إبراهيم الأمين – الأخبار
23 عاماً، بالتمام والكمال، هي الفارقة بين تاريخين: الأول في 23 أيار 2000، والثاني في 23 أيار 2023. لكن هواجس العدو لا تزال هي نفسها حيال جبهته الشمالية. قبل 23 سنة، كان الثالث والعشرين من أيار اليوم الأخير الذي تدخل الصحف الإسرائيلية فيه إلى الشريط الحدودي المحتل. بعد يومين، أمكن العثور على بعض هذه الصحف، وبينها نسخة من صحيفة «معاريف»، تضمّنت تقريراً حول تسارع عملية الانسحاب من لبنان، وكتبت عنواناً رئيسياً هو: «حزب الله على السياج». قبل يومين، في الثالث والعشرين من أيار الجاري، تصدّر العنوان نفسه، «حزب الله على السياج»، صحيفة «يديعوت أحرونوت»!
23 سنة لم يغب خلالها هاجس ملامسة المقاومين السياج الحدودي مع فلسطين، عن عقول الإسرائيليين، مسؤولين ومستوطنين وصحافيين. لكن الفارق بين التاريخين، أنه في المرة الأولى، كان العدو أمام صدمة انتشار عناصر المقاومة على طول السياج الحدودي، أما في المرة الثانية، فهو يجد نفسه أمام هول التفكير بأن حزب الله يعدّ لتجاوز هذا السياج. ثمة تحوّل هائل، انتقلت فيه إجراءات المقاومة وخططها من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، وانتقل فيه العدو إلى مرحلة التحذير والدفاع، حتى ولو رفع صوته مهدداً بالويل والثبور.
المياه الراكدة… جارية
حتى بعد الحرب العنيفة عام 2006، بقي العدو يحاول إقناع نفسه ومستوطنيه بأن الهدوء على الجبهة مع لبنان حقيقي ومستدام، وأن المياه هادئة وراكدة في الجهة المقابلة. لكن، فجأة، استفاق قادة العدو المهنيون على أن ثمة ما تغيّر: المياه جارية، نسمع صوتها، لكننا لا نعرف خيوط مجراها!
في كيان العدو ثمة اهتمام عام لا يقتصر على جهات من دون غيرها، بما يجري على طول الحدود المحيطة بفلسطين. أما في لبنان، فلا يوجد، مع الأسف، غير المقاومة من يملك رأساً بعيون كثيرة تنظر إلى الداخل والمحيط القريب والخارج البعيد في الوقت نفسه. ولم يعد الأمر يقتصر على «ميزة الرؤية»، بل تجاوزها إلى «ميزة تشابك الأذرع»، مع انتقال المقاومة إلى مرحلة التفاعل العملاني مع قوى المقاومة المعنية بتحرير فلسطين، داخل الأرض المحتلة وخارجها.
في هذه النقطة، يمكن القول إنه يحق لأركان العدو الخشية من تطورات مختلفة. ويمكن الحديث أو التكهن أو البحث عن شكل جديد من أشكال مساهمة المقاومة اللبنانية في دعم مشروع المقاومة الفلسطينية لتحرير فلسطين. وهذا يمثّل نقطة تحول استراتيجي في الصراع مع إسرائيل. بالتالي، يمكن فهم حالة الذعر والاستنفار والتحدي والتهديد القائمة في كيان الاحتلال.
قبل أيام، وفي إطار أعمال مؤتمر هرتسيليا، كان عنوان البحث هذه السنة: «رؤية واستراتيجية في زمن اللايقين». في سياق المؤتمر تحدث كثيرون، لكن البارز كان ما قاله رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) اللواء أهارون حاليفا عن أن هناك «بداية فهم» لدى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بأن «من الممكن تغيير المعادلة في مقابل دولة إسرائيل»، وأن «عملية مجدو ليست حدثاً لمرة واحدة». وأضاف حاليفا بصوت مرتفع: «نصرالله قريب من خطأ يمكن أن يودي بالمنطقة إلى حرب كبرى. هو قريب من هذا الخطأ، سواء من لبنان أو سوريا»، مشيراً إلى أن تفعيل القوة في الساحة الشمالية، سواء من لبنان أو سوريا، يمكن أن يؤدي إلى تصعيد وصدام بأحجام نوعية بين إسرائيل وحزب الله ولبنان.
