ايفا ابي حيدر – الجمهورية
يعدّ لبنان من الدول الاكثر تقدماً من حيث نسبة النمو المسجلة في السنوات الاخيرة في قطاع الطاقة الشمسية، فهو يقترب من انتاج آلاف الميغاوات، اي نحو ثلث حاجته من الطاقة، ما يفرض اعادة النظر في خطة الكهرباء والجدوى من بناء معامل جديدة.
لعل الايجابي الوحيد الذي أنتجته الازمة المالية المسار التصاعدي الذي سلكه لبنان في انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية التي حررت المواطنين من رحمة اصحاب المولدات من جهة وتعتيم مؤسسة كهرباء لبنان من جهة اخرى، فبات الفرد قادرا على الاستغناء عن كليهما وتأمين اكتفاء ذاتي وكهرباء 24/24.
ولعل الارقام أكثر تعبيرا عن النمو الذي لحق بالقطاع بحيث اظهرت جداول الاستيراد ارتفاعا في مستوردات ألواح الطاقة الشمسية إلى 930 مليون دولار في العام 2022، مقارنة مع 54 مليون دولار في العام 2021، و2 مليون دولار في الفترة التي سبقت. كذلك ارتفعت واردات البطاريات لزوم تركيب الطاقة الشمسية من 6.66 ملايين عام 2019 الى 43.72 مليون دولار عام 2022، كذلك زادت واردات المدّخرات الكهربائية من 61.18 مليون دولار عام 2019 الى 293.85 مليون دولار عام 2022، والترانزيستورات من 7.08 ملايين دولار في 2019 إلى 411.94 مليون دولار في 2022.
وفي السياق، كشف رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة (LCEC) بيار خوري لـ»الجمهورية» انه حتى نهاية عام 2022 وصل انتاج لبنان من الطاقة الشمسية الى 870 ميغاوات، ووفق تقديرات المركز فإنه من المتوقع ان يصل الانتاج الى عتبة الـ 1000 ميغاوات في الايام العشرة الاولى من حزيران المقبل، وهذا ما يعد تطورا لافتا وكمية انتاج كبيرة لبلد صغير كلبنان. وأكد خوري ان الطاقة الشمسية باتت جزءا اساسيا من المزيج الطاقوي، لذا ووفق المسار الذي سلكه هذا القطاع في لبنان في الفترة الاخيرة، يرى المركز اللبناني لحفظ الطاقة انه ما عاد هناك من حاجة لبناء معامل كهرباء تقليدية، وفق ما يرد في خطة الكهرباء، فالموجود يكفي لتأمين كهرباء 24/24 اذا تأمنت حاجة المعامل من الفيول.
وعما تشكّله نسبة الانتاج من الطاقة الشمسية مقارنة مع حاجة لبنان الى الكهرباء، قال خوري: من المتعارف عليه عالمياً انه لدى مقاربة انتاج الطاقة التقليدية بالطاقة الشمسية يجب تقسيم كمية انتاج الاخيرة على 3 (لأن معدل الاستفادة من الطاقة الشمسية يقدّر بـ 8 ساعات/يومياً)، لكن الوضع في لبنان يختلف لأنّ معظم الطاقة الشمسية المنتجة تترافق مع بطاريات تخزين ما يؤمن للفرد استقلالية عن كهرباء الدولة، لذا نحن نعتبر ان انتاج الالف ميغاوات من الطاقة الشمسية هي الف ميغاوات فعلية ولا تقسّم على ثلاثة.
وردا على سؤال، أكد خوري انه مقارنة مع بقية الدول يعد لبنان واحدا من أفضل الاسواق في العالم من دون منازع من حيث النمو السنوي للطاقة الشمسية بعدما تطور بشكل متسارع في السنوات الاخيرة اي بعد الازمة التي أصابته، لافتاً الى ان لبنان تمكن من تحقيق هدفه الذي كان مقررا في العام 2020 ولو بتأخر سنتين بالوصول الى انتاج طاقة متجددة بنسبة 12 %.
