“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
بصرف النظر عن الوقائع المتلاحقة التي تُسجّل على خطّ الإستعدادات الجارية من أجل تحديد موعد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في الأيام المقبلة، تكشف أوساط نيابية مطلعة، عن دلالات بارزة بدأت تتراكم في الأفق الداخلي، ولا تتعلق فقط بالملف الرئاسي، بل بجملة عناوين سياسية ومالية واقتصادية، ما يوحي بأن الضوء الأخضر قد بات متوفراً من أجل وضع قطار الحل على السكة الصحيحة، وكأن ساعة التسوية قد حانت أخيراً.
وبالتالي، فإن فترة السماح التي كانت قد أُعطيت للقوى المحلية من أجل إنجاز جدول الأعمال الداخلي، وعلى رأسه بالطبع الإستحقاق الرئاسي، من خلال وضع حدٍ للشغور الرئاسي الذي انسحب على قطاعات عدة، وبات يُنذر بتمدّد الشلل على عدة مستويات بسبب غياب الآليات الدستورية والقانونية من أجل إدارة الواقع الداخلي بكل تفاصيله.
وبينما تعتقد هذه الأوساط، أن ما يُنسب إلى بعض المرجعيات السياسية وحتى الروحية حول الزيارات الرسمية التي باتت باريس مركزها، لا يتناغم مع المشهد الحقيقي لجهة المبادرة الفرنسية في مقاربة الملف اللبناني عموماً، وليس فقط الملف الرئاسي، فهي تكشف عن معلومات متداولة، تفيد بأن المبادرة الفرنسية، ثابتة ولم تشهد أي تبدلات بالنسبة للملف الرئاسي على وجه التحديد، باستثناء أن توجهاً قد طرأ وقد فرض نفسه على المشهد برمّته، ويتمثل بتسريع آليات التشاور محلياً وخارجياً، وبالتالي، فإن موعد إنجاز الإستحقاق الرئاسي قد بات محدّداً بأواخر حزيران المقبل كحدّ أقصى.
ولذا، فإنه من المفيد التذكير، كما تُضيف الأوساط النيابية، بكل المحاولات التي تُبذل من أجل الدفع بمرشّحٍ جديد إلى لائحة الخيارات الرئاسية المطروحة فرنسياً، والسعي إلى إرساء معادلة جديدة، مع العلم أن شكوكاً عدة لا تزال تكتنف هذا المسعى، وذلك، بعدما بات معروفاً أن عواصم القرار العربي والغربي أبلغت الأطراف السياسية الداخلية بأن العقوبات ستلاحق أي طرف يعطِّل الإستحقاق الرئاسي، وبالتالي، فإن تسارع وتيرة الحركة الداخلية، قد يكون أتى على خلفية تفادي تحمّل أي مسؤولية عن استمرار الشلل في مختلف القطاعات الإقتصادية والمالية والإجتماعية.
في المقابل، لم تلحظ الأوساط النيابية نفسها، أي التزام نهائي من قبل كل الكتل النيابية بخيار رئاسي واضح، وذلك بمعزلٍ عن التسريبات الأخيرة والتي تشير إلى حصول تقدّم بين قوى المعارضة، وعن اقتراب الإتفاق على مرشّح واحد، خصوصاً وأن تباينات واضحة قد سُجّلت على هامش هذه التسريبات، وذلك من قبل أطراف فاعلة محسوبة على المعارضة ترفض بشكلٍ صريح تكرار تجربة جلسات الإنتخاب السابقة.
وانطلاقاً ممّا تقدم، فإن الأوساط، تشدِّد على أن المهلة الزمنية الخارجية قد شارفت على الإنتهاء، وقد وصلت كل الأطراف إلى مرحلة درس حسابات الربح والخسارة قبل إصدار القرار النهائي، في إطار استعراض تداعياته سلبية كانت أم إيجابية، وبالتالي، تحمّل المسؤولية أمام الداخل والخارج.