لم يبق كلام حاليفا غامضاً. إذ بادر رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال هرتسي هاليفي إلى القول: «حزب الله مردوع جداً عن شن حرب شاملة ضد إسرائيل. هو يعتقد أنه يفهم كيف نفكر، وهذا الاعتقاد يدفعه إلى الجرأة، وإلى أن يتحدانا لاعتقاده بأن هذا لن يؤدي إلى حرب. وأنا أرى أن هذه طريقة جيدة لخلق المفاجآت». وأوضح هاليفي «أننا ننظر إلى لبنان على أنه بلد يعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية، وهو في أزمة عميقة». وبخصوص حزب الله، فإن «تعاظمه في لبنان هو تحدّ مركزي» لإسرائيل، مشيراً إلى أن جيشه يقوم بعمليات لـ «تأخير تعاظم قوة» الحزب، ليخلص إلى التوصيات الآتية:
– ينبغي أن نهتم، طوال الوقت، بأن نحافظ على الفجوة النوعية ونوسعها بين وتيرة استعداداتنا وتحسيناتنا وبين ما يقوم به.
– علينا أن ندرس التوقيت والمبادرة التي يمكن أن تحقق ميزة لنا.
– ينبغي أن نقول إن أقدامنا على الأرض، فالمعركة في الساحة الشمالية ستكون صعبة على الجبهة الداخلية، وستكون في لبنان أكثر صعوبة بسبعة أضعاف، وعلى حزب الله أكثر من ذلك.
الإنذار بالتهديد
من دون حاجة إلى كثير من المعطيات أو التحليلات، ثمة أحداث وأحاديث جرت الأسبوع الماضي، تعكس حالة «الاستنفار» على جانبي الحدود. إسرائيل تقول علناً إنها تخشى إقدام المقاومة على عمل عسكري أو أمني في الداخل، وتحذر من أنه سيقود إلى حرب. وعندما يقول العدو إن عملاً ما سيقود إلى حرب، فهذا يعني أن العدو يقول مسبقاً إنه سيرد بقوة وقسوة على هذا العمل، وأن طبيعة الرد ستجعل حزب الله يردّ بقسوة أيضاً، ما يعني تدحرج الوضع نحو حرب واسعة.
لكن، لنعد قليلاً إلى أيام مضت فقط. ففي ختام مناورة حية للمقاومة الإسلامية، السبت الماضي، ألقى رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين خطاباً، وقرأ عبارات مكتوبة – ما يعكس أن ما يقوله ليس وليد الساعة، بل نتاج قرار وطريقة تفكير – وخاطب قيادة العدو محذراً: «إذا فكّرتم في توسيع عدوانكم للنيل من المعادلات التي صنعناها بدمائنا وقدرتنا، فسنكون جاهزين لنمطركم بصواريخنا الدقيقة وكل أسلحتنا، وستشهدون أياماً سوداء لم تروا لها مثيلاً، وعلى العدو أن يعلم جيداً أننا نقصد ما نقول».
هذا الكلام قد يبدو للبعض عادياً، لكن العدو كان أول من فكّ شيفرته، وقرأ تهديداً واضحاً بأن المقاومة في لبنان تستشعر احتمال لجوئه إلى خيارات مجنونة. وأن في قيادة العدو من يعتقد بأن ما جرى في غزة، يمكن أن يُجرّب في لبنان، وأنه في حال فكّر العدو وقرر ونفذ أي عمل أمني أو عسكري من النوع الذي يقلب المعادلات، فإن المقاومة سترد ليس بعملية عسكرية عادية، بل بشتاء من النار!
عملياً، كان العدو يعرف عن المقصود بالخطاب، ولو أن الطرفين لا يتحدثان علناً عما يجري خلف الجدران، إلا أن واقع الحال عاد العدو نفسه وشرحه، عبر تهديدات قادته العسكريين والأمنيين، ما يعني أن توازن الردع القائم منذ سنوات طويلة على طول الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة، قد انتقل إلى مستوى جديد.
