يكاد يجمع المحللون الإسرائيليون أنه لا يوجد ما يفسر عملية “السهم الواقي” غير أن حكومة نتنياهو تحاول وضع الأجندة الأمنية على جدول أعمالها لعرقلة الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية واحتواء حركة المعارضة التي تهدد استقرار الحكومة وتدل على وجود تفكك محتمل في المستقبل، وهو الأمر الذي يوحي بأن الخشية من تداعيات المأزق الداخلي على الأمن القومي لإسرائيل، هي أكبر بكثير من خشية المسؤولين الإسرائيليين من تصعيد قد يكون طويل الأمد مع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية تدخل فيه استراتيجية “وحدة الساحات” بحسب تقديرات الشاباك.
العدوان على غزة هو سيناريو شبه محتوم
قبل اغتيال القادة من الجهاد الإسلامي، كان ثمة تقدير استخباري إسرائيلي، يقول إن أي مواجهة قادمة ستعمد فيها المقاومة إلى وحدة الساحات، في الوقت الذي يتفق فيه المحللون والعسكريون على أنّ العدوان على غزة كان سيناريو شبه محتوم، حيث ألمحت التصريحات والتحليلات الإسرائيلية مؤخرًا إلى أن إسرائيل تخطط لشن عملية عسكرية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية. القناة 14 التابعة لبن غفير وسموتريتش نقلت صباح يوم الاغتيال عن مسؤول سياسي رفيع: “الحملة العسكرية في غزة حتمية – إنها مسألة توقيت فقط”. وقال مسؤول سياسي رفيع لنفس المحطة: “إما أن نطلقها أو ننجر إليها مرة أخرى”. واضاف المسؤول إن الأجهزة الأمنية – الجيش الإسرائيلي والشاباك – أحالت توصياتهما إلى المستوى السياسي للمصادقة عليها.
وذكر المسؤول للقناة 14: “في إسرائيل، وخاصة في المؤسسة الأمنية، يتجادلون بين مقاربتين رئيسيتين: 1. ضربة مفاجئة على شكل هجوم في القطاع قد تبدأ باغتيال واحد أو أكثر في نفس الوقت، ومن هناك. ننجر إلى أيام المعركة التي نختار توقيتها، لكننا نخاطر بمستوى شرعيتها من العالم.
2. انتظار العملية القادمة من قطاع غزة والرد هذه المرة بطريقة أقوى بشكل ملحوظ، لكسر المعادلة، ونتيجة لذلك كسب شرعية أقوى من العالم.
الخشية من وحدة الساحات
في كلمته في اللقاء المشترك مع نتنياهو ورئيس هيئة الأركان هليفي، صرّح مسؤول الشاباك رونين بار، بأن جهاد غنام وطارق عز الدين كانوا يجلسون في غزة ويحركون الهجمات في الضفة، وبأن هناك عناصر من الخلية اعترفوا بأن طارق عز الدين كان يمولهم، وبالمحصلة، تمّ احباط خلية خططت لصنع صواريخ في منطقة جينين لإطلاقها على الجبهة الداخلية من شمال الضفة الغربية.
الواقع أن مسؤول الشاباك كان يتحدّث عن هاجس واحد، وهو هاجس وحدة الساحات التي بادرت إليها الجهاد الإسلامي. وبحسب المحلل السياسي عاموس هارئيل، كان من المفترض – أن يتم تنفيذ الاغتيال بعد القصف صاروخي على إسرائيل إثر استشهاد الأسير خضر عدنان في سجون الاحتلال. إلا أنّ أجهزة الأمن والاستخبارات كانت تناقش رد الفعل القوي، الذي قد يأتي من عدّة جبهات. وهكذا بدأت تظهر التداعيات الاستراتيجية لـ “وحدة الساحات” على قرارات الحرب الإسرائيلية، ويتضح أنّ هؤلاء يعون جيدًا أنّ “وحدة الساحات” ليست مجرّد شعار. وفي هذا السياق كان وزير الحرب يؤاف غالانت قد صرّح إثر أحداث شهر رمضان الماضي أن “الحرب المقبلة التي ستخوضها إسرائيل من أخطر الحروب وأكثرها صعوبة في تاريخها، لأنها ستكون على عدة جبهات في نفس الوقت وتشكل تهديدًا وجوديًا قويًا للأمن القومي الإسرائيلي”.
إسرائيل التي تحاول إرضاء جمهورها بحرب تحاول من خلالها بكل الوسائل قطع الطريق على “وحدة الساحات”، سواء لناحية تهديد حماس بعدم التدخل أو ربما بإغرائها بمفاوضات صفقة الأسرى، تمّ قطع الطريق عليها بإعلان الغرفة المشتركة عملية “ثأر الأحرار” بعدما انتهى عصر الاستفراد بفصيل واحد. قد تكون “إطلالة” أبو عبيدة هي المؤشر الوحيد للدخول بحماس الحرب، ولن تكون العمليات من الضفة وجنين مفاجئة، وأي تعطيل سيبراني داخل الكيان، بالطبع سيكون مصدره محور المقاومة من خارج فلسطين.
الكاتب: زينب عقيل