هيام القصيفي – الأخبار
أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الاتفاق بين قوى المعارضة والتيار الوطني الحر على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، وأن التيار أبلغ قوى المعارضة التزامه بهذا الترشيح. لكنه لفت إلى أن المفاوضات «لا تزال مستمرة للبحث في استراتيجية ما بعد الاتفاق». وأكّد جعجع أن أزعور سيحوز أكثر من 65 صوتاً مع أصوات التيار الوطني الحر، مستبعداً تبعاً لذلك أن يدعو الرئيس نبيه بري إلى جلسة انتخاب، «لأن مرشح محور الممانعة لن يحصل على أكثر من 55 صوتاً». كما استبعد أن يلجأ نواب الحزب التقدمي الاشتراكي إلى الورقة البيضاء لأن رئيس الحزب وليد جنبلاط «هو من سمّاه». ورفض جعجع تصنيف أزعور مرشحاً للقوات أو مرشح تحدٍّ، بل «هو مرشح حيادي، وكان للقوات مرشحون، لكننا وافقنا عليه من باب تحمّل المسؤولية». وأكّد رئيس القوات الذي التقى أزعور أن الأخير «ماضٍ في ترشيحه… وهو ليس ضد أحد، بل مرشح الإصلاح». وفي ما يأتي نص الحوار:
هل يمكن القول إن المفاوضات انتهت وإن المعارضة حسمت موقفها بالاتفاق على اسم جهاد أزعور؟
نعم، حُسم التفاهم وتم الاتفاق بين المعارضة والتيار الوطني الحر والنائب جبران باسيل على اسم جهاد أزعور.
كنتم تنتظرون موقفاً علنياً من النائب باسيل. هل اكتفيتم بما قاله في مقابلته مع «القبس» الكويتية بإعلانه الموافقة على أزعور؟
من جهة أولى وصلنا من باسيل إبلاغه إلى القوى المشاركة في الاتصالات بموافقته على أزعور، ثم جاء إعلانه في المقابلة. لكن القضية لا تتوقف هنا، والمفاوضات تتطور إلى الأمام.
كيف توصلتم إلى اسم أزعور؟
بدأت الأصوات ترتفع بأن أزعور مرشح القوات. ليكن واضحاً أن أزعور ليس مرشحنا بالمعنى الحصري للكلمة. مرشحنا كان النائب ميشال معوض، كما كنا قد طرحنا اسمي قائد الجيش جوزيف عون والنائب السابق صلاح حنين. وحين سُئلنا عن أزعور أكثر مرة، كنا نجيب بأنه ممتاز ولديه مواصفات جيدة، لكن لدينا مرشحنا. اليوم تبنينا اسم أزعور من باب تحمّلنا للمسؤولية بعدما وصلت الأمور في الملف الرئاسي إلى هذا الجمود. وهو مرشح توافقي حيادي، وليس مرشح تحدٍّ.
اسم أزعور كان في لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي وبكركي. لماذا الكلام اليوم عن نية الاشتراكي التصويت بورقة بيضاء في حال كان أزعور مرشح تحد في وجه حزب الله؟
لست في جو الأوراق البيض للاشتراكي. ثانياً، حين طرح جنبلاط أزعور كان ذلك من ضمن لائحة توافقية، كما كان اسمه موجوداً في لائحة بكركي ولدى بعض التغييريين والمستقلين، ومن هذا المنطلق تم الاتفاق عليه. أزعور ليس مرشح مواجهة مع حزب الله.
تعني أن جنبلاط سيلتزم بالتصويت له؟
كلمة التزام كبيرة. ولكن، بما أن جنبلاط كان أول من طرح اسمه كمرشح توافقي من بين ثلاثة أسماء، لذا من الطبيعي والمنطقي أن يصوّت له. ومن جو الاتصالات مع الاشتراكي يُفترض التصويت له.