ماذا يخشى العدو؟
بحسب المؤشرات، المعروفة أو المكتومة، يبدو العدو كمن اجتهد خلال السنتين الماضيتين لفك أحجية جديدة، وتجميع عناصر لوحة «البازل» الخاصة باتحاد قوى المقاومة وساحاتها. وهو لمس عملياً التطور الهائل في برامج عمل قوى محور المقاومة، داخل فلسطين وخارجها. ويدرك أن لبنان يمثل مركز الثقل في هذا المحور. وبالتالي، فإن قلقه من البرنامج النووي الإيراني لا يستدعي إثارة كل الضجيج الحالي، بل إن ما يفرض على العدو الاستنفار والتهديد والمغامرة بإثارة رعب المستوطنين قبل اللبنانيين، هو خشية من تحول نوعي في مقاربة المقاومة اللبنانية لدعم المقاومة في فلسطين.
قادة العدو يخشون وجود خطة للمقاومة لتجسيد مفهوم ربط الساحات
أمس، أوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «المؤسسة الأمنية والعسكرية تتفاخر كثيراً بإنجازات المعركة بين الحروب ضد تعاظم حزب الله، لكن فيما نحن نتبرّج بغارات قائمة على استخباراتٍ ممتازة، فإن العدو يمكن أن يستخلص خلاصات مختلفة كلياً»، وأن إيران وحزب الله «يرغبان بإنتاج معركة بين حروب، مضادة، تقوم على الإزعاج المتواصل في كل الجبهات، وكله بالفعل كما عندنا تحت سقف الحرب».
ما ورد في هذا التقرير يقارب الحقيقة، لجهة أن المعادلات التي حاول العدو خلال عشر سنوات فرضها على محور المقاومة خارج فلسطين، في طريقها إلى الزوال، وأن هامش المناورة الذي لجأ إليه العدو في توجيه ضربات إلى محور المقاومة بطريقة لا تقود إلى حرب، قد يكون سلاحاً مقابلاً من جانب المحور نفسه، مع فارق أساسي، وهو أن محور المقاومة يشير إلى مستوى من الجاهزية الكافية لمواجهة خيار الحرب المفتوحة، ولو أنه لا يريدها، في مقابل خشية العدو من جره إلى حرب مفتوحة وشاملة، قد لا يكون جاهزاً لها بصورة كافية.
المقاومون على السياج الحدودي: عقدة العدو المستمرة منذ 23 سنة
بهذا المعنى، يمكن قراءة خطابات «هرتسيليا» تجاه حزب الله، ولجهة أن العدو يعتقد بأن هناك مخاطر داهمة تكاد تخرج إلى حيز التحقق، وتهدف في ما تهدف، إلى إحداث تعديلات في المعادلة القائمة منذ ما بعد حرب عام 2006. وبناء على ذلك، ترى الاستخبارات العسكرية بأن عملية مجدو ليست حدثاً وحيداً. وهو الأمر الذي يجعل قادة العدو يعتقدون بأن عليهم توجيه رسالة ردع إلى حزب الله عبر التشديد على أن أي ضربة تتعرض لها إسرائيل انطلاقاً من سوريا أو لبنان ستؤدي إلى حرب كبرى. علماً أن كلاً من حاليفا وهاليفي يعرفان أن إسرائيل مردوعة عن شن حرب شاملة بشكل أو بآخر. ولو كان الأمر خلاف ذلك، لما تجنبت حتى الآن المبادرة إلى خيارات عسكرية. والسبب أن العدو يعرف أن مثل هذه الخيارات ستُقابل بردّ متناسب سيؤدي بدوره إلى ردّ مضاد والتدحرج إلى مواجهة كبرى.
