أشارت صحيفة “الجمهوريّة”، إلى أنّ “الحمولة الزائدة من النكد السياسي التي تُثقل الملف الرئاسي، شَلّته الى حدّ انّه بات عاجزاً عن التقدّم ولو خطوة واحدة الى الامام، فلا قوة دفع محلية وَفّرت له “عكازاً” يستند إليه ويعينه على المشي، ولا قوة الدفع الخارجية استطاعت ان تؤمّن له كرسياً متحركاً يكرُج فيه نحو انتخاب رئيس للجمهورية. والنتيجة الطبيعية لهذا الواقع المشلول، هي انّ طريق الانتخاب سينبت عليها العشب”.
وأوضحت أنّ “هذا هو واقع الحال الرئاسي، وكل آفاق تَبدّله مقفلة، وليس ما يبشّر بأنها قد تنفرج في المدى المنظور، بل على العكس إنّ المكوّنات المتصارعة على الحلبة الرئاسية تَتشارَك وتتضامن وتتكافل في قطع كل المسالك والمعابر التي تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفي شق الطريق امام البلد بصورة عامة، المؤدية الى مزيد من التوترات والانشقاق والكوارث”.
وركّزت مصادر سياسية عاملة على الخطّ الرئاسي، لـ”الجمهوريّة”، على أنّ أقصى المُراد من اللعبة الدائرة حاليّاً على الحلبة الرئاسيّة، التي تَتنادَى فيها المعارضات والتناقضات لِدعمٍ، لم يحسم بعد بصورته النهائية، لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، في مواجهة ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، “ليس انتخاب رئيس للجمهورية، بل إقصاء فرنجية واسقاط ترشيحه، وهو ما لا تخفيه المعارضات”.
بدورها، لفتت مصادر مسؤولة، في حديث إلى “الجمهورية”، إلى أنّ “قبل الحديث عمّا تريده جهات هذه اللعبة -وهو أمر معلوم ولم يكن خافياً من الاساس، ومعلوم ايضاً انها لا تملك قدرة الحسم وتوجيه المسار وفق مشيئتها- ينبغي السؤال عَمّن أوحى بإطلاق هذه اللعبة، التي لن تؤدي بالتأكيد الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ وأي هدف يُراد تحقيقه منها في هذا التوقيت بالذات؟ وأيّ إرادة فرضَت على تناقضات، لا نقول مُخاصِمَة لبعضها البعض بل مُعادِية لبعضها البعض، الانخراط في هذه اللعبة ورَصفتها على خط المواجهة؟ واستكمالاً لذلك أيّ غرفة سوداء، أكانت من الداخل او من الخارج او من الداخل والخارج معاً، “كَبسَت زرّ” إطلاق حملة تبدو منظّمة على رئيس مجلس النواب نبيه بري واتهامه بإقفال المجلس النيابي، وماذا تتوخى منها؟”.
ورأت أنّها “لعبة تبدو انها في الوقت الضائع، ولكن بلا أفق”، معبّرةً عن حذر شديد منها، ومؤكّدةً أنّه “لا يجب الاستهانة بما قد يترتّب عليها من تداعيات”. ولا تنفي خشيتها من ان “تكون هذه اللعبة معطوفة على ما يبدو انّه تراجُع في حركة الجهود والمساعي الخارجية، وخُفوتٌ في المناخات التفاؤلية التي أُشيعت في الاسابيع الاخيرة عن قرب انفراج رئاسي في لبنان”.
وشدّدت المصادر المسؤولة على “أننا في الحراكات الدبلوماسية الأخيرة، سمعنا كلاما صريحا ومباشِرا وايجابيا جدا في مُجمَله، أوحى وكأنّ انتخاب رئيس الجمهورية حاصِل في غضون ايام قليلة لا تتجاوز نهاية حزيران الماضي. وفجأة سكت هذا الكلام، وتوقفت الحراكات، ولم نلمس أي ترجمة لما قيل لنا؛ ونخشى ان نكون قد عدنا الى المربّع الاول”.