ما هي استراتيجيتكم بعد الاتفاق على أزعور؟ هل تعتقدون بأن رئيس المجلس النيابي سيدعو إلى جلسة انتخاب، في وقت يؤكد أنه لن يفعل إذا لم يكن هناك اسم واضح؟
الرئيس نبيه بري لن يدعو إلى جلسة انتخاب، سواء كان هناك اسم واضح أو لم يكن. سيدعو إلى جلسة في حالة واحدة فقط، عندما يتأمن 65 صوتاً لمرشح محور الممانعة سليمان فرنجية. عدا ذلك، سنقضي 300 سنة من دون جلسة انتخاب. الجميع أصبح مطّلعاً على المفاوضات وعلى الاتفاق مع التيار على اسم أزعور. وليست «شغلة» رئيس المجلس أن يعلّب الانتخابات بل أن يدعو إليها. اليوم هناك مرشحان، وأساساً كان هناك مرشحان هما النائب ميشال معوض وفرنجية، وعليه لا مبرر للامتناع عن الدعوة إلى جلسة يجب أن يدعو إليها اليوم قبل الغد.
هناك كلام عن بوانتاج بين 58 و59 صوتاً لأزعور. هل أنتم واثقون بأن باسيل قادر على إلزام كل نواب التكتل بالتصويت له؟
البوانتاج الذي أجريناه، إذا بقي التيار على موقفه مع المعارضة، يعطي أزعور أكثر من 65 صوتاً. ولن أدخل في تفاصيل انتخابية ومن هم النواب الذين سيؤيدونه، بل نتحدث عنها لاحقاً، ووفق هذا البوانتاج لن يدعو الرئيس بري إلى جلسة.
الراعي أصبح قادراً على أن يقول لماكرون إن المسيحيين موحدون ولا تستطيع باريس أن تواصل ما تقوم به
هل لديك ثقة كاملة باتفاق التيار مع المعارضة؟
أنا آخر من يُسأل عن الثقة بالتيار.
السؤال تبعاً لخبرتك مع التيار في اتفاق معراب؟
انطلاقاً من ذلك تحديداً، أُبقي علامات استفهام حتى اللحظة الأخيرة. لكن، حتى اليوم، «ماشي الحال»، والتيار ملتزم الاتفاق على اسم أزعور. نعمل وفق معطيات اليوم وليس الغد.
ألا يؤثر حمل البطريرك الراعي لائحة من عدة أسماء إلى الإليزيه على الاتفاق على اسم أزعور وحده؟
لا علم لي بأن البطريرك الراعي حمل مجموعة أسماء. تحدثت بصراحة مع أوسا2ط بكركي بأن البطريرك أصبح قادراً اليوم على أن يقول للرئيس الفرنسي: تبنّيتم فرنجية لأن المسيحيين لم يكونوا موحدين حول اسم واحد. اليوم أصبحوا موحدين حول أزعور، وبالتالي لا تستطيع باريس أن تكمل ما تقوم به.
انتقدت صراحة الدور الفرنسي في ترشيح فرنجية. هل انكسرت الجرّة مع الإدارة الفرنسية، وهل صحيح أنك رفضت تلبية دعوة تلقيتها من فرنسا لزيارتها؟
القصة ليست في تلبية دعوة أو رفضها، ومهما حصل مع باريس لن تنكسر الجرّة معها. لكن إدارة الرئيس ماكرون تبنّت ترشيح فرنجية بحماسة غير مفهومة، وخسرت فرنسا دورها الوسطي مع كافة والأطراف وقدرتها على التحدّث إلى الجميع. للأسف الشديد، لا نعرف لماذا اتخذت فرنسا خياراً واضحاً إلى جانب حزب الله وحركة أمل، وكأن لا وجود لأحزاب أخرى. هذا ليس مقبولاً.
ألم تغير باريس موقفها؟
حتى اليومين الماضيين لم تكن قد غيّرت رأيها. لكن بعد زيارة الراعي وتفاهم المعارضة مع التيار يفترض أن يؤدي إلى ذلك. لننتظر.
