“ليبانون ديبايت”
ينام المواطن على همٍ ويستيقظ على همٍ آخر، ولكن هذه المرة يقتصر الهمّ على الموظفين في القطاع العام والأجهزة الأمنية والأساتذة والمتعاقدين والمتقاعدين وغيرهم من العاملين في الإدارات والمؤسسات الرسمية، الذين وعدتهم حكومة تصريف الأعمال بزيادة على رواتبهم تبلغ 7 أضعاف للموظفين و6 أضعاف للعسكريين، وذلك من دون توفير الإيرادات والإتكال على الرسوم والضرائب في كل القطاعات التي تجنيها الخزينة العامة بعد زيادتها أخيراً وذلك من دون إغفال رفع الدولار الجمركي.
إلاّ أن الوعد الحكومي اصطدم سريعاً بنفاذ الأموال أو فقدان السيولة وعدم توافر الإعتمادات وذلك باعتراف وزارة المالية، ما يجدد الحاجة بالتالي إلى العودة إلى طباعة الليرة مع ما يحمله هذا الإجراء من تداعيات لجهة زيادة نسبة التضخم وبالتالي عودة الدولار إلى الإرتفاع في السوق السوداء.
ويقود هذا الواقع إلى السؤال عن مصدر الأموال خصوصاً وأن الحكومة تقترض من مصرف لبنان لدفع الأجور. عن هذا السؤال يجيب الباحث والخبير الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة، والذي يعرض أكثر من آلية من أجل الوصول إلى حزيران، مع تأمين الأموال وذلك من خارج المصرف المركزي، خلافاً لما درجت عليه الحكومات المتعاقبة منذ الإنهيار المالي في العام 2019.
ويقول الدكتور عجاقة لـ”ليبانون ديبايت”، إن الحكومة باتت أمام أكثر من خيار ولكن من دون أن يكون أيٌ منها ملائماً أو على الأقل يتفادى المساس بالإحتياطي الإلزامي و أموال المودعين ، أو الإستعانة بحقوق السحب الخاصة من أجل دفع الأجور للموظفين في القطاع العام.
وبالتالي، فإن هذا الواقع لا يعني وفي الحالتين توافر الحل بحسب الدكتور عجاقة، الذي يتحدث عن مداخيل بالمليارات باتت تحصل عليها الخزينة العامة، جراء زيادة الرسوم في قطاعات الإتصالات والكهرباء والمياه وغيرها من الضرائب والضريبة على القيمة المضافة، والتي تتجاوز أرقامها المئة مليون دولار أو مليارات الليرات شهرياً، ولكن من دون الإعلان عنها أو احتسابها.
ولا يخفي عجاقة، أن زيادة الأجور قد وضعت الحكومة أمام تحدٍ خطير، ذلك أن اللجوء إلى دفعها بالليرة اللبنانية، يعني تلقائياً طبع وارتفاع السيولة بالليرة اللبنانية، وبالتالي ارتفاع سعر صرف الدولار، كما أن دفع الأجور بالدولار الأميركي مع قلّة ما يملك المصرف المركزي سيؤدي إلى نفاد هذه الدولارات، وتالياً فتح الباب أمام احتمالات وسيناريوهات مالية بالغة الدقة وغير إيجابية.