الايجابيات ما زالت موجودة
ذكرت مصادر دبلوماسية عربية، عبر “الجمهورية”، أنّ “المشهد العربي والاقليمي انتقل الى مرحلة جديدة، نقيضَة لِما كان سائدا من توترات على اكثر من صعيد، ولا شك انّ الملفات كثيرة والنقاش حولها مستمر، وثمة تعقيدات تراكمت منذ سنوات طويلة، تتطلّب جهداً لبَتّها”، مبيّنةً أنّ “المشهد ايجابي بصورة عامة، وبالطبع له تأثيراته على مجمل المنطقة ولبنان جزء من هذه المنطقة، ويمكن للبنان أن يستفيد من هذه المناخات والايجابيات ويلاقيها بحسم التوافق الداخلي على رئيس الجمهورية، وهو ما اكدت عليه القمة العربية في جدة”.
في سياق متّصل، أفادت “الجمهوريّة” بأنّ “الاجواء الواردة من باريس، تعكس مستوى عالياً من الإمتعاض لدى المستويات الرسمية الفرنسية”. وأشارت مصادر دبلوماسية موثوقة، لـ”الجمهورية”، إلى أنّ “باريس انتظرَت تجاوباً من القادة السياسيين في لبنان مع جهودها لإنهاء أزمته الرئاسية، لكنها تشعر بالاحباط مِن مَنحى التعقيد القائم، وعدم تفاعل السياسيين مع مصلحة لبنان، ومع حاجته التي باتت اكثر من ملحّة للخروج ممّا هو فيه من مصاعب على كل المستويات”.
وأكّدت أنّ “موقف الإيليزيه من الملف اللبناني ثابت عند الحسم السريع لملف الرئاسة في لبنان، وفق المسار الذي تقاطعت حوله مع اصدقائها الدوليين، وهو ما تمّ تأكيده للقادة والشخصيات والسياسيين الذين زاروا العاصمة الفرنسية في الاسابيع الاخيرة، وآخرهم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي”.
وأضافت المصادر: “لبنان كما تراه فرنسا، امام لحظة تاريخية لانتخاب رئيس على وجه السرعة، والّا فإن الوضع القائم حالياً سينحدر بصورة دراماتيكية الى واقع أكثر صعوبة ومأساوية على كامل مكونات الشعب اللبنانيين، والمسيحيين منهم على وجه الخصوص، الذين يشكّل لبنان نقطة الوجود الوحيدة المتبقية لهم في الشرق”.
ونَسبت المصادر إلى مسؤول رفيع في الخارجية الفرنسية، قوله بصوت منفعل امام بعض زواره اللبنانيين: “باريس حريصة على لبنان، وتريد ان ينعم بالأمان والاستقرار، وهي انطلاقاً ممّا يربطها من علاقات وثيقة وتاريخية مع هذا البلد تبذل أقصى جهدها لحل ازمته، فماذا تنتظرون؟ في بداية الازمة صَرخ وزير الخارجية الفرنسيّة السابق جان ايف لودريان لنجدتكم، وقال: ساعدوا أنفسكم قبل ان ينهار بلدكم، ومع الأسف ما زلنا نرى عكس ذلك في لبنان”.
كما ركّزت المصادر الدبلوماسية على أنّ “باريس وسائر اصدقائها الدوليين على ثقة انّ في إمكان اللبنانيين حسم الملف الرئاسي على وجه السرعة، لكنّ استمرار الحال على ما هو عليه من افتعال تعقيدات تُعطّل المسار الرئاسي يضع لبنان امام احتمالات سيئة، ليس أقلّها تحوّل لبنان الى نقطة مجهرية في أجندات الدول وأولوياتها”.
المعارضات والحسم
لفتت مصادر في المعارضة لـ”الجمهورية”، إلى أنّ “إعلان المعارضات دعم ازعور، يُزيل من الطريق أيّ عذر لاستمرار إقفال المجلس النيابي، ويوجِب بالتالي مبادرة رئيس المجلس الى تحديد جلسة انتخابية على وجه السرعة”.
من جهتها، اعتبرت مصادر مقابلة انّ “رئيس المجلس كان واضحا في موقفه حينما ربطَ دعوته الى جلسة انتخابية بوجود مرشّحين جديين، وليس بمرشّحين للمناورة، وفي اي حال الصلاحية في يد رئيس المجلس، وهو يقرر ما يراه مناسباً في هذا الاطار”.