بعد القمة العربية عاد الكلام عن «سين سين» جديدة، وعن تغير في الموقف السعودي، وأُعطيت جولة السفير وليد البخاري تفسيرات مختلفة. هل هناك ضغط سعودي عليكم لتأمين النصاب؟
أبداً، أبداً، لم تكن العلاقة بيننا وبين المملكة على هذا النحو في أي وقت. أريد أن أسأل سؤالاً في المقابل: عاد السفير البخاري قبل ثلاثة أسابيع وقام بجولته وتحدث فيها، فماذا تغير حتى الآن؟ لا شيء. وتالياً، المملكة ليست مع طرف ضد آخر، وتترك للأفرقاء اللبنانيين التصرف. وفي رأيي هذا أمر جيد، لأن المعارضة لفرنجية، أو بالأحرى مرشح الممانعة، أصبحت داخلية، وليس هناك تدخل خارجي ضده. أما بالنسبة إلى الـ«سين سين»، فلست خائفاً لسبب وحيد هو أن لا تشابه بين المرحلتين. في المرة السابقة كان هناك السعودية وسوريا. اليوم لا توجد سوريا. توجد فقط السعودية. بشار الأسد ليس هو الحاكم في سوريا لتكون هناك «سين سين».
الحديث عن عقوبات وضغوط لفرض تأمين النصاب، هل كنتم، والمسيحيين عموماً، مقصودين به؟
كل الجلسات التي دعا إليها بري كنا أول من دخلها وآخر من خرج منها. لم نفكر يوماً بأننا المقصودون لأننا لم نتخطّ أي بند دستوري.
لكنكم لوّحتم بعدم المشاركة في حال تأمّن لفرنجية 65 صوتاً؟
الأمر الواقع الحالي بعد الاتفاق على أزعور أعفاناً من هذا الخيار. أساساً، كان واضحاً أن مرشح الممانعة لم يكن ليحصل لا على 65 صوتاً ولا 55 صوتاً، وإلا لكان بري دعا إلى الجلسة.
جنبلاط كان أول من طرح اسم أزعور كمرشح توافقي وأستبعد أن يلجأ نوابه إلى الأوراق البيض
لم يعلن أزعور ترشيحه وصار لدينا مرشحان لم يعلنا ترشيحهما. أنت التقيته. هل تعتقد أنه مستمر في ترشيحه وفقاً لعمله في صندوق النقد؟
حين انتخب ميشال عون رئيساً لم يكن أعلن ترشيحه. لم يكن الترشيح أمراً أساسياً وضرورياً في أي استحقاق رئاسي. قد يحصل وقد لا يحصل. أزعور مستمر في ترشيحه ولا يعتبر نفسه في مواجهة مع أحد، وهو ليس مرشحاً ضد أحد، بل مرشح خطة الإصلاح، ومستمر في ترشيحه.
بما أن الرئيس بري لن يدعو إلى جلسة، بدأ الكلام عن تسوية خارجية. معارضو أزعور في التيار يعتبرون أن القوات تسير في تسوية خارجية تأتي بقائد الجيش العماد جوزيف عون؟
في ما يتعلق بتأييدنا لقائد الجيش، نحن لم نخف قبولنا به إذا طرح كمرشح تسوية وهذا ليس جديداً. وبما أن بري لن يدعو إلى جلسة، فلن نبقى نتفرج كما حصل مع ميشال معوض. هذه المرة لن نقبل بأن تبقى الأمور على ما هي عليه.
ما هي استراتيجيتكم إذا؟
هذا يحتاج إلى بلورة مع التيار لوضع الخطوط العريضة. موقفنا كقوات أن نستمر برفع الصوت والضغط جميعاً لمطالبة بري بالدعوة إلى جلسة. وكل كلام آخر غير مقبول.