عن المفاجآت والذكاء الاصطناعي و«الهوة النوعية»
في خطابه أمام مؤتمر هرتسيليا، تحدث رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي عما سماه «مفاجآت» يعدّها جيشه، وهو ما ألمح إليه رئيس «أمان» أهارون حاليفا، ثم أكد عليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقد بدا العدو، بذلك، معنياً بإضفاء «أجواء من الترقّب والتهديد». لكن اللافت أن يقدم على ذلك مع علمه بأن المفاجآت أمر متوقع وعادي ربطاً بطبيعة الصراع القائم وحجمه. لكن، ألا ينبغي التمييز بين المفاجآت التكتيكية والاستراتيجية؟
في هذا المجال، يظهر التناقض في الدعاية الإسرائيلية. إذ يقرّ العدو بأن حزب الله يعدّ العدة (منذ تحرير العام 2000، وما بعد 2006) لمواجهة حرب كبرى. ثم يعود ليقول إن حزب الله «فوجئ» – بالمعنى الاستراتيجي – بشن إسرائيل حرباً عليه. ولو كان الأمر كذلك، فما هو سبب عمل المقاومة في لبنان على بناء هذا القدر الهائل من القدرات التي يحاكي كل منها تهديدات محددة في البر والبحر والجو، تستهدف العمق الإسرائيلي والأهداف البعيدة المدى؟
حتى بعد المناورة الأخيرة للمقاومة، أشار معلقون في كيان الاحتلال إلى أن حزب الله لم يعرض صواريخه الدقيقة. ورغم أن العدو يعرف ويتحدث عن الصواريخ الدقيقة، إلا أنه كمن يحتاج إلى رؤيتها في وضح النهار وبأم العين. لكنه يعلم – أو يخشى – أن معرفته هذه، قد تقتصر على حيّز معين من برامج عمل المقاومة، من دون أن تكون لديه صورة شاملة. وهنا، يمكن الإشارة، بوضوح، إلى أنه لو كان العدو يملك معلومات كافية لشلّ قدرات المقاومة الاستراتيجية، لبادر منذ زمن إلى شن عمليات تحت عنوان «الحرب الاستباقية». غير أنه، بعكس ذلك، قرر خوض عملية طويلة، ومستمرة منذ عقدين، تحت عنوان «منع تعاظم قدرات حزب الله النوعية».
لكن واقع الأمر، أن هاجس العدو لم يعد يتصل بمنع وصول صاروخ أو سلاح معين إلى مخازن المقاومة، بل يتركّز على «تقليص الهوة النوعية» بين المقاومة وجيش الاحتلال، وهو أمر أشار إليه هاليفي. لكن من المفيد التذكير بأن سلفه أفيف كوخافي سبق أن قال في أول جلسة لهيئة الأركان، في شباط 2019، إن «التحدي الذي يواجهه الجيش هو الحفاظ على الهوة النوعية مع حزب الله، نتيجة تطور حزب الله في هذا المجال».
بذلك، يتضح على لسان رئيسي أركان متتاليين (هليفي وكوخافي) الإقرار بأن هناك نوعاً من سباق الجاهزية بين حزب الله الذي يسعى بدعم إيران إلى تقليص الهوة النوعية بين جيش العدو الذي يسعى إلى الحفاظ عليها ومحاولة توسيعها. مع الأخذ في الاعتبار اختلاف الظروف وحجم الفارق بين الطرفين وكون حزب الله حركة مقاومة في حين أن الجيش الإسرائيلي نظامي مسلح بأحدث الأسلحة براً وجواً وبحراً.
في هذا السياق، كان لافتاً ما كُشف عنه أمس في كيان الاحتلال عن تلقي نتنياهو إحاطة من قبل جيش الاحتلال عن كيفية استخدامه برامج الذكاء الاصطناعي في المواجهة الأخيرة مع غزة. وقالت صحافة العدو إن البرنامج الذي اطلع عليه رئيس الحكومة يظهر «كيف يمكن العثور على المطلوبين واغتيالهم باستخدام أجهزة الاستشعار، ومعالجة المعلومات عنهم بواسطته»، وعن كيفية العمل على «جمع المعلومات الاستخبارية المرئية والسمعية (التنصت) والبصمات الإلكترونية، وبين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تحلل البيانات». كما عُرضت عليه الصورة الاستخباراتية التي مكّنت من اغتيال كبار المسؤولين الثلاثة في بداية العملية الأخيرة ضد غزة. وأعلن نتنياهو أن جيشه «يحدث فجوة كبيرة بينه وبين الأعداء، ولقد رأيت اليوم المستقبل هنا بالفعل».