فيما نوّهت مصادر نيابية، عبر “الجمهورية”، إلى أنّه “لنفرض انّ المعارضات اتفقت على ازعور، معنى ذلك انّ نصاب الانعقاد قد تأمّن، وبالتالي اذا ما دُعي الى الجلسة فإنها ستُعقد بنصاب كامل، ومحسوم في دورة الانتخاب الاولى انّ أيّاً من المرشحين لن ينال اكثرية الثلثين التي تحمله الى القصر الجمهوري، ما يوجِب الانتقال الى دورة انتخاب ثانية التي يحدد فيها الدستور نسبة الفوز بالاكثرية المطلقة (65 صوتاً)”.
وشدّدت على أن “الدورة الثانية ليس مضمون لها ان تحصل، لأنها محكومة بنصاب في مواجهة نصاب. ذلك انّ كل فريق، سواء الداعمين لفرنجية او الداعمين لازعور، يَحتكِم على الثلث المعطل للجلسة. فإذا ما وَجدَ داعمو فرنجية أنّ الكَفّة ستميل لصالح ازعور، فإنهم لن يترددوا في فرط نصاب الجلسة، وكذلك الامر بالنسبة الى داعمي ازعور، حيث انهم اذا ما وجدوا انّ الكفة ستميل لصالح فرنجية فإنهم لن يترددوا في فرط النصاب، وقد أعلنوا ذلك صراحة”. ورأت أنّ “عملياً، ما هو منتظر في هذه الاجواء ليس جلسة انتخاب رئيس بل جلسة يُسَجّل فيها الفشل الثاني عشر، وهو الامر الذي يفتح بالتأكيد على غليان سياسي لا يعرف مداه، في انتظار مفاجآت او صدمات تفرض الانتخاب”.
لا جلسة انتخاب في ظلّ مرشحيّ تحدٍّ
ذكرت صحيفة “الأخبار”، أنّ “انتخاب الرئيس دخل في المأزق الأسوأ والأكثر انغلاقاً. حدة المواجهة بين ثنائييْن شيعي ومسيحي واستعارها على نحو غير مسبوق، أحالها أكثر من منافسة. كلا الجانبين يدخل المواجهة هذه على أنها أبعد من انتخاب رئيس وأهم منه. تدور من حول مَن يهزم الآخر ويكسر رأسه”، مبيّنةً أنّ “المقلق فيها أنها تتخذ بُعداً طائفياً خطيراً، يراد أن ينتهي بغلبة فريق على آخر، بعدما تيقنا من أن امتلاك كل منهما فيتو التعطيل وإعطاب نصاب الدورة الثانية لجلسة الانتخاب، سيجعل من المستبعد الوصول إليها سلفاً”.
وأوضحت أنّ “ما بات عليه مسار الاستحقاق هو الآتي:
1- لا أحد في وارد التغيّب عن جلسة الانتخاب متى صار إلى الدعوة إليها. ما يفيض عن الثلثين سيحضر، ومن ثمّ الدورة الأولى من الاقتراع تنتهي بعدم تمكن أي من المرشحَين المعلنيَن الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور من الحصول على 86 صوتاً على الأقل. بعدذاك، لا أحد يسعه التكهن بالخطوة التالية الموجبة وهي الدورة الثانية، المقرِّرة فوز أحدهما.
2- مع أن رئيس البرلمان نبيه برّي ربط تحديد موعد الجلسة الثانية عشرة بوجود “مرشحيْن جدييْن أو اكثر”، بيد أن الوصول إليهما لن يكون كافياً لتحديد الموعد. المؤكد حتى إشعار آخر أن لا جلسة انتخاب للرئيس بين مرشحيْن اثنين يُنظر إلى فوز أحدهما على أنه أكثر من هزيمة المرشح الآخر، بل هزيمة طائفة الفريق الذي يدعمه.
3 ـ في ظل اصطفافين يوحيان بالتراص يعبّر عنه الثنائيان المتيقنان من تماسكهما، يتحول النواب من خارجهما إلى الأغلى ثمناً في الاستحقاق، وهم كتلة وليد جنبلاط والنواب التغييريون وبعض المستقلين. كلا الثنائيين تصوَّر جنبلاط إلى جانبه لترجيح الكفة أو على الأقل لتسهيل الوصول إلى الفوز. أما ما لم يدخل بعد في تصوّرهما -كعامل إضافي لتعذّر انتخاب الرئيس- فهو سوء فهم موقف الزعيم الدرزي. عندما قال بتأييد مرشح تسوية، استبعد في آن فرنجية والمرشح السابق النائب ميشال معوض. وعندما أعاد أخيراً تأكيد الموقف نفسه ولوَّح بالورقة البيضاء، أصر على مرشح التسوية مع أنه كان سبّاقاً إلى طرح أزعور.