في الأشهر الستة الأولى من الفراغ كنتم مع مرشح، واليوم أنتم مع مرشح آخر. هل تتخوف من استمرار الشغور، وفقاً لذلك، إلى ما بعد انتهاء ولاية قائد الجيش؟
للأسف قد تطول مرحلة الشغور لأن فريق الممانعة لن يقبل عقد جلسة إلا إذا ضمن فوز مرشحه، وليس هناك من سبيل مطلقاً لأن يضمن ذلك. بحسب ما يتصرف محور الممانعة يبدو أننا سائرون إلى شغور طويل. أما إذا عاد المحور إلى صوابه ورشده، ورأى الأمور على حقيقتها، فقد ننتقل إلى مرحلة جديدة. لكن المعطيات الحالية لا توحي بذلك.
لمن يعود الفضل في التوصل إلى التوافق على أزعور؟
لسليمان فرنجية. كل أعضاء المعارضة والتيار لم يكونوا ليتوافقوا لو تُركوا وحدهم. محور الممانعة ذهب بعيداً هذه المرة ووحّد من لم يكن ممكناً توحيدهم، واستعان بفرنسا التي استعانت بالسعودية، لكنه لم يمر ولن يمر، ولا يزالون مصرين عليه.
هل حسم جميع التغييريين موقفهم؟
هم آتون من مشارب مختلفة، بين بعضهم ومعنا، لذلك من الطبيعي أن يكون هناك أخذ وردّ. التقدم بنسبة 30 إلى 40 في المئة، والباقي ليس سلبياً.
ما هو موقف القوى السنية في غياب موقف موحد. أين هم من التسوية؟
القوى السنية لها عدة مواقع. مثلاً، النائبان أسامة سعد وعبد الرحمن البزري لهما موقعهما، نواب الشمال كذلك، نبيل بدر وعماد الحوت يحاولان أن يتوحدا مع سنة الشمال. أشرف ريفي وفؤاد مخزومي هما أبرز شخصيتين سنيتين حالياً لهما موقعهما. هناك تعددية. توجههم معروف وخطواتهم العملية يفضلون أن تكون متأنية وفي ضوء تفاهم كبير وليس خيار طرف، رغم تلاقيهم مع المبادئ العامة.
إلى أي حد كان للرئيس فؤاد السنيورة دور في تقريب وجهات النظر خصوصاً معكم؟
الرئيس السنيورة على صداقة قوية مع أزعور، وهو تحدث عنه مع كل من يعرفهم، لكنه لم يخض معركته عن سابق تصور وتصميم.
الممانعة والتيار غير متفقين على اسم الحاكم الجديد
كنت دعيت الحكومة إلى تعيين حاكم مصرف لبنان ورد الثنائي برفض التعيين، هل تتحدثون مع التيار؟
لم نتحدث مع التيار إلا في الانتخابات الرئاسية حصراً. نحتاج إلى خمسين سنة لنرمم الثقة معه، لا سيما أن التجربة أثبتت اختلاف مقاربتينا لطريقة إدارة الوضع العام. أما في موضوع المركزي، فنادراً ما يكون الثنائي الشيعي على حق. وهو على حق بأن الحكومة لا تستطيع في المبدأ أن تقوم بتعيينات. لكن الوضعية النقدية والمالية والاجتماعية طارئة ومستعجلة، لذا افترضنا أن الضرورات تبيح المحظورات. لسنا موجودين في الحكومة، ولكن لخطورة الوضع، اعتبرنا أن من الممكن اللجوء إلى مقاربة استثنائية لتأمين حاجات الناس. إلا أنه تبين لنا أن هذه المقاربة غير ممكنة في ظل حكومة غائبة عن الوعي تماماً. محور الممانعة والتيار سواء في الحكومة ولا يهمهما الوضع النقدي أو ما يحصل مع المواطنين، وهما غير متفقين على أحد، والحمدلله أنهما غير متفقين، لأنهما يفكران بأسماء غير كفوءة، وليس في الأسماء صاحبة الكفاءات التي طرحت كسمير عساف وجهاد أزعور وكميل أبو سليمان. علماً أن محور الممانعة مختلف مع باسيل حول الاسم المقترح.