كتبت النهار
لا جديد على مستوى الاستحقاق الرئاسي. كل ما يحكى عن اقتراب انجاز الاستحقاق هو مجرد حديث صالونات شبه سياسية. فمرشح “الثنائي الشيعي” لا يزال حيث هو. مرشح تحدٍ لشرائح واسعة من اللبنانيين. والأهم انه يمثل تحديا سافرا للسواد الأعظم من المكون المسيحي الذي ينتمي اليه على الرغم من ان الكتل المسيحية الرئيسية في البرلمان، و معها عدد لا يستهان به من الشخصيات المسيحية المستقلة لا تزال ترفض رفضا قاطعا اسم سليمان فرنجية، لا لشخصه بل لانه يمثل محاولة لفرض رئيس للجمهورية بالابتزاز، والاحتكام الى معادلة القوة و العنف السائدة في لبنان منذ غزوات ٧ و ١١ أيار السيئة الذكر. لكن كلما امعن “حزب الله” و شركاؤه بالتصرف كأن البلاد هي ملكهم وحدهم، ازدادت صلابة الرفض، وارتفع منسوب الكلام عن الفيديرالية وصولا الى “الطلاق “. فالبلاد على حافة الطلاق الاجتماعي، والسياسي بعدما تبين بالملموس ان الحوار مع “حزب الله” حول حل لمسألة سلاحه غير الشرعي لم يعد مجديا. والأصعب ان البعض من حلفاء الحزب المذكور الذي يتلطى خلف مواقع رسمية يساهم في امرار مشروع وضع اليد على لبنان من خلال تغيير توازاناته الدقيقة، ان على الصعيد السياسي، او المؤسساتي، او الديموغرافي، او الثقافي المرتبط بنمط العيش اللبناني المتنوع. ومن هنا فدعوات الحوار التي كررها الرئيس نبيه بري لم تفض مرة الى المحافظة على توازنات البلد، وانما انتهت بدفع مشروع “حزب الله” الى الامام اكثر و اكثر، حتى اقترب سقوط هوية لبنان بشكل نهائي.
و ها ان محاولة “الثنائي الشيعي ” فرض مرشح لرئاسة الجمهورية بالابتزاز السياسي من خلال اقفال مجلس النواب، تزيد من الهوة بين اللبنانيين، وتدفع الكثيرين ليس في البيئة المسيحية وحدها، بل في بيئات أخرى الى فقد ايمانهم بالعيش المشرك مع فئة تستقوي على الشركاء في الوطن بالقوة، والترهيب، والابتزاز السياسي القائم على معادلة القوة والعنف. هذه حقيقة ما يفكر به كثيرون. و الأخطر ان كثيرين كانوا يفكرون بصمت، باتوا يرفعون الصوت عاليا، رافضين هذا النوع من العيش المشترك، وداعين الى عقد وطني جديد يعيد التوازن الى البلد. ومناورة “حزب الله” الأخيرة في الجنوب زادت الكثيرين قناعة بأن لا امل بتغيير طبيعة الحزب الأمنية و العسكرية، و لا امل بإقناعه بأن يتنازل لمصلحة الشراكة الوطنية الحقيقية. من هنا فإن سلوك “حزب لله” وشركائه في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي من جهة ، وتمسكه بالسلاح غير الشرعي وقرار الحرب و السلم من جهة اخرى، يشيران بلا لبس الى ان القضية لا تتعلق برئيس للجمهورية، بل بطبيعة المشروع الذي يحمله “حزب الله” ووظيفته التي تعلو على كل ما عداها، هذا فضلا عن ان حلفاءه، وان كان بعضهم يتصنع الاعتدال والانفتاح ليسوا سوى واجهات في خدمة مشروع تغيير هوية لبنان، وتحويل معظم المكونات اللبنانية الى رهائن. اما الرئيس الجديد فلن تكون مهمته ابعد من ان يشكل واجهة شرعية لـ”حزب الله” الذي يرد دائما كما رد البارحة على انتقادات اللبنانيين بالقول بأنها ( الانتقادات) لا تقدم و لاتؤخر. هكذا ينظر الحزب المشار اليه الى اللبنانيين !