كتبت النهار
حط الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي جان ايف لودريان في لبنان، وطار من بيروت، من دون ان يعرف احد ماذا حمل معه في قدومه او في ترحاله. كل فريق قرأ نتائج الزيارة من جانبه. فريق الممانعة والثنائي الشيعي قرأ في الزيارة تثبيتا لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجيه، عبر تأكيد المبادرة الفرنسية السابقة القائمة على المقايضة. والفريق الاخر المعارض ينقل ان لودريان ابلغ فرنجيه في قصر الصنوبر، بان لا امكان لوصوله الى قصر بعبدا قبل ايجاد توافق اوسع عليه، وغطاء مسيحي له. والبعض الاخر رأى ان لودريان جس النبض حول “المرشح الثالث” من قائد الجيش العماد جوزف عون الى الوزير السابق زياد بارود وما بينهما من اسماء، بعضها غير مطروح جديا، الا لدى المقربين والمحيطين به، بما يعني اسقاطا للمرشحين فرنجيه وجهاد ازعور.
لا يتفق اللبنانيون، لا في ما بينهم، ولا امام الاجانب والوسطاء. ويمتنع هؤلاء حتى عن فهم الرسائل الدولية والعربية، اذ يحاول كل فريق اعتبار نفسه المنتصر فيما البلد يخسر المزيد كل يوم، وتتعمق خسارته كلما ابتعدت الاستحقاقات عن مواعيدها، وكلما دهمتنا استحقاقات اخرى شديدة الوطأة على الاوضاع المالية والاقتصادية.
لكن السؤال يبقى عن وجود مبادرة فرنسية جدية من عدمها. وهل تعيين لودريان موفدا شخصيا للرئيس الفرنسي يعني تغييرا في المبادرة؟ وهل كانت مبادرة في الاساس، ام مجرد اقتراح قابل للنقاش، والبناء عليه، او نسفه من اساسه فيما لو جبه بالرفض؟ وهل تمضي باريس في تحدي الاكثرية المسيحية ؟ ام تقدم مصالحها وطلبها “الحماية” من الثنائي لحماية هذه المصالح؟
لكن السؤال الابرز هو عما سمعه لودريان من اللبنانيين لا عما اسمعه لهم؟ هل سمع كلام رجال دولة ام استنتج ان النكايات والحسابات الشخصية والانتقام السياسي هي التي تحكم الخيارات اللبنانية؟ هل سمع افكارا بناءة ومشروعا للدولة والمؤسسات والمستقبل، ام عبروا له عن طموحات شخصية، وحاولوا تحريضه من الواحد على الاخر.
الاكيد ان الحوار الذي لم ينطلق داخليا، مباشرة او بالواسطة، تجهد باريس لاحيائه وتفتش عن السبل الى ذلك، لانها تدرك تأثير المجتمع الدولي على الفرقاء في لبنان، لكنها ايضا تدرك حجم التعطيل الداخلي، ويعرف سيد الاليزيه تماما عدم التزام القادة اللبنانيين بتعهداتهم، ويحذر من كل خربطة داخلية، لذا يسعى الى تقريب وجهات النظر، وربما اعادة توفير تركيبة تحفظ حق الجميع اي تركيبة تقاسم للسلطة.