عن حل شامل للازمة فإن قضية ملايين السوريين الذين اخرجوا عنوة من ديارهم هي أولوية إنسانية، وطنية وعربية. ومن واجبات العالم العربي المعني بالملف السوري الذي لا يزال مفتوحا على مصراعيه ان يضطلع بمسوؤلياته تجاه الشعب السوري، وتجاه دول الجوار العربي التي تستضيف ملايين اللاجئين بما يتعدى امكاناتها بأشواط.
لا يكفي ان تقوم الدولة اللبنانية بإجراءات لإعادة مواطنين سوريين عبر الحدود من الذين ثبت انهم جاؤوا الى لبنان اخيرا بلا مسوغ و لا أوراق رسمية. فهذا الامر يشبه تعبئة وعاء مثقوب بالمياه. انها قضية خاسرة من البداية. لان الحل يجب ان يكون شاملا، وان يضم الأطراف المعنية باللجوء السوري، بدءا بالنظام الذي هو المسؤول الأول، وذلك بصرف النظر عن رأينا فيه. ويجب ان يضم أيضا لبنان الرسمي، والاسرة العربية كمسهل وضامن، وممول مع المجتمع الدولي الضامن أيضا حفظ كرامة اللاجئين و سلامتهم في رحلة العودة الى بلادهم.
البداية تكون بإعلان رسمي من النظام يدعو اللاجئين للعودة، ويعلن على الملأ انه يضمن عدم التعرض لاي منهم، ويقبل بشراكة الاسرة العربية والمجتمع الدولي على مستوى ضمان امن وسلامة العائدين. وما من شك انه سيكون من واجب الاسرة العربية او المجتمع الدولي تمويل جزء كبير من تكاليف العودة، من دون ان يعني ذلك تمويل إعادة اعمار سوريا بالكامل لان الامر منوط قبلا بحل سياسي شامل مطلوب لضمان خروج سوريا من مناخ الحرب. و ربما كانت المرحلة الأولى للعودة إقامة مناطق محمية عربيا ودوليا داخل سوريا كمقدمة للعودة النهائية.
بالأمس صدر موقف تركي يعتبر ان الوقت لم يحن بعد لخروج القوات التركية من سوريا لانه اذا كان النظام في دمشق يطالب تركيا بالانسحاب من شمال سوريا، وبضمانات امنية، فإن تركيا تعتبر ان الانسحاب من دون تأمين الحدود الجنوبية يعرض الامن التركي القومي للخطر. و بالتالي فإن القضية مؤجلة لما بعد الانتخابات التركية.
اما لبنان فسيكون من الصعب بمكان حل الازمة ولو جزئيا ان بقي النظام متمسكا بسياسة افراغ سوريا من ملايين السوريين الى الابد!