وكشف انه استنادا الى دراسة قام بها المركز، يوجد في لبنان ما بين 50 الى 70 الف نظام شمسي تم تركيبها حتى اليوم على ان جزءا كبيرا من هذه المشاريع بما يتجاوز الـ 90 % هي انظمة مع بطاريات. ولدى سؤاله: هل هذه البطاريات قادرة على تأمين استقلالية تامة عن كهرباء الدولة اي الاستعناء عنها كلياً؟ أجاب: لا يمكن الحسم لأنّ الوضع يختلف حسب قدرة البطارية وعدد الالواح ومصروف المنزل…
وعن اي تحرك مرتقب للدولة لتأمين الكهرباء لمواطنيها ومؤسساتها عبر الطاقة النظيفة، ذكّر خوري ان وزارة الطاقة اعطت مطلع الشهر الجاري 11 رخصة للقطاع الخاص من اجل ان يؤمنوا لها 226 ميغاوات من الرياح و165 طاقة شمسية الّا ان التمويل يبقى عثرة امام تنفيذ هذا المشروع، وهذا ما يعيدنا للقول ان انقاذ الاقتصاد يحتاج الى توقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي ومن ضمنها مشاريع الطاقة النظيفة.
وخلص خوري الى ان لبنان خَطا خطوات مهمة الى الامام في انتاج الطاقة الشمسية بحيث ما عاد ممكنا العودة به الى الوراء، مطمئنا انه لا يمكن لأحد ان يفرض ضريبة على استخدام الشمس كما لا يمكن منع الشركات من استخدام الطاقة المتجددة. واعتبر انّ التوجه نحو الطاقة الشمسية حرر المواطنين من رحمة اصحاب المولدات أو ما يطلق عليهم «مافيا المولدات الذين هم الأكثر تضررا اليوم، وحتى هؤلاء غير قادرين على اعاقة مسار نمو هذا القطاع في لبنان».
معرض الطاقة الشمسية
ومواكبة للنمو الذي يشهده لبنان في قطاع الطاقة الشمسية، يقام معرض للطاقة الشمسية في لبنان من 1 الى 3 حزيران في فندق الحبتور لعرض أحدث التطورات التكنولوجية في إنتاج الطاقة والحفاظ عليها وتخزينها وتشجيع الاستثمار في هذا السوق. وفي السياق يكشف الرئيس التنفيذي للشركة للمنظمة للمعرض PromoTeam إلياس الخوري ان انتاج لبنان من الطاقة الشمسية وصل الى 1000 ميغاوات كهرباء، أي تقريباً ثلث حاجة لبنان للكهرباء سنوياً، وهذا انجاز يعتدّ به. اضاف لـ»الجمهورية» أنّ سوق الطاقة الشمسية في لبنان يشهد توسعًا سريعًا، ومن المتوقع أن تتجاوز قيمته مليار دولار أميركي في المستقبل القريب. واوضح ان هذا النوع من الاستثمار يعرف باسم «الاستثمار المجدي» لأنه يردّ الاموال لاصحابها بظرف سنوات قليلة، لذا فإن الشركات والمستثمرين مدعوّين للاستفادة من هذه الفرصة لتطوير وتسويق منتجاتهم وخدماتهم في هذا السوق المتنامي وتحقيق الأرباح والمدخرات في نفس الوقت.
ويشارك في المعرض الشركات المصنعة للألواح الشمسية والمحولات والبطاريات، وكذلك الشركات التي تقدم خدمات التركيب والصيانة والإصلاح. ويمكن للمستثمرين الذين يتطلعون إلى الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة الاستفادة أيضًا من المشاركة في المعرض، حيث سيتمكنون من الوصول إلى المعلومات حول أحدث التقنيات والاتجاهات في الصناعة.