مناورات دفاعية وقلق الجنود من الاستعدادات
بعد التحذيرات التي أطلقها قادة الجيش والاستخبارات في مؤتمر «هرتسيليا»، الاثنين الماضي، تم التشاور مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي سارع في اليوم التالي إلى زيارة أحد مواقع شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) قرب القدس، وأعلن أنه تلقّى إحاطة بالجهود التي تبذلها الشعبة في مكافحة التهديدات الإيرانية. كما صرّح نتنياهو عقب الزيارة، وقال «إننا (في إسرائيل) دائماً ما نفاجئ أعداءنا، وسنفاجئهم». زيارة نتنياهو، وتصريحه، إضافة إلى تهديدات «هرتسيليا»، ضاعفت من اهتمام وسائل الإعلام بالمشهد، وانطلق تنافس محموم بين محلليها وخبرائها، حول من يقدّم الرواية الأكثر دراماتيكية لما يمكن أن يحدث.
لم تمضِ ساعات قليلة على زيارة نتنياهو، حتى بدأت وسائل الإعلام تتحدّث عن تلقي وزراء المجلس الوزاري الأمني المصغّر (الكابينت) إشعاراً حول اجتماع قريب سيكون موضوعه التهديدات والتطورات في الجبهة الشمالية.
وبعد سيل من المعلومات والتحليلات والتأويلات لما يمكن أن يحدث، أعلن عن قرار العدو إجراء مناورة عسكرية قبالة الحدود مع لبنان تبدأ الأحد المقبل وتستمر أسبوعين. وهي جاءت بعد نحو ثلاثة أسابيع من مناورة تخصصية أجراها جيش الاحتلال في قبرص، وتناولت محاكاة لحرب مع لبنان.
في الأيام العادية، تنفّذ قوات العدو الإسرائيلي مهاماً روتينية على الحدود مع لبنان، ويطلق عليها «مهنياً» تعبير «مهام الأمن الجاري»، وتقوم بها قوات محددة تعرف بـ«قوات الخط». وتخضع هذه القوات، كما الألوية الخاصّة، وبشكل دوري، إلى برامج تدريبية وتأهيلية سنوية، تتقرّر مسبقاً، وتتضمّن تأهيلات ومناورات مختلفة. لكن، بحسب التطورات الأمنية، تنظّم قيادة المنطقة، أو هيئة الأركان، مناورات فجائية، تكون إما لسدّ ثغرات تبيّنت لدى القيادة العسكرية خلال مهام روتينية، أو خلال تصعيد عسكري ما، أو تكون هذه المناورات للتحقّق من جاهزية القوات عند أي طارئ، أو تكون ببساطة غطاءً لرفع جاهزية القوات، واستدعاء جزء من الاحتياط باتجاه الجبهة، ونشر أسلحة وأعتدة، تمهيداً لتنفيذ عمل أمني ما، يمكن أن يكون عملية صغيرة محدودة، أو عملية موسّعة.
وفي السياق نفسه، بثت «القناة 12» تقريراً يتحدث فيه جنود احتياط من لواء المظليين الذين خدموا في الشمال، عن نقص في المعدات الشخصية للقتال، وعن مركبات الدوريات غير المحمية، ونقص الذخيرة. وشكا هؤلاء من «الغطاء الاستخباراتي التكتيكي ومستوى الخطر على القوة في مواجهة التهديد المحتمل، والذي نراه بأعيننا كل يوم، حيث يقف رجال حزب الله على السياج».
ويشير التقرير إلى أن أحد الانشغالات الرئيسية لرئيس الأركان هو اندماج الجيش والمجتمع ربطاً بالحديث عن تحضير لهجوم في إيران والتعامل مع حرب متعددة الساحات. وهو ما يجعل هاليفي يطالب بإنشاء فرقتين إضافيتين، وهي عملية إذا بدأت الآن، ستستغرق حوالي أربع سنوات. وسيتم التدرب على مشكلة توحيد الساحات في مناورة هيئة الأركان العامة الكبيرة التي سيقوم بها الجيش الإسرائيلي.