كتبت نداء الوطن:
سرق جبران باسيل شعار «القوات اللبنانية» الانتخابي، وأسهمت ظروفه الملتبسة «بشقلبة» هذا الشعار من النقيض إلى النقيض. فجبران يريد الاتفاق مع المعارضة، لكنّه على الأرجح لا يستطيع، لأنّ سيف «حزب الله» معلّق فوق الرقبة، وبالتالي دخل في نفق الاستمهال والتسويف، وتفسير جنس الملائكة، فيما المطلوب منه فعلاً أن يعلن عن الاتفاق الذي توصّل إليه مع المعارضة، القاضي بتأييد انتخاب جهاد أزعور، لكنّه إلى الآن لم يعلن وربما يتوقّع ألا يجرؤ خوفاً من «حزب الله»، الذي يخيّره بين العلاقة مع حسن نصرالله أو سمير جعجع. باسيل الراقص على الحبال، لم يقرأ ما نقله الصحافي غسان شربل عن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي وصف نفسه بأنه يسير في حكمه اليمن على رؤوس الأفاعي.
كم كان هذا الوصف بليغاً، وكم ينطبق على رحلة ميشال عون الذي رقص رقصة غرامية خطرة مع «حزب الله» في تفاهم مار مخايل، فنال المقاعد والمكاسب، وخسر ادّعاء تمثيله قضية جليلة، لينتهي به الحال طامحاً لصهره بدور بيضة القبان، من دون أن يجرؤ على الافتراق عن «حزب الله»، ولو بهامش ترشيح، لا يُزعج «الحزب»، كترشيح جهاد أزعور، وليس كترشيح ميشال معوّض.
خرج عون إلى العلن كي يسوق بطوباوية لنظرية بيضة القبان التي التجأ إليها، والتي وضعته في خانة العاجز عن الابتعاد عن «حزب الله»، وغير القادر على الاتفاق مع المعارضة، فأطلق نظرية غاندية لا تليق بمن اتّخذ أكثر الخيارات تطرّفاً، كي يحقّق حلمه بالسلطة والرئاسة، كأني به يقف في الوسط، لا يستطيع التقدّم أو التراجع.
لم يكن باسيل يحتاج إلى إشارات «حزب الله» الترهيبية، كي يتمهّل أو يتردّد في الاتفاق مع المعارضة على اسم يجنّبه كأس سليمان فرنجية المرّة. مصلحته تقتضي اللعب على الحبال، من دون الوصول الى السير على رؤوس الأفاعي، لكن «الحزب» كشّر عن نواياه، وخيّره بين البقاء آمناً ولو على مسافة من «الحزب»، أو قطع الخطوط الحمراء، ما يستدعي خطوات تأديبية لا يعرف نوعها أو مداها، وعون صاحب الخبرة الأمنية الطويلة الأمد يدرك ماذا يمكن أن يحصل.
يريد باسيل أن يكسب مشهداً يكرّسه بيضة قبان، وذلك من دون أن يخرج إلى العلن بأي التزام. مصلحته تقتضي التفاهم مع المعارضة وخطوط «حزب الله» الحمراء تمنعه من مجرّد التفكير بأن «يلعب بذيله».
يكفي أن يقول أمام من التقاهم منذ أيام إنّه لم يكن هناك موعد مع وفيق صفا، وإن «حزب الله» سرّب ذلك إلى الإعلام، فقط بغرض التهويل، كي يفهم أنه يتعرّض لضغوط كبيرة. لكنّ هذه الضغوط لن تكون مبرراً لامتناعه عن اتّخاذ القرار ولو مع بعض المخاطر، والساعات المقبلة ستكون حاسمة سلباً أو إيجاباً