4- ما هو معلوم أن الائتلاف المسيحي المستجد، بين حزبَي “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”التيار الوطني الحر” وحلفائهم على أزعور، ليس إلا تعبيراً عن رفض قاطع لوصول فرنجية، بما يمثّل سياسياً وشخصياً، إلى الرئاسة؛ تكراراً لما حدث عام 2015. في المقابل ينظر الثنائي الشيعي وخصوصاً “حزب الله” إلى ترشيحه، على أنه استدراك لما لم يكن يتوقعه.
5 ـ يكتسب ترشيح أزعور جديته من أسباب دارت من حول إيحاءات شتى أبرزها سعودي، كافية كي يدخل في منافسة مع فرنجية، ويستقطب من حوله كتلاً مسيحية نفرت من ورود اسمه قبل أشهر ثم استعجلته. بين الأسباب تلك أن السفير السعودي وليد البخاري فاتح رئيس “القوّات” سمير جعجع به في وقت مبكر، قبل أن يشاع اسمه أخيراً. ما يروى أن البخاري أظهر حماسة لخوض الفريق المسيحي وخصوصاً حزب “القوات اللبنانية” في ترشيح أزعور، الذي عرفته السعودية قبلاً وتعاونت معه في خلال عمله في صندوق النقد الدولي، مشيداً بعلاقاته الدولية المفيدة. رُوي أيضاً ما أسرّ به أزعور إلى رئيس البرلمان قبل أيام أنه يحظى بتأييد الرياض لانتخابه”.
بري ينتظر اتصالات الراعي قبل قرار تحديد جلسة الانتخابات
أفادت “الأخبار” بأنّه “مع توقع الإعلان الرسمي لقوى المعارضة مع التيار الوطني الحر، ترشيح جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، ينتقل الملف الرئاسي إلى مرحلة جديدة من المواجهة، ساحتها المرتقبة من قبل الفريق نفسه هي مجلس النواب”.
وكشفت أنّ “المعلومات المتوافرة تشير إلى أن نبيه بري لن يدعو المجلس إلى الانعقاد سريعاً. إذ تبين أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كان قد أبلغ الفرنسيين أنه سيقوم بجولة جديدة من الاتصالات مع الأفرقاء المسلمين، لإقناعهم بالسير بالتوافق انطلاقاً من وجود مرشحين، لأنه ليس قادراً على مباركة مرشح من دون الآخر، طالما يحظى الاثنان بدعم قوى كبيرة في البرلمان. كما أنه غير قادر على الضغط على أي منهما للانسحاب، وأن كل ما يمكنه القيام به هو تكثيف الحوار بين القوى كافة، علها تصل إلى تفاهم على اسم لا يعتبر فوزه تحدياً لفئة أو طائفة”.
وأشارت إلى أنّه “إلى هذا السبب، فإن الاتصالات بين أفرقاء الفريق الداعم لسليمان فرنجية أسفرت عن ضرورة إعطاء بعض الوقت حتى تبرد السخونة المرافقة لترشيح أزعور، خصوصاً أن احتساب الأصوات في هذه اللحظة لا يعطي نتيجة ثابتة. فيما يراهن كثيرون على أن معركة النصاب ستطل برأسها من جديد”.
وركّزت الصّحيفة على أنّه “يُتوقع أن يُعلِن “التيار الوطني الحر” منفرداً تأييد أزعور. وستبدأ عملية التدقيق في حجم الأصوات التي سيجيرها التيار لمصلحة أزعور، في ظل إصرار بعض النواب على رفض التصويت له أو لفرنجية. وقد دخل هؤلاء في حالة ربط نزاع مع رئيس “التيار” النائب جبران باسيل، ومن غير المعلوم حتى الساعة كيف سيكون رد فعلهم في حال اختصر باسيل موقف التيار بالمؤيدين من دون العودة إليهم”.